«حرس» إيران يشدد على مواصلة تمديد نفوذها الإقليمي وتطوير الصواريخ

جعفري: نرفض تعميم المفاوضات النووية على مجالات قوة النظام

«الحرس الثوري» يستعرض صاروخ «خرمشهر» الباليستي البالغ مداه ألفي كيلومتر خلال عرض عسكري بطهران نهاية سبتمبر الماضي (نيويورك تايمز)
«الحرس الثوري» يستعرض صاروخ «خرمشهر» الباليستي البالغ مداه ألفي كيلومتر خلال عرض عسكري بطهران نهاية سبتمبر الماضي (نيويورك تايمز)
TT

«حرس» إيران يشدد على مواصلة تمديد نفوذها الإقليمي وتطوير الصواريخ

«الحرس الثوري» يستعرض صاروخ «خرمشهر» الباليستي البالغ مداه ألفي كيلومتر خلال عرض عسكري بطهران نهاية سبتمبر الماضي (نيويورك تايمز)
«الحرس الثوري» يستعرض صاروخ «خرمشهر» الباليستي البالغ مداه ألفي كيلومتر خلال عرض عسكري بطهران نهاية سبتمبر الماضي (نيويورك تايمز)

رد «الحرس الثوري» الإيراني على مواقف أوروبية وأخرى أميركية تعهدت بوقف البرنامج الباليستي، بإصدار بيان أمس، أكد فيه مواصلة تطوير الصواريخ ومد نفوذه الإقليمي «بوتيرة أسرع» على الرغم من الضغوط، فيما قال قائد «الحرس الثوري» محمد جعفري، أمس، في بيان منفصل إن «جغرافية نفوذ» بلاده في الوقت الحالي «غير قابلة للتحكم»، عادّاً أن دعوات «تعميم المفاوضات النووية على مجالات قوة النظام» تأتي بالتزامن مع «بداية مرحلة تكامل الثورة الإيرانية» التي تقضي على الحضارة الغربية؛ حسب زعمه. وقال «الحرس الثوري» في بيان رسمي نشره الموقع الإعلامي الناطق باسمه «سباه نيوز» أمس إن «تطوير القدرات الصاروخية يتواصل بوتيرة أسرع»، مشيرا إلى أن العقوبات «لم توقف تطوير البرنامج».
وتأتي الخطوات التصعيدية من «الحرس الثوري» في سياق الرد الإيراني على خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة الماضي برفض التصديق على الاتفاق النووي وإعادته إلى الكونغرس، وإعلانه عن استراتيجية لمواجهة ما وصفه بتهديد إيران المتنامي في المنطقة، خصوصا برنامج الصواريخ الباليستية.
ووصف بيان «الحرس الثوري» الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«المارق والأحمق»، وزعم البيان أن موقفه «دليل على فشل السياسات الأميركية والصهيونية لتغيير خريطة المنطقة وتقسيم الدول»، كما عدّ أن أميركا «غاضبة» من دور قوات «الحرس الثوري» في المنطقة.
ويشدد «الحرس الثوري» في البيان على أنه «أكثر عزما من السابق على مواصلة رسالته الثورة».
والجمعة الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب استراتيجية لمواجهة الصواريخ الباليستية، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على كيانات في «الحرس الثوري» على صلة بالبرنامج الصاروخي.
وأقر مجلس الأمن بالإجماع الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في 2015، متحملا بذلك مسؤولية مراقبة حسن تطبيقه. وتعرض قرار ترمب لموجة انتقادات حادة من قبل شركاء واشنطن في الاتفاق؛ فقد انتقده الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن؛ فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، وكذلك ألمانيا من خارج المجلس.
ورغم معارضة حلفاء واشنطن الأوروبيين (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) فإن الدول الثلاث شددت على ضرورة التصدي للبرنامج الصاروخي وخطر التغلغل الإيراني في المنطقة.
وفرضت واشنطن جملة من العقوبات على كيانات «الحرس الثوري»، وقالت إن البرنامج الصاروخي «يعارض روح الاتفاق النووي».
