منتدى دولي في القاهرة يبحث عن نموذج «أورومتوسطي» جديد للطاقة

تقديرات بزيادة الطلب 98 % بحلول 2040

TT

منتدى دولي في القاهرة يبحث عن نموذج «أورومتوسطي» جديد للطاقة

في إطار البحث عن نموذج جديد للطاقة في إقليم البحر الأبيض المتوسط، تنظم الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط المنتدى الأول للأعمال في مجال الطاقة والمناخ تحت شعار «إطلاق العنان للفرص في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة الأورومتوسطية»، والذي تنطلق أعماله غدا الأربعاء في العاصمة المصرية القاهرة، بمشاركة أكثر من 150 مسؤولا حكوميا رفيع المستوى من بلدان الاتحاد من أجل المتوسط، وممثلين من شركات القطاع الخاص الكبيرة والشركات الناشئة العاملة في مجال الطاقات المتجددة، فضلا عن المؤسسات المالية الدولية والبنوك الإنمائية، وستناقش مصارف التنمية فرص العمل والتعاون الجديدة لتعزيز انتقال الطاقة المستدامة والمرنة إزاء تغير المناخ.
وتعد منطقة البحر الأبيض المتوسط موطنا لأكثر من 500 مليون شخص يتزايدون سنويا، مما يعني تزايد الطلب على الطاقة، وتشير التقديرات إلى أنه ستكون هناك زيادة بنسبة 98 في المائة في الطلب على الطاقة في بلدان جنوب المتوسط بحلول عام 2040. كما أن المنطقة تعد واحدة من النقاط الساخنة لتغير المناخ وتواجه تحديات بما في ذلك ارتفاع درجات حرارة البحر وندرة المياه.
ورغم ارتفاع الطلب، فإن التقديرات تظهر عوامل إيجابية فيما يتعلق بالطاقة والعمل المناخي في البحر الأبيض المتوسط. حيث إنه من المتوقع مع بلوغ عام 2040 أن تشكل مصادر الطاقة «صفرية الانبعاثات» نحو 60 في المائة من القدرة الإجمالية. كما سيزداد إنتاج الطاقة المتجددة بمعدل 365 في المائة على مدى السنوات الثلاث المقبلة. ولذلك فإن تعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة هو الطريق إلى الأمام لبناء اقتصاد مستدام وقادر على التكيف في بلدان البحر المتوسط، ويتوقع أن يتطلب ذلك استثمارا قدره 25 مليار يورو سنويا في السنوات الثلاثين المقبلة. وفي هذا الإطار ينطلق منتدى «إطلاق العنان للفرص في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة الأورومتوسطية»، والذي يهدف إلى تقديم حلول ملموسة من أجل تعاون أكبر في العمل المعني بالطاقة والمناخ. وعلى نحو أكثر تحديدا، سيكون المنتدى علامة بارزة على طريق تشجيع دور القطاع الخاص في التحول في مجال الطاقة في المنطقة الأورومتوسطية.
وسيتم خلال المنتدى عرض النماذج الاستثمارية الناجحة بهدف التعرف على الفرص الجديدة للأعمال والتعاون في النماذج الجديدة للتنمية المستدامة والصامدة في مواجهة المناخ.
وفي يوم الطاقة العالمي، يلتزم الاتحاد من أجل المتوسط بتعزيز التعاون والحوار في المنطقة. وأنشئت ثلاث منصات للطاقة الحوار الإقليمي خلال الاجتماع الوزاري الأخير بموافقة 43 من وزراء الطاقة في الاتحاد من أجل المتوسط. والهدف من ذلك هو تعزيز وتطوير الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة، بما في ذلك سوق الغاز، ونقل إمدادات موثوق بها، والنشر التدريجي للطاقات المتجددة وتدابير كفاءة الطاقة، فضلا عن التكامل التدريجي لسوق الكهرباء. ولتحقيق هذه الغاية، قام الاتحاد من أجل المتوسط بتصنيف ودعم ثلاثة مشاريع محددة تستهدف إنتاج الطاقة المتجددة وتحول الطاقة، وتهدف إلى حشد مليار يورو في ستة من بلدان البحر الأبيض المتوسط. وعلى سبيل المثال، تلبي مزرعة الرياح في الطفيلة بالأردن نسبة 3 في المائة من الطلب المحلي على الكهرباء. وسيوفر البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، من خلال إطار عمل الطاقة المتجددة الخاص (سبريف)، التمويل وتعبئة المزيد من الاستثمارات من أطراف ثالثة تصل إلى 834 مليون يورو لمنع 780 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.
وقال خورخي بوريغو، نائب الأمين العام للاتحاد من أجل الطاقة والعمل المناخي، إن «الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة تتيح فرصة فريدة للبلدان لتقليل ضعفها من حيث أمن الطاقة وتغير المناخ، وبالتالي تعزيز التنمية المستدامة والبشرية في مجتمعاتنا»، متابعا أن «الاتحاد من أجل المتوسط ينقل التزامه بتعزيز التعاون والحوار الإقليميين من أجل النهوض بنموذج جديد للطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفقا للمبادئ التوجيهية التي حددها اتفاق باريس».
وكجزء من خطة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة وخارطة الطريق الجديدة الموجهة نحو العمل من أجل الاتحاد من أجل المتوسط من أجل تعزيز التعاون الإقليمي، يعزز الاتحاد من أجل المتوسط شراكته مع جميع المبادرات والمنظمات العالمية والإقليمية وشبه الإقليمية لوضع استراتيجية شاملة بشأن الطاقة والتعاون في مجال المناخ في البحر الأبيض المتوسط.
ومن المقرر أن يفتتح المنتدى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر، ووزير الدولة للطاقة بدولة البرتغال خورخي سيغورو سانتشيز، وأمين عام الاتحاد من أجل المتوسط فتح الله السجلماسي. وسيتم خلال المنتدى الإجابة على كثير من الأسئلة، ومنها ماهية دور التعاون الإقليمي في هذا الصدد؟ وكيفية تعبئة التمويل للتحول في مجال الطاقة؟ وكيفية مساندة الحكومات لاستثمارات القطاع الخاص. وذلك سعيا لتحقيق الهدف الكلي المتمثل في تعزيز التنمية المستدامة في المنطقة بضمان تمتع جميع المستهلكين والصناعات بإمكانية الحصول على إمدادات طاقة مضمونة ومستدامة وميسورة وموثوقة وعلى خدمات الطاقة الحديثة.



