ارتفاع قتلى تفجيري مقديشو إلى 276 قتيلاً وأكثر من 300 جريح

شهادات الناجين وشهود العيان عن المشاهد المروعة والقصص الإنسانية المؤثرة

رجال إسعاف صوماليون وأتراك يحملون الناجين من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم التفجيري الذي وقع بوسط العاصمة الصومالية مقديشو أول من أمس (إ.ب.أ)
رجال إسعاف صوماليون وأتراك يحملون الناجين من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم التفجيري الذي وقع بوسط العاصمة الصومالية مقديشو أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع قتلى تفجيري مقديشو إلى 276 قتيلاً وأكثر من 300 جريح

رجال إسعاف صوماليون وأتراك يحملون الناجين من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم التفجيري الذي وقع بوسط العاصمة الصومالية مقديشو أول من أمس (إ.ب.أ)
رجال إسعاف صوماليون وأتراك يحملون الناجين من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم التفجيري الذي وقع بوسط العاصمة الصومالية مقديشو أول من أمس (إ.ب.أ)

ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم التفجيري الذي وقع في تقاطع كيلو خمسة المزدحم بوسط العاصمة الصومالية مقديشو، وصرح وزير الإعلام الصومالي بأن 276 قتيلا سقطوا جراء الانفجار فيما تتجاوز الإصابات حاجز الـ300 جريح فيما تفيد مصادر المستشفيات في العاصمة إلى وفاة آخرين متأثرين بالإصابات منذ صباح أمس.
ويعتبر هذا الهجوم الأعنف من نوعه منذ بداية التفجيرات في العاصمة الصومالية عام 2005، وهذا المكان شهد أول تفجير من نوعه في ذلك العام نفذ بواسطة دراجة مفخخة وضعت بجانب الطريق واستهدف قافلة كانت تقل يومذاك لجنة دولية لتقصي الحقائق كانت تزور البلاد.
وقد روى الناجون وشهود العيان لـ«الشرق الأوسط» قصصا مؤلمة عن الهجوم وعن ذويهم الذين قتلوا أو أصيبوا في الهجوم. أكثر من نصف القتلى تفحمت جثثهم ولم يمكن التعرف عليهم، ولذلك لم يكن بوسع كثير من الأسر سوى إقامة صلاة الغائب على أرواح مفقوديهم الذين حتما قضوا في هذا التفجير.
نحو 120 من القتلى فقط تم التعرف على جثثهم وتم دفنهم من قبل أهاليهم فيما تم دفن الباقي بشكل جماعي وهم أشلاء متفحمة. يروي حسن (26 عاما) كيف رأى الشاحنة التي كان يقودها الانتحاري وهي تسير بسرعة جنونية وتدهس في طريقها عربات الـ«توك توك» إلى أن انفجرت أمام فندق «سفاري» الذي يقع على جانب تقاطع كيلو خمسة الذي كان وقتها متوقفا بسبب الزحمة، وتحولت الشاحنة إلى كرة ضخمة من اللهب، وقد سوي الفندق بالأرض فيما دمرت مبانٍ سكنية ومحلات تجارية على طول خمسمائة متر على جانبي التقاطع.
وقد وصلت أولى فرق الإنقاذ بعد مرور نحو ساعة ونصف على الهجوم، حيث حال الحريق الذي نشب عن التفجير دون الوصول إلى الضحايا، والرؤية كانت ضعيفة بسبب كثافة الدخان الذي نجم عن هذه الحرائق والذي زادته محلات بيع الوقود المحترقة اشتعالا ولم يمكن السيطرة على الحرائق إلا بعد مرور سبع ساعات على الهجوم.
شاهد آخر يصف ما حدث قائلاً: «إن عشرات السيارات كانت متوقفة في طوابير طويلة على جانبي الشارع جاءت الشاحنة في الاتجاه المعاكس، مما أدى إلى احتراق معظم السيارات في المنطقة بما فيها من الركاب، حيث إن هذا التقاطع أيضا يوجد فيه أكثر من موقف للحافلات العمومية المتوجهة إلى وجهات مختلفة في المدينة، إضافة إلى الباعة المتجولين وأصحاب الفرشات وعيادات طبية يراجعها المرضى، وتحولت المنطقة كلها إلى ركام هائل». وتضم المنطقة أيضا فروعا لبنوك محلية ومطاعم ومحلات لصرف العملات أمام المباني وهذا يفسر ضخامة العدد الذين قتلوا وأصيبوا في الهجوم.
