كتاب موسوعي عن «فلسفة أمين الرّيحاني»

كتاب موسوعي  عن «فلسفة أمين الرّيحاني»
TT

كتاب موسوعي عن «فلسفة أمين الرّيحاني»

كتاب موسوعي  عن «فلسفة أمين الرّيحاني»

كتاب بعنوان «محاور في فلسفة أمين الرّيحاني» صدر حديثاً عن «مؤسسة الفكر اللبناني» وهو مجلّد في 715 صفحة من الحجم الكبير. ويضم هذا الكتاب اثنين وعشرين بحثاً قدمت خلال المؤتمر الدولي حول فلسفة أمين الرّيحاني، الذي نظّمته «مؤسّسة الفكر اللبنانيّ» في «جامعة سيّدة اللويزة» بالتعاون مع برنامج أنيس المقدسي للآداب في «الجامعة الأميركيّة» في بيروت، وشارك فيه باحثون في الفلسفة والعلوم الإنسانيّة من إحدى عشرة جامعة من لبنان والعالم العربي وأستراليا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركيّة.
يشتمل الكتاب على عشرة محاور يسبقها باب افتتاحي بعنوان: في رواق الفلسفة الرّيحانيّة، وفيه بحثان: الأوّل: صورة الفلسفة في كتابات أمين الرّيحاني لمحمد علي العريبي، والثاني: فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة لوفاء شعراني، وباب ختامي بعنوان أفكار للمستقبل، وفيه خاتمة بعنوان تحوّلات أو الرّيحاني ونظرات هايدغر المحدّقة بقلم جو يعقوب. أمّا المحاور فهي: فلسفة النشوء الاجتماعي والترقي الروحي، الفلسفة العلائيّة، مرآة صوفيّة، فلسفة وحدة الوجود ووحدة الأديان، تجلّيّات الفكر النقدي، الفلسفة المثاليّة الألمانيّة، الفلسفة العقلانيّة، الإسلام وفلسفة نيتشه، فلسفة الالتزام القوميّ، فلسفة المدينة العظمى والتمدّن الحديث، وفلسفة النزوع الإنساني وروح الزمان. ومن بحوث الكتاب: الخطاب الفلسفي في رواية الرّيحاني زنبقة الغَور لسلمى عبد الله، الفلسفة العلائيّة عند الرّيحاني لسافو كرم، الرّيحاني أمام مرآة صوفيّة بقلم سعاد الحكيم، وحدة الوجود عند الرّيحاني لنتالي خوري غريب، نقد الفكر الديني بقلم نائلة أبي نادر، تشكيل اسم الله في كتاب خالد بقلم جاد حاتم، الرّيحاني والفلسفة المثاليّة الألمانيّة لشادي رحمة، عقلانيّة الرّيحاني بين المنهج الديكارتي والنقديّة الكانطيّة بقلم أنطوان مكرزل، الرّيحاني في رواية جُهان بين المعتقد الإسلامي والمقترب النيتشوي لفرنشيسكو مديتشي، فلسفة الالتزام القومي عند الرّيحاني بقلم يوسف كمال الحاج، الثابت والمتحوّل في خطاب الرَّيحاني القومي لعلي حميّة، سؤال العروبة في فلسفة الرّيحاني لناصيف قزّي، فلسفة المدينة العظمى لدى الرَّيحاني لخنجر حميّة، الرّيحاني الرؤيويّ: التمدن الحديث وموقعنا منه بقلم أسمى شملي حلواني، مسألة الهُوّيّة في فكر الرَّيحاني لأحمد الشبول، فلسفة النزعة الإنسانيّة الحديثة لنجمة حجّار، شريد نيويورك في مطلع القرن العشرين بقلم بول جهشان.
والبارز في هذا الكتاب الموسوعي ما يتضمّنه من مقارنات ثريّة بين الرّيحاني وعدد من الفلاسفة العرب والعالميين واتجاهاتهم الفلسفيّة: كفلسفة العمران عند ابن خلدون وابن رشد، والمدينة الفاضلة عند الفارابي وجمهوريّة أفلاطون، وصوفيّة الحلّاج وابن إدريس، وعقلانيّة أرسطو وديكارت، ونقديّة كانط، ومثاليّة هيغل، وشوبنهاور، وأخلاقيّة سبينوزا، وعلائية بيرك وأمرسون، وعلمانيّة فرح أنطون، ووجوديّة سارتر، وتحوّلات هايدغر الفلسفيّة تجاه معضلة الزمن.
تجدر الإشارة إلى أن الأبحاث المنشورة في الكتاب أعدت بواحدة من اللغات الثلاث: العربيّة أو الإنجليزيّة أو الفرنسيّة؛ وبعد كلّ بحث لائحتان بالمراجع: الأولى ثبت بالمراجع المتعلّقة مباشرة بالبحث، والثانية بالمراجع ذات الصلة بالموضوع العام المطروح. أمّا المحاور فتليها لائحتان أخريان بالمراجع: الأولى حول كتابات الرّيحاني ضمن المحور المعيّن، والثانية حول المراجع التي تناولت الرَّيحاني ضمن هذا المحور أو ذاك.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»
TT

