«موازنة فك الاشتباك» في البرلمان اللبناني لليوم الثاني

المعارضة: من المفترض أن نناقش موازنة 2018 لا السنة الحالية

TT

«موازنة فك الاشتباك» في البرلمان اللبناني لليوم الثاني

استأنف مجلس النواب اللبناني، أمس، جلسته العامة لمناقشة مشروع الموازنة لعام 2017 الذي انتهى فعلياً، وأعطاها عضو في البرلمان تسمية «موازنة فك الاشتباك»؛ وهو ما دفع النائب سامي الجميل إلى التأكيد بأنه «يجب دراسة موازنة السنة القادمة»، ذلك أن «الموازنة الحالية صرفت أموالها وجبيت ضرائبها».
وعلى الرغم من أن موازنة 2017 المطروحة أمام البرلمان تم صرفها في معظمها، فإن إقرارها يؤسس ليبنى عليها في الموازنات اللاحقة. واستباقاً للانتقادات التي طالت مناقشة الموازنة بعد صرف أموالها خلال العام الحالي، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أنور الخليل: «كل قانون أساسي يجب أن يكون في أول ما يكون قانوناً إصلاحياً، والموازنة هي من القوانين الأساسية، وكذلك قانون الانتخاب»، لافتاً إلى أن الموازنة «أتتنا من دون أن يكون فيها أي إصلاح حقيقي». وأضاف: «إذا أردت أن أعطي اسما لموازنة العام 2017 فأكثر ما يصح تسميتها أنها موازنة فك الاشتباك». وأكد وقال: «لا توجد محاربة للفساد في حال لم يكن هناك إصلاح حقيقي»، متسائلا: «لماذا هناك وزير لمكافحة الفساد، وماذا فعل، ولماذا هناك وزير للتخطيط؟ الظاهر أنه لا توجد نية حقيقية للإصلاح».
ورغم ذلك، تمثل مناقشة الموازنة خطوة أساسية لترشيد الإنفاق المالي في الدولة، وأشار النائب إسطفان الدويهي، إلى أنه «صحيح أن إقرار الموازنة بعد سنوات من الغياب حدث مهم، إلا أن الصحيح أيضا الحاجة إلى رؤية واضحة علمية تسهم في الحد من حالة الانهيار التي تتهدد البلاد».
وسأل عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون في كلمة خلال الجلسة المسائية المخصصة لمناقشة مشروع قانون الموازنة: «لماذا لم تقر طيلة الـ12 سنة الماضية؟»، وقال: «نشعر اليوم بأن بلاطة التعطيل أزيحت عن قلبنا، وحان الوقت لورشة إصلاح الدولة التي ليست كلاما، بل هي عمل جبار لا يتحقق بالكلام، إنما بالعمل». وأشار إلى أن «مجرد إقرار الموازنة هو الخطوة الأولى لعودة الأمور إلى نصابها»، لافتا إلى أن «البعض لا يمكن أن يعيش إلا على السلبيات ودفع الناس إلى اليأس، ولا يتقبل أن عجلة الدولة انطلقت في هذا العهد».
من جهته، أشار ممثل «حزب الله» في البرلمان النائب نواف الموسوي، إلى أن «موازنة العام 2017 تعتبر تأسيسية بعد 12 عاما من غياب الموازنات العامة». ولفت إلى أن «المجلس النيابي مطالب بإقفال ثقوب الخزينة»، مشيرا إلى أن «اللبنانيين لن يقتنعوا بفرض ضرائب عليهم إلا بمكافحة الفساد، وأنه لا يمكن القيام بأي شيء ضد الموظفين الكبار إلا بقرار سياسي».
واستدعت خطوة مناقشة الموازنة التي أرسلتها الحكومة إلى البرلمان، انتقادات من قبل نواب المعارضة، وأبرزهم رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل الذي أعلن «إننا نقدم للبنانيين مجلس نواب ممددا له مرتين ونناقش موازنة سنة 2017... السنة انتهت والأموال صرفت»، مؤكدا أنه «من المفترض أن نكون نناقش موازنة 2018». وقال: «الموازنة اليوم هي تطبيق لقرار المجلس الدستوري كي نجبي الضرائب التي أقرت منذ شهر وإعلان انتصارات وهمية لها علاقة بموازنة انتهت». ورأى أن «عدم احترام المهل وعدم وجود قطع حساب»، معتبرا أن «ما نفعله اليوم هو صورة مصغر للنهج السياسي القائم في البلد بدءا من عدم احترام النصوص القانونية والدستورية».
وقال الجميل: «كنا نتمنى لو أن الحكومة سحبت الموازنة ونقّحتها، لكننا اليوم أمام إقرار موازنة 2018 بطريقة دستورية»، لافتاً إلى أنه «من دون قطع الحساب نسحب من مجلس النواب صلاحيته الرقابية الأساسية»، وقال: «نحن نسحب صلاحية ديوان المحاسبة بالاطلاع والتصديق على قطع الحساب وإرسال تقريره إلى مجلس النواب».
ومن شأن «قطع الحساب» أن يبين الكشف المالي الدقيق لعمليات الإنفاق للدولة ووجهة الصرف. غير أن خلافاً سياسيا مالياً اندلع قبل 12 عاماً تسبب في التوقف عن إقرار الموازنة وقطع الحساب، بعد أن اكتشفت الحكومة ومجلس النواب أن 11 مليار دولار قد تم صرفها من دون تحديد وجهتها.
وأدى هذا «الضياع» في الأرقام إلى نشوب حروب كلامية في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة واستمر أعواماً، لكن السنيورة كان يؤكد استعداده لتبيان «كل قرش» صرف في حكومته.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.