«40 عاماً من التعاون الآثاري بين الإمارات وفرنسا»

الشارقة تحتضن المعرض احتفاء بالشراكة الوثيقة بين البلدين

TT

«40 عاماً من التعاون الآثاري بين الإمارات وفرنسا»

«40 عاماً من التعاون الآثاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا»، معرض افتتحه حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في متحف الشارقة للآثار. وتستمر فعالياته من 18 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى 31 يناير (كانون الثاني) 2018، بالشراكة التاريخية الوثيقة التي جمعت ما بين البلدين، خلال هذه الفترة التي كانت فِرق التنقيب التي قادتها البعثة الآثارية الفرنسية قد باشرت أعمالها في عدة أجزاء من الدولة في كل من أبوظبي والشارقة والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين.
شارك في هذا الحدث كلّ من المعهد الفرنسي في الإمارات، وهيئة الشارقة للآثار، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وهيئة الفجيرة للسياحة والآثار، ودائرة الآثار والتراث في أم القيوين، ودائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة.
يُنظَّم المعرض بالتعاون مع المعهد الفرنسي في دولة الإمارات العربية المتحدة والقسم الثقافي في السفارة الفرنسية، وبدعم من اليونيسكو، وذلك احتفاءً بمرور 40 عاماً على انطلاق التعاون بين الإمارات وفرنسا في مجال الآثار. وتتولى مهمة «القيّم الضيف على أعمال المعرض» الدكتورة صوفي ميري عالمة الآثار والفخاريات والمتخصصة بالتاريخ الحديث في المنطقة العربية، وكانت الدكتورة ميري قد قادت البعثة الآثارية الفرنسية إلى أبوظبي ما بين 1995 و1999، ومنذ ذلك الوقت وهي ترأس البعثة الآثارية الفرنسية في الإمارات.
ويتضمن المعرض الفريد الذي انطلق تحت اسم «40 عاماً من التعاون الآثاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا» أكثر من 100 قطعة أثرية فريدة كانت البعثة الآثارية الفرنسية قد اكتشفتها منذ انطلاق أعمالها عام 1977 في الإمارات، وذلك بالتعاون مع المختصين في الدولة.
وتسهم مجموعة الآثار المتنوعة المعروضة التي تشمل الحلي والفخاريات والمباخر والأسلحة وغير ذلك من الآثار المكتشفة في توسيع فهم تاريخ الإمارات، كما تلقي نظرة عميقة عبر تاريخ الإمارات باعتباره مركز الطرق التجارية والمنطقة عبر التاريخ الذي يمتد لقرابة 7500 سنة.
وكانت فرق العمل التي تديرها البعثة الفرنسية قد باشرت عمليات التنقيب عام 1977 في مناطق جبل حفيت، والهيلي، والرميلة ضمن المنطقة الغربية في إمارة أبوظبي. وفي عام 1985، توسع العمل ليشمل مواقع أخرى في الشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة، فيما وصل إلى الفجيرة عام 1999. ومن خلال العمل المتواصل كل عام من دون توقف، تمكنت فرق العمل من إنجاز عمليات تنقيب كثيرة أفضت إلى اكتشافات بالغة الأهمية، التي تعود بالتاريخ إلى العصر الحجري الحديث وتتضمن القطع الأثرية المعروضة مجموعة من رؤوس السهام المصنوعة من حجر الصوان، وتجهيزات مستخدمة لصيد أم اللآلئ، وأعمالاً فخارية مزخرفة، ومجموعة من الحلي المصنوعة من الأصداف.
أمّا القطع المكتشفة من العصر البرونزي في المعرض، فتتضمن قطعاً أثرية فخارية مصنوعة محلياً وفي أماكن أخرى من المنطقة، التي تكشف أهمية الإمارات باعتبارها مركزاً تجارياً. أمّا الآثار المكتشفة من العصر الحديدي، فتتضمن مجموعة من الأسلحة، مثل رؤوس سهام مصنوعة من النحاس وخنجر من البرونز. كما تبين الآثار المكتشفة مدى التطور في صناعة الفخاريات من خلال المباخر والتماثيل ذات التفاصيل المعقدة. أمّا أبرز المعروضات من أواخر فترة ما قبل الإسلام، فتتضمن عملات فضية، ورأس ثور من البرونز، ولوحة برونزية منقوشة باللغة الآرامية. فيما تتضمن القطع المكتشفة من العصر الإسلامي مجموعة هائلة من الفخاريات والخزف المصنوعة محلياً، أو جُلِبت إلى الإمارات من إيران والصين وتايلاند.
وأكدت منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف لـ«الشرق الأوسط» أن «التعاون ما بين فرنسا والإمارات في مجال الآثار يحظى بأهمية بالغة ضمن المساعي الرامية لاكتشاف التاريخ القديم في الإمارات والمنطقة بأكملها. وقد كشفت أعمال التنقيب كثيراً من الكنوز التي وفرت لنا المعرفة والمعلومات الغنية عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكان هذه المنطقة في الماضي، بدءاً من العصر الحجري الحديث وانتهاءً بفترة الحكم الإسلامي».
وأضافت: «تمثل هذه الاكتشافات، بالنسبة للزائرين، فرصة مذهلة للتعرف على تاريخ الإمارات وإرثها الحضاري، إضافة إلى التعرف على الدور المهم للآثار المكتشفة التي كانت من صنع الإنسان، والمواقع التاريخية، التي تضفي مزيداً من الثراء على هوية الدولة».
وقال لودوفيك بوي، السفير الفرنسي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: «إنّه لفخر كبير بالنسبة لنا أن تشارك فرنسا في تنظيم هذا الحدث مع متحف الشارقة للآثار، وبالتعاون مع الهيئات في خمس إمارات كانت البعثة الفرنسية قد نفذت فيها عمليات البحث، التي أتوجه لها بالشكر الجزيل. كما أنّنا حظينا بشرف الرعاية الكريمة حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي أتقدم له بالعرفان والتقدير. كما أعرب عن شكري للدكتورة صوفي ميري، مديرة البعثة الآثارية الفرنسية، التي وضعت على عاتقها أمانة هذا المعرض بكل تفانٍ وشغف. ولا يمكننا الاحتفال بهذه المناسبة المهمة من دون عرض المقتنيات الأثرية التي اكتشفت بفضل التعاون الوثيق ما بين البلدين». وأضاف: «أنا مسرور لكون هذا المشروع الثقافي والعلمي الطموح، الذي يغطي معظم أجزاء دولة الإمارات، سيكتمل بتنظيم هذا المعرض الذي يكشف بدوره عن حجم العمل الهائل الذي نفذه المتخصصون الإماراتيون والفرنسيون في مجال الآثار، والذين عملوا بكل حماسة لفهم التاريخ الإماراتي وما يتميز به من ثراء وأصالة وتنوع، وتسليط الضوء على تفاصيله. لا شك أنّنا سنحظى بدعم أكبر في مساعينا المشتركة لمواجهة التطرف والقضاء عليه بالاعتماد على الثقافة والتعليم، وكل ما آمله هو أن يُسهِم هذا المعرض في تحفيز الشباب على المشاركة في اكتشاف التاريخ الإماراتي الغني، وحثهم على مواصلة مسيرتهم المهنية في هذا المجال».
يسلط هذا المعرض الضوء على الفترة الزمنية الممتدة بين العصر الحجري الحديث وحتى فترة متأخرة من العصر الإسلامي حيث قام باحثون دنماركيون (سبقوا الفرنسيين) في نهاية الخمسينات من القرن العشرين بإجراء أول بحث علمي عن الآثار في منطقة أم النار بأبوظبي، أما علماء الآثار الفرنسيون فقد دشنوا أول أعمالهم التنقيبية في الإمارات لأول مرة في منطقة الهيلي بالعين. وكما تؤكد د. صوفي ميري، فإن هذا المعرض يُعّد مناسبة غير مسبوقة لعرض بعض الاكتشافات التي استخرجت من المواقع الرئيسية الأحد عشر التي حُفرت من قبل الفرنسيين بالشراكة مع سلطات إمارة أبوظبي منذ سنة 1977 والشارقة منذ 1985 وأم القوين ورأس الخيمة والفجيرة منذ سنة 2000.
والدكتورة ميري من أبرز علماء الآثار المتخصصين في التاريخ القديم للجزيرة العربية. وكانت قد قادت البعثة الآثارية الفرنسية في أبوظبي بين عامي 1995 و1999 ثم تولت بعدها قيادة البعثة الفرنسية العاملة في الإمارات حتى يومنا هذا.



الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
TT

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية، عكس - وفقاً لعدد من الزوّار - غنى الموروث المصري وتنوّعه من منطقة إلى أخرى.

فرق فنيّة أدت رقصات «التنورة» و«الرقص النوبي» و«الدبكة السيناوية» (الشرق الأوسط)

الفعاليات التي انطلقت، الأحد، في إطار مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اشتملت على عدد من العروض والحفلات الغنائية واستعراض للأزياء التقليدية، والأطعمة الشهية، والفلكلور الشعبي، واللهجات المحلية، لترسم لوحة فنية تعبر عن جمال التنوع المصري.

وتحولت أركان «حديقة السويدي» إلى عرض للأزياء التقليدية من مختلف مناطق مصر، حيث عكست أزياء النوبة، والصعيد، وسيناء، والدلتا، تفردها في الألوان والتصاميم، وتميّز كل زي بطابع جغرافي واجتماعي فريد، مما منح الزوار من المواطنين السعوديين أو المقيمين، فرصة للتعرف على جمال التراث المصري الذي يعبر عن الحرفية والإبداع الفني.

طفل مصري يؤدي وصلة غنائية خلال «أيام مصر» (الشرق الأوسط)

وعلى صعيد المطبخ المصري، أتيحت للزوار فرصة تذوق أشهر الأطباق المصرية التي تعبر عن غنى المطبخ المصري بتنوعه، وبرزت أطباق المطبخ المصري الشهيرة على غرار «الكشري»، و«الملوخية»، و«المسقعة»، و«الفطير المشلتت»، لتقدم تجربة فريدة جمعت بين الطعم التقليدي وطرق الطهي المتنوعة التي تميز كل منطقة.

وتضمّنت فعاليات «أيام مصر» عروضاً موسيقية حيّة ورقصات شعبية مستوحاة من التراث المصري، وأدّت فرق فنية رقصات مثل «التنورة»، و«الرقص النوبي»، و«الدبكة السيناوية»، التي عكست أصالة الفلكلور المصري وفرادته، وسط تفاعل كبير من الجمهور.

وأبدى عدد من الزوّار لـ«الشرق الأوسط» سعادتهم بفعالية «أيام مصر»، وأعرب بعضهم عن شعوره بأجواء تعيدهم إلى ضفاف النيل، وواحات الصحراء، وسحر الريف المصري، واستكشف عدد منهم تنوع الثقافة المصرية بكل تفاصيلها، وأكّد المسؤولون عن المبادرة أن الفعالية شكّلت فرصة لتقارب الشعوب والمجتمعات في السعودية وتبادل التجارب الثقافية.

جانب من الفعاليات (الشرق الأوسط)

وتأتي هذه الفعالية ضمن مبادرة لتعزيز التفاعل بين المقيمين والزوار من مختلف الجنسيات، حيث تهدف إلى تسليط الضوء على الثقافات المتنوعة التي يحتضنها المجتمع السعودي، وتشكل «أيام مصر» نموذجاً حياً لرؤية السعودية نحو مجتمع غني بتعدد الثقافات ومتسق مع قيم التسامح التي اشتملت عليها «رؤية السعودية 2030».