مباحثات تركية ـ أميركية اليوم لإنهاء «أزمة التأشيرات»

TT

مباحثات تركية ـ أميركية اليوم لإنهاء «أزمة التأشيرات»

تنطلق اليوم الثلاثاء بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة، مباحثات تركية - أميركية في مسعى لإنهاء أزمة التأشيرات بين أنقرة وواشنطن. واندلعت الأزمة الأسبوع الماضي على خلفية اعتقال أحد موظفي القنصلية الأميركية في إسطنبول، بتهمة الارتباط بحركة فتح الله غولن المتهم من جانب سلطات أنقرة بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة.
ووصل إلى أنقرة أمس وفد من وزارة الخارجية الأميركية برئاسة جوناثن كوهين، مساعد مستشار وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية والآسيوية. ويجتمع اليوم مع وفد تركي يترأسه مساعد مستشار وزارة الخارجية التركية، أحمد مختار غون.
وتتناول المباحثات أزمة التأشيرات، إلا أن كوهين صرح للصحافيين لدى وصوله إلى مطار إسنبوغا في أنقرة قائلا: «لست صاحب القرار في هذا الشأن». وكانت السفارة الأميركية قد أعلنت في أنقرة الأحد قبل الماضي تعليق جميع خدمات التأشيرات في مقرها، وكذلك في القنصليات الأميركية في تركيا باستثناء تأشيرات الهجرة. وردّت السفارة التركية في واشنطن على الفور على الخطوة الأميركية بإجراء مماثل، وعلّقت إجراءات منح التأشيرات للمواطنين الأميركيين في مقرها وجميع القنصليات التركية بالولايات المتحدة، فيما اعتبر أعمق أزمة في العلاقات التركية - الأميركية على مدى 50 عاما.
وجاء التوتر الدبلوماسي بين البلدين، بعد أيام من صدور حكم قضائي تركي بحبس متين طوبوز الموظف المحلي في القنصلية الأميركية العامة في إسطنبول، بتهم مختلفة بينها الانقلاب على النظام الدستوري للبلاد والتجسس، بعد أن أعلنت النيابة العامة أن تحقيقاتها كشفت عن ارتباط «طوبوز» بالمدعي العام السابق لمدينة إسطنبول زكريا أوز (موجود حاليا خارج تركيا) ومديري شرطة سابقين، متهمين بالانتماء لحركة الداعية فتح الله غولن.
وتصاعد التوتر، الاثنين قبل الماضي، بعد أن قالت النيابة العامة بمدينة إسطنبول، إنها استدعت شخصاً ثانياً يعمل بالقنصلية الأميركية ولا يتمتع بحصانة دبلوماسية للإدلاء بإفادته في الاتهامات نفسها.
واتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السفير الأميركي في أنقرة جون باس (انتهت مهمته في تركيا وانتقل إلى أفغانستان أول من أمس) بأنه من اتخذ القرار بتعليق منح التأشيرات ووصفه بأنه من بقايا الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما ويريد تخريب العلاقات بين البلدين الحليفين في الناتو قائلا إنه لم يعد يعترف به كممثل للولايات المتحدة وإنه رفض استقباله لتوديعه في نهاية فترة عمله في أنقرة، لكن الخارجية الأميركية أكدت أن القرار اتخذ بالتشاور بين البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي والخارجية.
في السياق ذاته، اعتبر رئيس جهاز المخابرات التركية الأسبق سونماز كوكسال أن الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين الولايات المتحدة وتركيا هي «الأكثر عمقا وتعقيدا» بين البلدين، مؤكدا أن التوتر «أكثر من مجرد مشكلة في تأشيرة الدخول».
وقال كوكسال في مقابلة مع صحيفة «حرييت» التركية: «عندما يتم بحث العملية التي أدّت إلى الأزمة والعوامل المسببة لها والأهداف المحتملة لها، يمكن القول: إن الأزمة الحالية غير مسبوقة، ولها خصائص أكثر عمقا وتعقيدا من الأزمات السابقة».
ولفت إلى أن الأزمات الدبلوماسية السابقة، ومن أبرزها رفض البرلمان التركي السماح باستخدام الجيش الأميركي للأراضي التركية خلال غزو العراق، ظلت جميعها أزمات على مستوى التصريحات المتبادلة. وأضاف كوكسال، الذي عمل أيضا سفيرا لتركيا لدى العراق أنه كان من الصعب أن تتحول هذه التصريحات إلى عمل حقيقي في تلك الفترة، وأنه لم تكن هناك محاولات مستمرة للتصعيد في ذلك الوقت ولم يفتح ملف علاقة تركيا بالغرب أو حلف الناتو للمناقشة بعيدا عن مجرد التصريحات بعكس الأزمة الأخيرة.
ولفت إلى أن بداية التوتر الحقيقي في علاقة تركيا بالغرب جاءت مع احتجاجات حديقة جيزي بارك في إسطنبول عام 2013 التي أصبحت نقطة انطلاق لتشكيك أنقرة في نوايا الغرب، ثم تصاعد هذا التشكيك بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 15 في يوليو (تموز) 2016. واعتبر كوكسال أن اعتقال موظف القنصلية الأميركية متين طوبوز هو الذي أدى إلى تحركات تعليق تأشيرات الدخول المتبادلة بين البلدين، واصفا اعتقاله بأنه كان بمثابة «سكتة دماغية» أصابت العلاقات التركية الأميركية لا سيما أنه جاء بعد احتجاز القس الأميركي اندرو برونسون ومحاكمته بتهمة الانتماء لجماعة غولن ما دفع واشنطن إلى التفكير في أن الحكومة التركية تحاول إجراء مفاوضات دبلوماسية من أجل تسليم غولن من خلال الاعتقالات، مضيفا أن الأزمة الأخيرة هي أكبر شرخ في العلاقات التركية الأميركية التي كانت تقف بالأساس على أرض هشة.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بالعمل على إلغاء تأشيرة «شنغن» لدول الخليج

الخليج جميع المواطنين السعوديين يمكنهم الحصول على تأشيرة «شنغن» لمدة 5 سنوات عند أول طلب (الشرق الأوسط)

الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بالعمل على إلغاء تأشيرة «شنغن» لدول الخليج

أكد الاتحاد الأوروبي أنه يعمل بوتيرة مستمرة على تبسيط متطلبات تأشيرات «شنغن» لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية خديجة شو ستغيب عن مباراة مانشستر سيتي ونادي باريس (رويترز)

«التأشيرة» تغيب خديجة شو عن مباراة مانشستر سيتي وباريس

ستغيب خديجة شو مهاجمة مانشستر سيتي عن مباراة مساء الأربعاء أمام نادي باريس الفرنسي في تصفيات دوري أبطال أوروبا بسبب مشكلة في التأشيرة.

The Athletic (مانشستر)
العالم العربي مطار هيثرو (أ.ب)

بعد إلغائها العام الماضي… المملكة المتحدة تعيد فرض تأشيرة السفر على الأردنيين

فرضت المملكة المتحدة بداية من 10 سبتمبر (أيلول) 2024، متطلبات الحصول على تأشيرة للمواطنين الأردنيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزيرا النقل التركي والعراقي في جولة على البوسفور قبل انطلاق الاجتماع الرباعي حول «طريق التنمية» (حساب الوزير التركي على «إكس»)

اجتماع رباعي في إسطنبول لبحث «طريق التنمية»

بحث اجتماع رباعي على مستوى وزراء النقل، في إسطنبول، الخميس، أعمال مشروع «طريق التنمية» العراقي، بمشاركة كل من تركيا والعراق والإمارات وقطر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.