قضية هارفي واينستين تتفاعل وتصيب خط «ماركيزا» في الصميم

الموضة تخرج عن صمتها وتكشف المستور

هارفي واينستين وزوجته جورجينا تشابمان  -  كارين كريغ شريكة جورجينا تشابمان  -  النجمة كايت بلانشيت في فستان بتوقيع «ماركيزا»
هارفي واينستين وزوجته جورجينا تشابمان - كارين كريغ شريكة جورجينا تشابمان - النجمة كايت بلانشيت في فستان بتوقيع «ماركيزا»
TT

قضية هارفي واينستين تتفاعل وتصيب خط «ماركيزا» في الصميم

هارفي واينستين وزوجته جورجينا تشابمان  -  كارين كريغ شريكة جورجينا تشابمان  -  النجمة كايت بلانشيت في فستان بتوقيع «ماركيزا»
هارفي واينستين وزوجته جورجينا تشابمان - كارين كريغ شريكة جورجينا تشابمان - النجمة كايت بلانشيت في فستان بتوقيع «ماركيزا»

كان من الطبيعي أن تطال فضيحة هارفي واينستين وتحرشه الجنسي بمجموعة لا تحصى من النجمات، عالم الموضة. قد يتساءل البعض: ما علاقة الموضة بالفضيحة التي تداولتها وسائل الإعلام العالمي بنهم شديد مؤخراً؟ الجواب بكل بساطة أن هارفي واينستين أكثر مخرج تعامل مع الموضة في العقود الأخيرة. ليس فقط لأنه زوج جورجينا تشابمان مصممة الأزياء، التي ساعد على الدفع بماركتها «ماركيزا» للواجهة، بل لأنه كان أيضاً وراء إنتاج أفلام عديدة تتناول عالم الموضة وخباياها مثل «بريت أبورتيه» للمخرج روبرت ألتمان عام 1994، وفي عام 2009 حصل على حق توزيع فيلم «سينغل مان» الذي أخرجه المصمم توم فورد. وفي عام 2011 كان وراء دراما تناولت حياة واليس سيمبسون للنجمة مادونا، ورغم أن الدراما لم تقدم أي جديد من ناحية الإخراج أو المضمون فإن الملابس كانت مُبهرة وسرقت الأضواء.
ما كشفته الفضيحة أن واينستين يحب الأضواء، أو على الأقل يعرف مدى أهمية أن يكون في الأضواء لكي يحقق النجاح. كان ضيفا مُحتفى به في العديد من عروض الأزياء العالمية، مثل ديور وغيره. كما ربطته علاقة مصلحة أو صداقة مع أنا وينتور رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية. يقال إنها كانت تستضيفه لحفلات يقابل فيها شخصيات مهمة مثل الملياردير الفرنسي صاحب مجموعة «إل.في.إم.آش» برنار أرنو وغيره.
بذكائها وحنكتها كانت أنا وينتور من أوائل المنددين بتصرفاته. فقد عبرت عن استنكارها بقولها: «أشعر بالحزن لما تعرضت له هؤلاء النساء وفي الوقت ذاته أكن لهن كل الإعجاب لشجاعتهن. لكل واحد منا الحق في أن يعمل في أجواء يشعر فيها بالأمان وعدم الخوف».
لكن علاقة واينستين لم تقتصر على متابعة الموضة من بعيد أو ربط علاقات مع صناعها، بل أسهم فيها بشكل مباشر.
سبق له مثلاً أن قدم برنامج «بروجيكت رانواي» مع مصممة الأحذية تامارا ميلون. كما أسهم بكل ثقله في عملية إنعاش ماركة «هالستون» مع سارة جيسيكا باركر، وفي محاولة إعادة إحياء ماركة «تشارلز جيمس».
لكن تبقى أكبر مساهماته في دار «ماركيزا» التي أسستها زوجته البريطانية جورجينا تشابمان مع شريكتها كراين كريغ في عام 2004، نفس العام الذي تقابلا فيه. منذ ذلك الحين وهو القوة المحركة وراءها، بشهادة العديد من النجمات اللواتي اعترفن مؤخراً بأنه كان يُرغمهن على ارتداء تصاميمها في المناسبات الكبيرة مثل حفلات توزيع جوائز الأوسكار والبافتا وغيرها. وتزيد الضغوط عندما يشاركن في فيلم من إنتاج شركته.