وقد تحطمت أحلام كثيرة في ركام هذا الانفجار، إذ كان من بين القتلى طالبتان في كلية الطب أنهيا دراستهما للتو وكانا بداخل أحد محلات الخياطة لتفصيل ملابس التخرج، وقضى التفجير على الطالبتين وجميع الموجودين بالمحل أيضا. إحدى الطالبات كانت تنتظر مشاركة والدها المقيم في الخارج في حفل تخرجها الذي كان من المقرر إقامته خلال أيام، وعاد الوالد ليدفن جثة ابنته المتخرجة.
كان من بين الضحايا أيضا أحد المواطنين العائدين من المهجر في الولايات المتحدة جاء لرؤية أسرته بعد غياب عدة سنوات وتوقف في فندق «سفاري» لينتظر أهله وتصادف وجوده في وقت الانفجار فوجدوه وهو جثة متفحمة في الفندق بعد مرور ست ساعات على الهجوم.
وقد فاق عدد الجرحى عن استيعاب مستشفيات مقديشو القليلة، وكان الجرحى يعالجون تحت الأشجار والممرات بعد امتلاء الأسرة، فيما فارق كثيرون منهم الحياة وهم ينتظرون دورهم في المعالجة.
إحدى السيدات كانت خارجة من عيادة طبية مع طفليها الصغيرين لحظة الانفجار، وقد قتل الطفلان جراء الانفجار فيما أصابت شظية كبيرة إحدى يديها فبترتها على الفور، ونقلت إلى المستشفى وهي تنزف، وهي الآن في حالة حرجة جراء فقدان الطفلين والإصابة البليغة.
ومن بين المشاهد المؤلمة التي حصلت في أحد المستشفيات مشاجرة وقعت بين عائلتين حول جثته تفحمت معظمها تقول كلا العائلتين بأن الجثة تعود لأحد أولادها الذين قضوا في الانفجار، وتريد دفنه. وبصعوبة بالغة تنازلت إحدى العائلتين وأعطيت الجثة للعائلة الأخرى لدفنها.
وتقول أرقام الأمم المتحدة بأن حركة الشباب شنت 366 هجوما في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 2016 ويوليو (تموز) 2017، وخلفت هذه الهجمات أكثر من 440 قتيلا وجريحا، لكن الضحايا الذين سقطوا في هجوم السبت الماضي أكثر من عدد الضحايا الذين سقطوا خلال تلك الفترة (أي الثمانية عشر شهرا الماضية) كما أن هذا الهجوم هو الأعنف من نوعه في تاريخ التفجيرات الصومالية التي تعود بدايتها إلى عام 2005.
الهجوم الأخير لقي إدانات عربية ودولية واسعة، ودعت الحكومة الصومالية دول العالم إلى تقديم مساعدات طبية عاجلة لمعالجة هذا العدد الكبير من الضحايا التي تتجاوز قدرات مستشفيات العاصمة. وكانت تركيا من أولى الدول التي استجابت لهذا النداء، حيث أرسلت طائرة طبية عسكرية على متنها عدد كبير من الأطباء والمعدات الطبية والأدوية إلى مقديشو، وعلى متنها أيضا وزير الصحة التركي أحمد ديميركان الذي أشرف بنفسه على عملية توزيع الأدوية ونقل 40 مصابا حالتهم خطرة بنفس الطائرة إلى تركيا لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.
وتستعد مقديشو لاستقبال طواقم طبية من السعودية والإمارات ومصر وقطر وجيبوتي ودول أخرى للمساعدة في علاج المصابين ونقل الحالات الخطرة منهم إلى الخارج للعلاج، وأعلنت الحكومة الصومالية عن حالة حداد وطني تستمر ثلاثة أيام ودعت المواطنين إلى الهدوء والتبرع بالدم لصالح الجرحى وظهر المسؤولون الكبار في الحكومة على شاشات التلفزيونات وهم يتبرعون بالدم في مستشفيات مقديشو. فيما لا تزال الحركة شبه معطلة في المدينة، وتعكف طواقم الإسعاف في استخراج مزيد من الجثث من بين ركام المباني التي دمرها الانفجار.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.