تبادل اتهامات بين صالح والحوثي وتهديدات بفك الارتباط

«الشعبي» شكا من «إهانات» لأعضائه... و«أنصار الله» اتهموهم بتلقي أموال من هادي

يمنية تبحث في القمامة عما يمكن استخدامه (رويترز)
يمنية تبحث في القمامة عما يمكن استخدامه (رويترز)
TT

تبادل اتهامات بين صالح والحوثي وتهديدات بفك الارتباط

يمنية تبحث في القمامة عما يمكن استخدامه (رويترز)
يمنية تبحث في القمامة عما يمكن استخدامه (رويترز)

عادت التوترات لتخيم على العلاقة بين المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وسط تبادل الاتهامات بعرقلة الاتفاق السياسي بينهما.
وتبادل الطرفان الاتهامات والشتائم، من خلال بيانات ومراسيم رسمية، في خطوة ينظر لها سياسيون يمنيون بأنها النهاية المتوقعة لشراكة بُنيت على قدر كبير من التوظيف المقصود للأدوار في لحظة الانقضاض على الدولة. ووجه حزب «المؤتمر الشعبي العام»، جناح صالح، أمس رسالة إلى ما يسمى المكتب السياسي في جماعة «أنصار الله» (المتمردين الحوثيين) يشكو فيها من «حملات الاستهداف التي تطال قياداته وكوادره». وقال في الرسالة التي بعث بها عارف الزوكا، الأمين العام للحزب (جناح صالح): إن بعض ممثليه في الحكومة، وبينهم وزراء الصحة والتعليم العالي والأوقاف والإرشاد، تعرضوا «للإهانة» على أيدي قياديين حوثيين، وأرفق الرسالة بأسماء 44 شخصا من الحوثيين رأى الحزب أنهم «يسيئون» إلى صالح، مهددا بفض الشراكة.
واعتبر الحزب، أن هذه الإساءات «مؤشرات واضحة ودليل قاطع على عدم وجود رغبة حقيقية لدى الحوثيين لاستمرار الشراكة مع المؤتمر، إلا في إطار السيطرة الكاملة، والاستحواذ»، مؤكدا أنه «لن يقبل بشراكة صورية». من جهته، رد رئيس ما يسمى المكتب السياسي للحوثيين، صالح الصماد، على الرسالة متهماً شخصيات مقربة من صالح «بتلقي أموال» من فريق الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي «لأجل شق الصف» بين الحليفين. وتابع الصماد في رسالته «عن أي شراكة صورية تتحدثون وأنتم المعطلون لدور المجلس السياسي الأعلى والحكومة، ونحن كذلك لا يشرفنا البقاء في مسؤولية صورية تعجز عن إصلاح أبسط الإصلاحات».
ورغم ما تعرض له المحسوبون على صالح من إهانات وصلت حد الصفع على يد الميليشيات الحوثية، حسب ما بينت الأشهر الماضية، فإن رسالة الصماد تحدثت، في المقابل، عن استهداف كل المحسوبين على الحوثيين وكل المتعاطفين معهم في مؤسسات الدولة في حكومة الانقلاب من قبل محسوبين على المؤتمر، وذلك في سياق الاتهامات المتبادلة. وتشهد عدد من الوزارات، منها الخارجية والصحة العامة والإسكان والأوقاف والتعليم العالي والنفط صراعات بين محسوبين على شركاء الانقلاب. وهدد الحوثيون بالمضي قدما في إدارة شؤون البلاد في حال استمر الرفض من قبل المؤتمر. واعتبر سياسيون يمنيون، أن رسالة المؤتمر الشعبي العام عبرت عن المستوى «الحرج جداً» في العلاقة مع الحوثيين. وقال السياسي ياسين التميمي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم يكن الأمر متعلقاً بتجاوزات الـ44 قياديا حوثياً الذين ضمتهم قائمة المؤتمر، كمتورطين في الإساءة إلى جماعة صالح، لكنه يتعلق بفشل الشريكين في إدارة الانقلاب الذي لم يتأسس أبداً على النوايا الحسنة بقدر ما احتفظ بالأجندات المتضادة التي أوصلت الشريكين حالياً إلى مرحلة اللاعودة».
