الشرعية تعزز حضورها وخدماتها في تعز رغم الحصار

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية تندد بتدمير الميليشيات 1700 مدرسة وحرمان 2.5 مليون تلميذ من التعليم

الوزير جباري (يسار) لدى تدشينه فرعاً لمصلحة الجوازات في تعز أمس (سبأ)
الوزير جباري (يسار) لدى تدشينه فرعاً لمصلحة الجوازات في تعز أمس (سبأ)
TT

الشرعية تعزز حضورها وخدماتها في تعز رغم الحصار

الوزير جباري (يسار) لدى تدشينه فرعاً لمصلحة الجوازات في تعز أمس (سبأ)
الوزير جباري (يسار) لدى تدشينه فرعاً لمصلحة الجوازات في تعز أمس (سبأ)

في خطوة تعكس تعزيز الشرعية اليمنية حضورها وخدماتها في مدينة تعز المحاصرة من عدة جهات من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، دشّن رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية عبد العزيز جباري، أمس، فرعاً لمكتب الجوازات والهجرة بالمحافظة، وأشرف على إصدار أول جواز في المحافظة، بعد أشهر من التجهيزات.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن جباري قوله إن «تدشين فرع إصدار الجوازات يعد إضافة مهمة إلى مسار تفعيل مؤسسات الدولة لما فيه خدمة المواطنين في محافظة تعز الصامدة»، مضيفاً أن وتيرة تطبيع الحياة في تعز تسير بشكل متميز منذ عمل فرع البنك المركزي، وتفعيل المدارس والمكاتب التنفيذية والجامعة والأجهزة الأمنية والعسكرية، وصولاً إلى البدء بإصدار الجوازات. ورأى أن توسيع هذه الخدمات يؤكد «قابلية مدينة تعز للعودة إلى وضعها الطبيعي، والتغلب على كل المصاعب والتحديات»، وأبرزها الحصار. ووجه الوزير جباري بصرف أكثر من 22 مليون ريال يمني لصالح الجرحى مبتوري الأطراف في تعز، وعددهم 55.
وأقر اجتماع عقده الوزير جباري مع السلطة المحلية في تعز على تشكيل لجنة لتسيير الأمور المالية، وأخرى معنية بتسلم المؤسسات العسكرية والمدنية ومقرات المكاتب التنفيذية. وأقر الاجتماع أيضاً تأهيل مبنى المحافظة الأساسي، والعمل في مقر مؤقت حتى يتم استكمال إصلاح الأضرار التي تعرض لها مبنى المحافظة جراء استهدافه من قبل الميليشيات، وإخلاء مبنى شركة النفط اليمنية - فرع تعز. وثمّن الوزير جباري «التضحيات» التي بذلها سكان تعز، و«تكبدهم معاناة الحرب والحصار من أجل إسقاط مشروع الإمامة والتوريث، وتثبيت قيم العدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد، بعيداً عن المناطقية والطائفية والمشاريع الصغيرة التي ترفضها تعز، ولقنت عناصر الميليشيات دروساً لن ينسوها على مدار التاريخ».
بدورها، واصلت ميليشيات الحوثي وصالح قصفها العنيف على الأحياء السكنية في تعز، خصوصاً الشرقية منها. وقال الناشط الحقوقي المحلي مختار أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات تواصل جرائمها في تعز، وسط صمت دولي، وآخرها إطلاق قذيفة على منطقة سكنية، مما تسبب في مقتل رجل وامرأة كانت قد فقدت أصلاً اثنين من أبنائها بسبب القذائف التي تطلقها الميليشيات»، وأضاف أن القصف الذي تشنه الميليشيات لم يقتصر على منازل المواطنين، بل وصل إلى استهداف «مستشفى الثورة»، مما تسبب في مقتل شخصين، وخلف أضراراً ببعض أقسام المستشفى.
من جهة أخرى، وبينما تواصل الميليشيات تجنيد الأطفال والدفع بهم إلى جبهات القتال، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، إن الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات باتوا مهدّدين بخطر كبير جراء قيام الميليشيات بتعطيل العملية التعليمية. وأضافت أن «الميليشيات هي أكبر منتهك لحقوق الطفولة في اليمن، من خلال تجنيدها نحو 9 آلاف دون السن القانونية، وإجبارهم على حمل السلاح، والدفع بهم إلى جبهات القتال، وحرمانهم من حقهم في التعليم». وذكرت في تصريح لها، نقله الموقع الرسمي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن الميليشيات دمّرت «1700 مدرسة، وحرمت 2.5 مليون طفل من التعليم، وطبعت 11 ألف كتاب بفكر طائفي عنصري دخيل على التعليم في البلاد»، مشيرة إلى أن «مستقبل الأطفال في خطر كبير جراء قيام الميليشيات بتغيير المناهج، وتلقين الطلبة أفكاراً دخيلة على مجتمعنا، حيث تعمل الميليشيات بكل قوتها على تكريس العنصرية، وإحداث انقسام في النسيج الاجتماعي».
وطالبت الوزيرة المنظمات الحقوقية بإلزام الانقلابيين بتحييد الأطفال عن المعارك، والضغط عليهم لتطبيق القوانين الدولية الخاصة بحقوق الطفل، وإدراج الميليشيات ضمن الجهات المنتهكة لكل القوانين الخاصة بالطفولة. ولفتت إلى أن «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» عمل على إعادة تأهيل الأطفال المجندين من قبل الميليشيات، عن طريق عدة برامج ودورات تأهيلية في محافظات مأرب والجوف، ضمن برنامج تأهيلي يشمل كثيراً من المحافظات.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».