تذكر خبيرة أزياء أنها عرضت على الممثلة سيينا ميلر، التي قامت ببطولة فيلم «فتاة المصنع» من إنتاج واينستين، فستاناً من تصميم دار أخرى لترتديه خلال حفل «غولدن غلوبز» عام 2006، لكنها اضطرت إلى تغيير رأيها بعد أن أسرّ إليها أحد العاملين معها بأنها ستجلس مع واينستين وزوجته خلال الحفل، وأنّ المنتج «سيكون غاضباً إذا لم ترتدِ تصميماً لدار ماركيزا». وذكرت الخبيرة حادثاً مماثلاً وقع مع الممثلة فيليستي هوفمان عام 2005، أكدته هذه الأخيرة فيما بعد، ووصل فيه الأمر إلى حد أنه هددها بأنّه لن يمول حملات الدعاية لفيلمها «ترانس أميركا» إذا لم ترتدِ فستانا من «ماركيزا».
كل هذا قوبل بالاستنكار رغم أن المتعارف عليه في عالم الموضة أنها مبنية على العلاقات العامة والشخصية. أي على مفهوم أفد واستفد، خصوصاً أن أغلب الفساتين التي يتم الظهور بها في هذه المناسبات تقدر أسعارها بآلاف الدولارات، لكن لم يتوقع أحد أن يصل الأمر إلى حد الضغط والتهديدات.
التصريحات الأخيرة شرحت الكثير من التساؤلات التي كانت تدور في أذهان البعض حول انطلاقة الماركة الصاروخية منذ أول عام من تأسيسها.
فقد حصلت على أكبر دعاية يحلم بها أي مصمم مبتدئ أو ماركة جديدة عندما ظهرت النجمة رينيه زيلويغر في فستان باللون الأحمر مطرز بالذهبي في حفل افتتاح فيلمها «بريدجيت جونز: ذي إيدج أوف ريزن» في لندن.
غني عن القول: إن الفيلم كان من إنتاج شركة واينستين لكن لا أحد ربط بين الاثنين في ذلك الوقت. في حوار أجرته معه مجلة «فوغ» عام 2013 نفى أي تدخل له في عمل زوجته مستثنياً تشجيعه رينيه زيلويغر على ارتداء الفستان المذكور أعلاه.
> الآن تنادي قلة من الناس بعدم معاقبتها على ذنوب اقترفها زوجها، لكن هناك أصواتاً أخرى أكثر قوة تُلمح إلى أن علاقتهما الزوجية مبنية على اتفاق ضمني للاستفادة من العلاقة بقدر الإمكان. برأي هؤلاء كانت تشابمان تعرف ما يقوم به وتتستر عليه لأن فضحه لا يصب في مصلحتها. لهذا يطالبون بمقاطعة ماركتها. ما زاد من الأمر سوءاً أن تشابمان لم تخرج عن صمتها وتعلن انفصالها عن واينستين إلا بعد أيام من اندلاع فضيحة تحرشه الجنسي بمجموعة من النجمات، وتحديداً بعد الإعلان عن ضغطه على النجمات لكي يرتدين تصاميمها. لهذا فإن التفاؤل باستمرارية «ماركيزا» غير وارد في الوقت الحالي، ومستقبلها مشكوك فيه، الأمر الذي يجعل كل من له علاقة بها يحاول أن ينأى بنفسه. مشروعها مع دار مجوهرات لتصميم مجموعة من خواتم الخطوبة مثلاً توقف بمجرد اندلاع الفضيحة.
> وإذا نجح هؤلاء في الحفاظ على سُمعتهم فإن تشابمان، ومهما حاولت أن تنأى بنفسها عن زوجها، فإن اسم «ماركيزا» ترسخ الآن في الأذهان به وبنفوذه الآن. وحتى من أعجبوا في يوم ما بأناقة نجمات ظهرن بفساتينها الحالمة، مثل نيكول كيدمان أو جينيفر لوران أو رينيه زيلويغر وريتا أورا وغيرهن بدأوا يُشككون في مصداقية اختياراتهن. وبالنتيجة فإن ظهور أي شخصية بتصميم يحمل توقيعها حالياً سيُعتبر تعاطفاً مع واينستين ضد ضحاياها. وهذا ما تعرفه المصممة دونا كاران تماماً، فبعد أن أعلنت تضامنها مع المنتج في البداية، تراجعت عن رأيها بسبب الهجمات التي تعرضت لها. تراجعها لم يشفع لها، حيث تلقت محلات «نرودستورم» طلبات عديدة بسحب خطي «دونا كاران» و«دي.كي.إن.واي» منها رغم أنها لم تعد تملكهما أو تعمل بهما.
المهم أن تسارع الأحداث يجعل الكل في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة. ولو لم يكن هارفي واينستين هو المتهم الأول في القضية لربما حوّلها إلى فيلم تجاري مثير.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.