وقال التميمي، إن الحوثيون وجهوا صفعات متتالية لمعسكر المؤتمر، وقاموا بتدابير انتقائية بالغة القوة وتنطوي على الإذلال المتعمد، وهدفهم إسكات أشد المنتقدين لسياساتهم من ناشطين وإعلاميين من حزب المؤتمر. ويرى «أن صالح ينصرف حالياً أكثر فأكثر إلى تدبير مَخرج آمن له ولحزبه من ورطة تبدو معقدة بعد أن اختطف الحوثيون منه معظم الأوراق القوية التي كانت بحوزته، وباتت خياراته محاصرة بيقظة حوثية لا سابق لها، وليس من بين هذه الخيارات إعادة بناء الشراكة المتصدعة، على نحو ما كشفت عنه الرسائل المتبادلة». وأضاف: «هي النهاية المتوقعة لشراكة بنيت على قدر كبير من الانتهازية والتوظيف المقصود للأدوار في لحظة الانقضاض على الدولة والإجماع الوطني».
وقالت رسالة المؤتمر الشعبي إنه «منذ تولي الحوثيين زمام الأمور تم استهداف المؤتمر من قبل قياديين وسياسيين وكتاب صحافيين، وذلك بموافقة القيادة العليا لـ(أنصار الله) الحوثيين». وأفادت الرسالة بأن «ما يتعرض له أنصار المؤتمر تعد اعتداءات تندرج ضمن إطار الممارسات الإرهابية والفكرية والسياسية غير المسؤولة». وأشارت الرسالة أيضا إلى أن «المؤتمر ليس مع شراكة صورية وديكورية، وإنما مع شراكة حقيقية وعملية واحترام بين الشركاء».
ويأتي موقف حزب صالح، بعد أن تزايدت الانتقادات إليه من كافة الأوساط المنتمية لحزب المؤتمر، في الآونة الأخيرة، إثر حملات استهداف لقيادات حزبه من قبل ميليشيات الحوثي، طالت القيادات والوزراء ووصلت إلى حد الصفع داخل مكاتب الوزراء في الحكومة الانقلابية. كما تأتي هذه المواقف في ظل الأنباء عن فرض الحوثيين حصارا مشددا على تحركات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، ومنعه من مغادرة العاصمة، سواء إلى خارجها أو إلى خارج اليمن. ووفقا للمراقبين، فقد اهتزت صورة صالح، خلال الأشهر الماضية، بشكل كبير أمام أنصاره، وبخاصة أن الحوثيين يحظون بدعم إيراني مالي وعسكري وإعلامي. وقد وصلت التطورات بين الطرفين إلى حد نشر الحوثيين صورا (مدبلجة) لصالح وهو في ملابس السجن ويقتاده عدد من قيادات الحوثيين. كما تأتي هذه التطورات في ظل تراجع الانقلابيين في الوضع الميداني وتبادل الطرفين الاتهامات بهذا الخصوص.
وظهرت أول بوادر الانشقاق بين الحليفين في أغسطس (آب) الماضي حين تبادلا الاتهامات بـ«الخيانة»، قبل أن يقتل ضابط برتبة عقيد في القوات الموالية لصالح ومسلحان من المتمردين في اشتباكات غير مسبوقة بين الطرفين في صنعاء. لكن الرئيس اليمني السابق أعلن بعد نحو أسبوع أن تحالفه مع المتمردين مر بأزمة ثقة بعدما خشي الحوثيون من إمكانية الانقلاب عليهم، قبل أن تبدد هذه المخاوف عبر رسائل تطمينية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.