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة أو أن تُحسب دراسته، على الرغم من التفصيل والإسهاب في مادة البحث، أحدَ الإسهامات في حقل النسوية والجندر، قدر ما يكشف فيها عن الآليات الآيديولوجية العامة المتحكمة في العالمَين القديم والجديد على حد سواء، أو كما تابع المؤلف عبر أبحاثه السابقة خلال أطروحته النظرية «العالم... الحيز الدائري» الذي يشتمل على أعراف وتقاليد وحقائق متواصلة منذ عصور قديمة وحديثة مشتركة ومتداخلة، وتأتي في عداد اليقين؛ لكنها لا تعدو في النهاية أوهاماً متنقلة من حقبة إلى أخرى، وقابلة للنبذ والنقض والتجدد ضمن حَيِّزَيها التاريخي والاجتماعي، من مرحلة الصيد إلى مرحلة الرعي، ومنهما إلى العصرَين الزراعي والصناعي؛ من الكهف إلى البيت، ومن القبيلة إلى الدولة، ومن الوحشية إلى البربرية، ومنهما إلى المجهول وغبار التاريخ.

ويشترك الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «الياسمين» بالقاهرة، مع أصداء ما تطرحه الدراسات الحديثة في بناء السلام وحقوق الإنسان والعلوم الإنسانية المتجاورة التي تنشد قطيعة معرفية مع ثقافة العصور الحداثية السابقة، وتنشئ تصوراتها الجديدة في المعرفة.

لم يكن اختيار الباحث فالح مهدي إحدى الظواهر الإنسانية، وهي «المرأة»، ورصد أدوارها في وادي الرافدين ومصر وأفريقيا في العالمَين القديم والجديد، سوى تعبير عن استكمال وتعزيز أطروحته النظرية لما يمكن أن يسمَى «التنافذ الحقوقي والسياسي والقانوني والسكاني بين العصور»، وتتبع المعطيات العامة في تأسس النظم العائلية الأبوية، والأُمّوية أو الذرية، وما ينجم عن فضائها التاريخي من قرارات حاكمة لها طابع تواصلي بين السابق واللاحق من طرائق الأحياز المكانية والزمانية والإنسانية.

إن هذه الآليات تعمل، في ما يدرسه الكتاب، بوصفها موجِّهاً في مسيرة بشرية نحو المجهول، ومبتغى الباحث هو الكشف عن هذا المجهول عبر ما سماه «بين غبار التاريخ وصورة الحاضر المتقدم».