«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

وضعت الاضطرابات الكبيرة في سوق السندات «الاحتياطي الفيدرالي» في موقف بالغ الصعوبة، حيث يواجه خيارين حاسمين: إما أن يسعى لتهدئة المخاوف المتعلقة بالتضخم على المدى الطويل، أو أن يستجيب لشكاوى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بشأن «ارتفاع معدلات الفائدة بشكل مفرط». وبينما لا يمكنه تحقيق كلا الهدفين في الوقت نفسه، من المرجح أن يختار معالجة الأول، مما يفتح المجال لصراع لفظي مستمر مع البيت الأبيض على مدار العام المقبل.

ولم يعد بالإمكان تجاهل الزيادة الملحوظة في معدلات الاقتراض من سندات الخزانة الأميركية في الأسابيع الأولى من عام 2025، حيث تشير السوق إلى الدخول في مرحلة جديدة ومقلقة تتطلب قدراً كبيراً من الحذر من البنك المركزي والحكومة على حد سواء، وفق «رويترز».

ومن أبرز هذه الإشارات الحمراء هو ظهور زيادة ملحوظة في علاوة المخاطر التي يطالب بها المستثمرون لحيازة السندات الحكومية الأميركية طويلة الأجل. ويتم قياس هذه الفجوة عادة كتعويض إضافي يُطلب عند الالتزام بسندات طويلة الأجل حتى تاريخ الاستحقاق، بدلاً من شراء سندات قصيرة الأجل وإعادة تدويرها مع مرور الوقت.

وقد كانت العلاوة الزمنية غائبة إلى حد كبير عن السوق لأكثر من عقد من الزمن، ولكن تقديرات «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك تشير إلى أن العلاوة الزمنية لمدة 10 سنوات قد ارتفعت بشكل حاد هذا العام، لتتجاوز نصف النقطة المئوية لأول مرة منذ عام 2014.

وقد لا تكون علاوة المخاطر بنسبة 50 نقطة أساس مفرطة وفقاً للمعايير التاريخية، لكنها تفوق متوسط العشر سنوات الماضية بمقدار 50 نقطة أساس.

وتشير اتجاهات العلاوة الزمنية إلى مستوى من عدم اليقين لدى المستثمرين بشأن التضخم على المدى الطويل، وتراكم الديون، والسياسات المالية، وهي حالة لم تشهدها السوق منذ سنوات عديدة. ويرجع هذا بلا شك إلى مزيج من العجز الكبير في الموازنة والاقتصاد القوي، إلى جانب تعهدات الرئيس القادم بشأن خفض الضرائب، وفرض قيود على الهجرة، وزيادة التعريفات الجمركية.

وتظهر هذه المخاوف أيضاً في مؤشرات الديون الأخرى التي بدأت تتحرك بشكل مستقل عن توجيه سياسة «الاحتياطي الفيدرالي». فقد قام «الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة منذ سبتمبر (أيلول)، ومع ذلك ارتفع عائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بمقدار 100 نقطة أساس منذ ذلك الحين. وزادت عوائد سندات الخزانة لمدة 30 عاماً بشكل أسرع، مهددة بالوصول إلى 5 في المائة لأول مرة منذ أكثر من عام، وهو مستوى قريب جداً من المعدلات التي سادت قبل أزمة البنوك في 2008.