في سياق متصل، قال قائد «الحرس الثوري» محمد جعفري إن الحضارة الغربية تواجه تحديا جديا بسبب ما عدّه تنامي «الثورة» الإيرانية، مؤكدا أن بلاده تواصل مسارها القوي تحت تأثير توصيات المرشد الإيراني علي خامنئي لإقامة «حضارة إسلامية». وصرح بأن «ثورة» بلاده «في طور الاتساع»، مشددا على أن «جغرافية نفوذها غير قابلة للتحكم».
وأوضح جعفري أن بلاده تشهد حاليا «بداية مرحلة تكامل الثورة الإيرانية» وأضاف: «مرحلة من أبرز مؤشراتها تصاعد عواء المفاوضات وتعميم نموذج المفاوضات النووية على مجالات قوة النظام».
وفي إشارة ضمنية إلى قرار ترمب، قال جعفري إن «تنشيط تهديدات الأعداء ضد الشعب الإيراني أظهر أن أولويات النظام هي تنمية القدرات الدفاعية لإمطار الأعداء بالقذائف النارية»، لافتا إلى أن قواته «تتعهد بالوقوف أمام الأعداء في سياق العبور من المرحلة الثالثة للثورة الإيرانية».
وذكر جعفري أن أميركا وحلفاءها الإقليميين «لو كان بإمكانهم لألحقوا الضرر بإيران خلال 40 عاما، وما كانوا ليضعوا دقيقة من أجل ذلك».
وجاء بيان جعفري للإشادة بالمواقف الداخلية الداعمة لـ«الحرس الثوري». وكانت التيارات السياسية المحسوبة على الجناح الإصلاحي المعتدل أعلنت عن تأييدها سياسات «الحرس الثوري» الإقليمية، خصوصا المتعلقة بالبرنامج الصاروخي، بعد ما تم تداوله الأسبوع الماضي عن عزم الولايات المتحدة تصنيف «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية.
وكان جعفري توعد باعتبار القوات الأميركية في خندق واحد مع تنظيم داعش. كما تحدث جعفري عن تنسيق جيد بين «الحرس» ووزارة الخارجية الإيرانية أمام مواقف أعداء النظام. وتأتي تصريحات جعفري غداة كلمة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي طالبت فيها أعضاء مجلس الأمن بالتصدي لإيران بسبب سلوكها «العدواني والمزعزع للاستقرار والمنتهك للقوانين» في المنطقة.
وكانت هيلي تتحدث في الاجتماع الشهري لمجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط في أول خطاب لها عقب رفض ترمب التصديق على الاتفاق النووي. وقالت هيلي إن «الولايات المتحدة انطلقت في مهمة تهدف إلى التصدي للسلوك الإيراني المدمر بجميع جوانبه، وليس جانبا واحدا منه». وأضافت: «من الضروري أن يقوم المجتمع الدولي بالأمر ذاته». وأشارت في كلمتها إلى صفقات بيع الأسلحة والدعم العسكري لجهات مقاتلة في اليمن وسوريا ولبنان، على أنها تشكل أمثلة على انتهاك إيران قرارات الأمم المتحدة، عادّةً إجراء إيران تجارب صاروخية «التهديد الأخطر الذي يشكله النظام الإيراني»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت هيلي: «إيران يجب أن تحاكم على مجمل سلوكها العدواني والمزعزع للاستقرار والمنتهك للقوانين»، مؤكدة أن «هذا المجلس أمامه الآن فرصة لتغيير سياسته تجاه النظام الإيراني».
في شأن متصل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، إلى ضمان التزام إيران الصارم بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».
وقال مكتب ماكرون في بيان بعد أن اجتمع الرئيس الفرنسي مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو: «دعا الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ضمان الالتزام الصارم ببنود الاتفاق بجميع أبعادها».



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.