كان الباحث فالح مهدي معنياً بالدرجة الأساسية، عبر تناول مسهب لـ«المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ، بأن يؤكد أن كل ما ابتكره العالم من قيم وأعراف هو من صنع هيمنة واستقطاب الآليات الآيديولوجية، وما يعنيه بشكل مباشر أن نفهم ونفسر طبيعةَ وتَشكُّلَ هذه الآيديولوجيا تاريخياً ودورها التحويلي في جميع الظواهر؛ لأنها تعيد باستمرار بناء الحيز الدائري (مفهوم الباحث كما قلت في المقدمة) ومركزة السلطة وربطها بالأرباب لتتخذ طابعاً عمودياً، ويغدو معها العالم القديم مشتركاً ومتوافقاً مع الجديد.

إن مهدي يحاول أن يستقرئ صور «غبار التاريخ» كما يراها في مرحلتَي الصيد والرعي القديمتين، ويحللها تبعاً لمسارها في العهد الحداثي الزراعي الذي أنتج النظم العائلية، وبدورها أسفرت عن استقرار الدول والإمبراطوريات والعالم الجديد.

يرصد الكتاب عبر تناول مسهب «المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ في ظل استقطاب آيديولوجيات زائفة أثرت عليها بأشكال شتى

ويخلص إلى أن العصر الزراعي هو جوهر الوجود الإنساني، وأن «كل المعطيات العظيمة التي رسمت مسيرة الإنسان، من دين وفلسفة وعلوم وآداب وثقافة، كانت من نتاج هذا العصر»، ولكن هذا الجوهر الوجودي نفسه قد تضافر مع المرحلة السابقة في عملية بناء النظم العائلية، وأدى إليها بواسطة البيئة وعوامل الجغرافيا، بمعنى أن ما اضطلع به الإنسان من سعي نحو ارتقائه في مرحلتَي الصيد والرعي، آتى أكله في مرحلة الزراعة اللاحقة، ومن ثم ما استُنْبِتَ في الحيز الزراعي نضج في الحيز الصناعي بمسار جديد نحو حيز آخر.

ومن الحتم أن تضطلع المعطيات العظيمة التي أشار إليها المؤلف؛ من دين وفلسفة وعلوم وآداب زراعية؛ أي التي أنتجها العالم الزراعي، بدورها الآخر نحو المجهول وتكشف عن غبارها التاريخي في العصرَين الصناعي والإلكتروني.

إن «غبار التاريخ» يبحث عن جلاء «الحيز الدائري» في تقفي البؤس الأنثوي عبر العصور، سواء أكان، في بداية القرن العشرين، عن طريق سلوك المرأة العادية المسنّة التي قالت إنه «لا أحد يندم على إعطاء وتزويج المرأة بكلب»، أم كان لدى الباحثة المتعلمة التي تصدر كتاباً باللغة الإنجليزية وتؤكد فيه على نحو علمي، كما تعتقد، أن ختان الإناث «تأكيد على هويتهن».

وفي السياق نفسه، تتراسل دلالياً العلوم والفلسفات والكهنوت والقوانين في قاسم عضوي مشترك واحد للنظر في الظواهر الإنسانية؛ لأنها من آليات إنتاج العصر الزراعي؛ إذ تغدو الفرويدية جزءاً من المركزية الأبوية، والديكارتية غير منفصلة عن إقصاء الجسد عن الفكر، كما في الكهنوت والأرسطية في مدار التسلط والطغيان... وهي الغبار والرماد اللذان ينجليان بوصفهما صوراً مشتركة بين نظام العبودية والاسترقاق القديم، وتجدده على نحو «تَسْلِيع الإنسان» في العالم الرأسمالي الحديث.

إن مسار البؤس التاريخي للمرأة هو نتيجة مترتبة، وفقاً لهذا التواصل، على ما دقّ من الرماد التاريخي بين الثقافة والطبيعة، والمكتسب والمتوارث... حتى كان ما تؤكده الفلسفة في سياق التواصل مع العصر الزراعي، وتنفيه الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا في كشف صورة الغبار في غمار نهاية العصر الصناعي.