وبينما لم تتحرك عوائد السندات لمدة عامين، التي تعكس سياسة «الفيدرالي» من كثب، بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، فقد اتسع الفارق بين العوائد على السندات لمدة سنتين و30 عاماً ليصل إلى أوسع مستوى له منذ أن بدأ «الفيدرالي» في تشديد السياسة قبل ثلاث سنوات تقريباً.

وكان من المتوقع أن تتوقف توقعات التضخم طويلة الأجل، التي تراقبها سوق السندات المحمية من التضخم والمقايضات، عن الانخفاض في سبتمبر وأن ترتفع مرة أخرى نحو 2.5 في المائة، متجاوزة هدف «الفيدرالي» بنصف نقطة مئوية.

هل يتجه «الفيدرالي» نحو سياسة أكثر تشدداً؟

إذا بدأ «الفيدرالي» يفقد السيطرة على الجزء الطويل من سوق السندات، فقد يُضطر إلى اتخاذ منحى أكثر تشدداً لاستعادة التزامه بتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة على المدى المستدام.

وهذا يعني أنه، في حال لم يحدث تباطؤ حاد في الاقتصاد أو تغيير كبير في سياسات ترمب المعلنة، فمن الممكن تماماً ألا يقوم «الفيدرالي» بأي تخفيض آخر في هذه الدورة. وهو أمر قد لا يرضي الرئيس الجديد الذي أبدى بالفعل معارضته للفيدرالي وتساؤلاته حول ضرورة استقلاله.

ليس لدي فكرة

حاول محافظ «الفيدرالي» كريستوفر والر أن يتوسط في تصريح له يوم الأربعاء قائلاً إن السياسة ما زالت مشددة تاريخياً، على الرغم من أنها ليست كافية لفرض ركود، وأضاف أن الزيادات في الأسعار الناجمة عن تعريفات ترمب لا تغير من وجهة نظر «الفيدرالي».

لكنه أيضاً أشار إلى أن «الفيدرالي» - مثل معظم مستثمري السندات - أصبح في لعبة تخمين. بينما قال والر إنه يشك في أن يتم تنفيذ السياسات الأكثر قسوة من قبل إدارة ترمب، أضاف أن التوصل إلى توقع بشأن التوقعات الاقتصادية للفيدرالي في ديسمبر كان «مشكلة صعبة».

«ليس لدي فكرة عما سيحدث»، اختتم قوله.

من الواضح أنه ليس وحده في ذلك. إذا كان كبار مسؤولي «الفيدرالي» لا يعرفون ماذا يتوقعون من ترمب، فإن مستثمري السندات العاديين لا يعرفون أيضاً.

ويبدو أن هناك سيناريوهين محتملين: إذا قرر «الفيدرالي» تسريع خفض الفائدة بما يتماشى مع ما يبدو أن ترمب يريده، دون حدوث تحول كبير في الأسس الاقتصادية لتبرير هذه الخطوة، فإن مستثمري السندات سيفترضون أن البنك المركزي ليس مهتماً بشكل كبير بتحقيق هدفه البالغ 2 في المائة.

وسيواصل مستثمرو السندات على الأرجح تسعير هذا الخطر، مما يؤدي إلى «إلغاء» توقعات التضخم، كما يقول المتخصصون في السياسات.

لكن «الفيدرالي» قد صرح بشكل متكرر بأن احتواء توقعات التضخم هو أحد أدواره الرئيسية، لذلك من الصعب تصوره يتجاهل هذه التطورات.

وحتى إذا لم تغير التعريفات الجمركية التي هدد بها ترمب حسابات التضخم بشكل أساسي، فإن خطة ترمب لتمويل التخفيضات الضريبية وتشديد أسواق العمل من خلال تشديد سياسات الهجرة والطرد، من المؤكد أنها ستزيد من المخاطر التضخمية التي تفاقمت بالفعل.

وإذا تمكن ترمب من تقليص الإنفاق الحكومي وتقليص الوظائف الفيدرالية، فقد يحقق بعض التقدم في معالجة هذه الأزمة. لكن القليل يتوقع أن يكون هذا أمراً سريعاً أو سهلاً، خاصة أنه قد لا يملك الأصوات في الكونغرس لتمرير العديد من أجزاء أجندته.

ولعل الرئيس المقبل يستطيع مساعدة بنك الاحتياطي الفيدرالي - ونفسه - من خلال توضيح أن أسعار الفائدة التي يعتبرها «مرتفعة للغاية» تمثل عائدات السندات الطويلة الأجل. بهذه الطريقة، سيكون بوسعه أن يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم بوظيفته ويمنح نفسه مساحة أكبر للمناورة.

لكن مع تبقي أقل من أسبوعين على التنصيب، فإن التكهنات حول ما قد يحدث أو لا يحدث يمكن أن تتسبب في اضطراب كبير في الأسواق.