تطوير «السلاملك»... تحويل القصور والمباني التراثية إلى فنادق سياحية بمصر

شيده الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1892 ويضم جناحاً ملكياً وغرفاً أثرية نادرة

قصر السلاملك المطل على البحر الأبيض المتوسط  -  إحدى قاعات القصر من الداخل
قصر السلاملك المطل على البحر الأبيض المتوسط - إحدى قاعات القصر من الداخل
TT

تطوير «السلاملك»... تحويل القصور والمباني التراثية إلى فنادق سياحية بمصر

قصر السلاملك المطل على البحر الأبيض المتوسط  -  إحدى قاعات القصر من الداخل
قصر السلاملك المطل على البحر الأبيض المتوسط - إحدى قاعات القصر من الداخل

خطوة مهمة على طريق استثمار المباني والقصور التراثية في مصر، قامت بها وزارة الآثار أخيراً بالموافقة على مشروع ترميم وتطوير قصر «السلاملك» الأثري بحدائق المنتزه، بمدينة الإسكندرية، ودعا خبراء السياحة والآثار إلى استنساخ التجربة مع باقي القصور والمباني الأثرية والتراثية النادرة الموجودة في معظم الأقاليم لاستغلالها سياحيا وثقافيا وماديا.
يأتي ذلك بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار، (أعلى سلطة في وزارة الآثار)، رسمياً وبشكل نهائي خلال جلستها الأخيرة، برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على مشروع ترميم وتطوير قصر السلاملك، والمقدم من الشركة المستغلة للقصر، من دون إبداء ملاحظات على بنود المشروع، وسط توقعات ببدء تنفيذه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويستخدم القصر كفندق سياحي منذ نحو 5 عقود، لكن بعد ضمه إلى قائمة المباني الأثرية بالإسكندرية، توقف مشروع الترميم والتطوير حتى صدرت الموافقة النهائية عليه، وسط مطالبات بتحويل قصر «الحرملك» الشهير المجاور له التابع للقصور الرئاسية، لفندق سياحي أيضا.
وقال الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية، ورئيس اللجنة العليا لمشروع تطوير وترميم قصر السلاملك لـ«الشرق الأوسط»: «معاينات القصر استغرقت نحو 6 أشهر، للتأكد من عدم تأثر القصر بأعمال تنفيذ المشروع». مؤكداً «أنّ استغلال المباني الأثرية والتراثية في السياحة الثقافية والترفيهية، مفيد جداً من الناحية المادية والثقافية والسياحية، لأنّ أسعار هذه الفنادق التراثية، لن تكون مثل الفنادق الحديثة، بل أغلى بكثير، حيث سيتاح للسائح النوم والجلوس في غرف أثرية، كان يقيم فيها ملك مصر منذ أكثر من قرن».
وأضاف الكسباني قائلا: «الفنادق التراثية أو التاريخية لن تكون صالحة لاستقبال مجموعات سياحية كبيرة، ولكنها صالحة لأفواج صغيرة تقدر التراث والتاريخ والطراز المعماري الفريد».
وطالب الكسباني وزارتي السياحة والآثار، بالتوسع في استغلال المباني الأثرية، في الأنشطة السياحية، شريطة إعداد خطط دقيقة ودراسات مناسبة لطبيعة كل أثر، لأنّ مصر تضمّ عددا كبيرا جدا من الآثار الإسلامية والقبطية، التي تصلح لأن تكون فنادق سياحية تاريخية، وسبق تحويل قصر عمر الخيام بالزمالك لفندق سياحي رائع. ولفت إلى «أن وكالة (بازرعة) التي تندرج تحت قائمة الآثار الإسلامية بحي الجمالية، تصلح تماماً لتحويلها إلى فندق سياحي رائع»، موضحاً أنّ «الطابق الأرضي كان يستخدم في التجارة، بينما كان يستخدم الطابق الثاني كاستراحات وضيافة».
وتابع أستاذ الآثار الإسلامية قائلا: «يوجد عدد كبير من الآثار الإسلامية في القاهرة والإسكندرية، تصلح لأن تكون فنادق سياحية رائعة مثلما حدث بقصر عمر الخيام والماريوت في منطقة الزمالك بالقاهرة».
يشار إلى أنّ قصر «السلاملك» شُيّد على يد الخديوييي عباس حلمي الثاني عام 1892 ليكون استراحة له ولزوجته المجرية «جويدان هانم». ويُعد هذا القصر من أهم المباني المشيدة في حدائق المنتزه، (شرق الإسكندرية)، وكان بمثابة المقر الصيفي الملكي قبل تشييد قصر «الحرملك» عام 1928. و«السلاملك» تعني المكان المخصص لاستقبال الرجال (عكس الحرملك)، وفي عهد الملك فاروق خصص القصر ليكون مكتبا خاصا به، ومقراً لإقامة ضيوفه. يضم قصر السلاملك بين طياته 14 جناحا، و6 غرف فاخرة، ويعدّ الجناح الملكي من أهم هذه الأجنحة، حيث يطل مباشرة على حدائق المنتزه، ويحتوي القصر أيضا على الحجرة البلورية التي خصصت للملكة، وقد سمّيت بهذا الاسم نظراً لكون كل ما تحويه قد صنع من البلور والكريستال الأزرق النقي. أمّا حديقة القصر التي تزينها أنواع كثيرة من الأشجار فيوجد بها مدافع حربية إيطالية، أحضرها الملك أحمد فؤاد معه لتحصين القصر من أي هجوم طارئ من البحر. ويذكر أيضاً أنّ القصر استخدم خلال فترة الحرب العالمية الأولى، كمستشفى عسكري ميداني للجنود الإنجليز، لكن بعد ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، حوّل القصر إلى فندق، وتعاقبت على تشغيله شركات عدة.
