«سوريا الديمقراطية» تستعد لتسليم الرقة إلى مجلس مدني

جولة جديدة من مفاوضات آستانة في نهاية أكتوبر

«قوات سوريا الديمقراطية» داخل مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم داعش المتطرف            (إ.ب.أ)
«قوات سوريا الديمقراطية» داخل مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم داعش المتطرف (إ.ب.أ)
TT

«سوريا الديمقراطية» تستعد لتسليم الرقة إلى مجلس مدني

«قوات سوريا الديمقراطية» داخل مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم داعش المتطرف            (إ.ب.أ)
«قوات سوريا الديمقراطية» داخل مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم داعش المتطرف (إ.ب.أ)

بعدما طردت تنظيم داعش المتطرف من مدينة الرقة، معقله الأبرز سابقاً في سوريا، تستعد «قوات سوريا الديمقراطية» لتسليم المدينة إلى مجلس مدني لإدارة شؤونها.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الخميس) بأن بعض المواقع العسكرية التي انتشرت فيها «قوات سوريا الديمقراطية» خلال الأسابيع الماضية بعد السيطرة عليها، خلت من المقاتلين؛ ما يؤشر إلى تخفيف الوجود العسكري في المدينة المدمرة بدرجة كبيرة.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف الفصائل الكردية العربية المدعوم من واشنطن، الثلاثاء سيطرتها بشكل كامل على مدينة الرقة بعد طرد عناصر التنظيم من آخر نقاط تمركزهم وتحديداً المشفى الوطني والملعب البلدي ودوار النعيم.
ومن دوار النعيم في مدينة الرقة، قالت القيادية في حملة «غضب الفرات» روجدا فلات: «انسحبت بعض القوات، لكن سنبقى موجودين في المدينة حتى ننتهي من عمليات التمشيط القليلة المتبقية، ثم نسلمها إلى مجلس الرقة المدني»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأُنشئ مجلس الرقة المدني الذي يضم وجهاء من أبرز عشائر الرقة وشخصيات سياسية، في أبريل (نيسان) الماضي لإدارة المدينة وريفها، بينما كانت العمليات العسكرية جارية لطرد التنظيم المتطرف من المحافظة.
وقال مدير المكتب الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي: «بعد انتهاء العمليات العسكرية، انتقل قسم كبير من القوات من الرقة إلى مناطق أخرى، بينها (محافظة) دير الزور» شرقا، حيث تخوض تلك القوات معارك ضد «داعش».
وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على كامل المدينة بعد اتفاق برعاية مجلس الرقة المدني سلم بموجبه المئات من عناصر التنظيم أنفسهم إلى تلك القوات.
ولا تزال عمليات التمشيط مستمرة في المدينة بحثاً عن عناصر متوارية من التنظيم، ولتفكيك الألغام التي زرعها المتطرفون بكثافة.
وقال المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سلو، الخميس، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه لم يعثر حتى الآن على عناصر متوارية من التنظيم المتطرف، مشيراً إلى أن التحقيقات جارية مع المستسلمين منهم.
وصرح سلو «تقوم استخبارات تابعة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) بالتحقيق معهم، وبينهم أجانب من جنسيات مختلفة ومقاتلون محليون».
وتشكل السيطرة على مدينة الرقة نكسة كبرى لتنظيم داعش الذي مُني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور.
وفقد التنظيم، وفق التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، 87 في المائة من أراضي «الخلافة» التي أعلنها في البلدين في العام 2014.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات في كازاخستان انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين النظام السوري وممثلين لفصائل المعارضة يومي 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) في آستانة للتفاوض، خصوصا في مصير الرهائن والأسرى.
وستكون هذه الجولة التي أعلنت غداة زيارة إلى موسكو يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، السابعة من المفاوضات التي ترعاها روسيا وإيران حلفيتا دمشق، وتركيا التي تدعم فصائل معارضة، والتي أدت خصوصا إلى تشكيل أربع مناطق لخفض التوتر في سوريا.
وأعلنت وزارة خارجية كازاخستان في بيان «من المقرر خلال المحادثات تأكيد أسس مجموعة عمل من أجل إطلاق سراح الرهائن والأسرى ونقل الجثث والبحث عن مفقودين».
وتابع البيان، أن المشاركين سيتناولون أيضا المسائل المتعلقة بالإرهاب، ويتبنون «بيانا مشتركا» حول نزع الألغام.
وتركز محادثات السلام في آستانة على المسائل العسكرية والتقنية، وتتم بموازاة محادثات سياسية في جنيف.
وتهدف المحادثات إلى وضع حد للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من 330 ألف شخص، وأدى إلى نزوح الملايين في غضون ست سنوات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم