جنوب السودان يرحب بجهود هيئة الإيقاد في تحقيق السلام ويرفض حلول الخارج

زعيم التمرد يرفض للمرة الثانية لقاء وفد الحوار الوطني ويشترط وقف الحرب

TT

جنوب السودان يرحب بجهود هيئة الإيقاد في تحقيق السلام ويرفض حلول الخارج

أعرب رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت عن تقديره للجهود الذي تبذلها الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) لتحقيق السلام في بلاده، على الرغم من أنه جدد رفضه بأن يتم فرض السلام من الخارج، في وقت رفض فيه زعيم التمرد رياك مشار لقاء وفد الحوار الوطني الذي وصل إليه في جنوب أفريقيا للمرة الثانية، ويشترط وقف الحرب.
واجتمع كير مع وفد من «الإيقاد» وصل جوبا أول من أمس برئاسة وزير خارجية إثيوبيا وركنه جيبيهو، الذي أطلع كير على نتائج المشاورات التي أجراها الوفد مع قادة الفصائل المعارضة الذين أكدوا على استعدادهم للمشاركة في تنشيط عملية اتفاق السلام الذي تم توقيعه في أغسطس (آب) 2015 ويواجه مصاعب، وأصبح على حافة الانهيار بحسب المعارضة.
وضم وفد الإيقاد وزراء خارجية كينيا أمينة محمد، وأوغندا سام كوتيسا، والسودان إبراهيم غندور، وجيبوتي محمود على يوسف، والصومال عبد القادر أحمد خيري عبدي، وعقد الوفد قبل وصوله إلى جوبا سلسلة من الاجتماعات الاستشارية مع زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان - رياك مشار ولام أكول والجنرال بيتر غاديت والجنرال بابيني مونتويل وكوستيلو قرنق.
وقال مبعوث «الإيقاد» إلى جنوب السودان إسماعيل وايس إنه يعتزم الاجتماع مع ممثلي المجتمع المدني في وقت قريب، مشيراً إلى أن المشاورات التي تجريها «الإيقاد» مع مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للوقوف على آرائها حول عملية تنشيط اتفاقية السلام ووقف إطلاق النار ووضع الجدول الزمني الواقعي لتنفيذ الاتفاقية للوصول إلى مرحلة إجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية العام 2018.
من جانب آخر، قال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إن فرض السلام في بلاده من الخارج تسبب في تجدد الصراع العام الماضي، داعياً إلى الاستمرار في إدارة الحوار الوطني داخلياً مع أصحاب المصلحة الحقيقية والقوى السياسية الراغبة في السلام.
وأوضح كير خلال اجتماعه مع مسؤولين محليين في قصره الرئاسي أن الجهود الخارجية لفرض السلام تقوض المبادرات التي تطرح من داخل البلاد، وقال: «لقد جربنا الحلول من الخارج ونعلم أنها تسببت في استئناف وتجدد الصراع في يوليو (تموز) 2016»، وأضاف أن المفاوضات الحقيقية تأتي من قبل شعب جنوب السودان الذي يعرف مصالحه، رافضاً ما سماه نسخ الحلول التي نفعت في دول أخرى ليتم اعتمادها في بلاده، وتابع: «لقد تم فرض السلام في أغسطس 2015 وكانت النتيجة ما وقع في العام الماضي من تجدد القتال، ونحن لا نريد تكرار ذلك مرة أخرى».
ودعا كير حكام ولايات جنوب السودان إلى نشر السلام والتسامح، وقال إن قيادات حملت السلاح عادت إلى البلاد بموجب اتفاقية السلام التي فُرِضَت في أغسطس 2015، وأضاف أن تلك الاتفاقية تسمح للمتمردين بالاحتفاظ بأسلحتهم، ولذلك قوضوا جهود السلام، وشدد على أن ترتيبات السلام التي فرضت خلقت حرباً وأطالت من أمدها ولم تعالج الوضع، وقال: «سنعمل على تشجيع شعبنا على المشاركة في الحوار الوطني ومعالجة التظلمات... والحوار ليس ترتيباً سياسياً وإنما مناقشة جميع القضايا بما فيها إدارة الحكم... وأن الهدف من اتفاق السلام هو وقف الحرب بين الحكومة والمتمردين».
إلى ذلك وقال مساعد رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت كيو جاتلواك إن زعيم التمرد الرئيسي في البلاد رياك مشار يسعى إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة، وليست لديه رغبة بإجراء إصلاحات ديمقراطية، وأضاف: «من الواضح أن ما يريده مشار ليس الإصلاحات والديمقراطية التي يدعي أنه يقاتل من أجلها أنه فقط يهتم بالسلطة ولا يهتم بما يواجهه الناس وما يمرون به».
وكان مشار قد رفض مقابلة أعضاء اللجنة التوجيهية للحوار الوطني في جنوب السودان، التي وصلت إلى جنوب أفريقيا على الرغم من المحاولات الكثيرة التي قام بها نائب الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا.
وفي السياق، قال قيادي في المعارضة المسلحة بزعامة رياك مشار إن الحوار لا يمثل أولوية في ظل استمرار الحرب ووجود النازحين في معسكرات الأمم المتحدة واللاجئين في دول الجوار، وأضاف: «الحكومة أولوياتها مواصلة الحرب وارتكاب الجرائم والفظائع ضد شعبنا، ولذلك لا يمكن أن تتحدث عن الحوار».
وفر أكثر من مليون شخص من جنوب السودان منذ اندلاع النزاع في ديسمبر (كانون الأول) 2013، عندما أقال الرئيس سلفا كير نائبه مشار من منصب نائب الرئيس، وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وشرد ما يقرب من مليوني شخص في أسوأ أعمال عنف تشهدها الدولة الوليدة منذ أن انفصالها عن السودان 2011.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.