من جانبه قال محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بإعداد ملف علمي موثق بالصور عن قصر السلاملك قبل عرضه على اللجنة الدائمة، لتسجيل القصر بقائمة الآثار الإسلامية بمحافظة الإسكندرية، وأصدرت اللجنة 3 موافقات على المشروع المقدم من شركة (المنتزه للاستثمار والسياحة)، التابعة لوزارة السياحة لاستغلال القصر سياحيا». موضحاً أنّ المشروع يتضمن «إنشاء حمام سباحة وكازينو ملحق للقصر ومبنى متعدد الأغراض».
وأضاف متولي قائلا: «قطاع الآثار بالإسكندرية يُشرف بشكل تام على قصر السلاملك لمتابعة أي أعمال تطوير، بعدما طلبت وزارة الآثار من الشركة المستغلة عدم المساس بالزخارف التاريخية، ومكتب الملك فاروق والأسدين الموجودين أمام قاعة الملك بجانب العناصر المعمارية المهمة، حتى لا تضيع هوية القصر».
يشار إلى أنّه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كشف محافظ القاهرة عن إعداد بروتوكول بين عدة جهات حكومية لرفع كفاءة وتطوير مبنى «ربع المانسترلي» التراثي، وإعادة توظيفه كفندق سياحي، في إطار خطة تأهيل المناطق التراثية بالقاهرة، وتحويلها إلى مزارات سياحية، ومناطق جذب سياحي، لما تضمه من آثار إسلامية متنوعة (مساجد وأسبلة ووكالات، ومنازل).
تحويل القصور الملكية والتاريخية إلى فنادق سياحية، ظاهرة عالمية كان آخرها، تحويل قصر فرساي الشهير بفرنسا إلى فندق عالمي ضخم، من أجل تنمية الموارد المالية بالبلاد، وقبل ذلك بعقود، سبقت عدة دول أوروبية وآسيوية، بتنفيذ هذه الفكرة، التي حققت نجاحا كبيرا حسب تقييم خبراء السياحة. ففي إيطاليا أصبح قصر «فيلا ديستي» الذي افتُتح عام 1873 أحد أهم الفنادق الإيطالية، ويعود تاريخ بنائه للقرن السادس عشر، وقد كان مقرا صيفيا للأسرة الحاكمة آنذاك.
في البرتغال حوّل قصر «أوليسيبو لابا بالاس» أو«Olissippo Laba» الذي يعود تاريخ بنائه، للقرن التاسع عشر إلى فندق فخم، وهو يقع فوق التلال المطلة على نهر «لابا» في البرتغال. وفي مالطة أيضا يعد فندق «زارا» من أرقى فنادق جمهورية «مالطة» من فئة الخمس نجوم، وكان في الأصل قصرا يعود تاريخه للقرن السابع عشر. وفي إسبانيا يعود تاريخ قصر «بالاسيو دي فيلابانيس» أو «de Villapanes» إلى القرن الثامن عشر، قبل أن يحوّل إلى فندق 5 نجوم.
أمّا الهند فقد حوّل قصر «فالكنوما» أو «Falaknuma» الكائن في مدينة «حيدر آباد»، وهي إحدى المدن الهندية المهمة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر إلى فندق، وكان القصر مقراً رسمياً لحكام المدينة الأثرياء في ذلك الوقت، ويحتوي على 60 غرفة تتميز بالرقي والبساطة.
وفي المملكة المتحدة يقع قصر «هامبتون كورت» أو «Hampton Court» في مدينة «ساري» «Surrey» التاريخية، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر وقد حوّل أيضا إلى فندق سياحي.


مقالات ذات صلة

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة منتجع ثوال الخصوصية المطلقة والفخامة البسيطة (الشرق الأوسط)

ثُوّال... منتجع على جزيرة سعودية خاصة وسط البحر الأحمر

افتتح منتجع ثُوّال الخاص أبوابه رسمياً ليصبح أول جزيرة خاصة من نوعها بالمملكة العربية السعودية قبالة ساحل جدة، حيث يقدم تجربة فريدة تجمع بين الخصوصية التامة والفخامة الاستثنائية

«الشرق الأوسط» (جدة)
سفر وسياحة دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

دمياط... وجهة مصرية شاملة ترضي جميع الأذواق

عند اختيار وجهة لقضاء عطلتك قد تشعر بالحيرة بين رحلة مليئة بالنشاطات المتنوعة التي توفرها عطلة مميزة في مدينة صاخبة وبين الحاجة إلى عطلة شاطئية هادئة لكن لماذا تختار نوعاً واحداً فقط عندما يمكنك الاستمتاع بأفضل ما في كلتا التجربتين في بعض المدن حول العالم ومنها محافظة دمياط المصرية التي تستطيع أن تقضي فيها عطلة تلبي جميع متطلباتك على تناقضها.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.