هل يستغل اليمين المتشدد أزمة الإقليم لاستعادة شعبيته؟

منتجات تحمل «رموزاً نازية» تباع في شوارع برشلونة

TT

هل يستغل اليمين المتشدد أزمة الإقليم لاستعادة شعبيته؟

باتت مشاهد تجمع أفراد من اليمين المتشدد في الشارع الإسباني مألوفة، منذ ارتفاع منسوب التوتر الناجم عن محاولات انفصال إقليم كاتالونيا، الأمر الذي أثار مخاوف من إمكانية تنامي قوتها بعد عقود من التهميش.
وفي وسط برشلونة، شاركت الخميس مجموعات تنتمي إلى كل من حركة «هوغار سوسيال» المعادية للأجانب، وحزب «فوكس» اليميني المتشدد، ومجموعة «إسبانيا 2000» القومية المتشددة، في مسيرة إلى جانب عشرات الآلاف من العائلات والمتقاعدين بمناسبة العيد الوطني الإسباني، كما أورد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وليس بعيداً عن تلة مونجويك في برشلونة، احتشد عدة مئات من أنصار اليمين المتشدد، حيث ألقوا خطابات حماسية واقفين قرب كشك يبيع تذكارات، مثل «وصية» أدولف هتلر السياسية، أو بضائع عليها شعار وحدات «إس إس» (الشرطة السرية التابعة للحزب النازي الألماني).
واحتشدت مجموعات صغيرة من أنصار اليمين المتشدد في مناسبات أخرى في برشلونة، أو في فالنسيا وجزر البليار، وهي أجزاء من إسبانيا متمسكة بشدة بهوياتها الإقليمية، ما تسبب بوقوع ملاسنات.
ورغم أن وقوع حوادث من هذا النوع ليس بأمر جديد، إلا أن البعض يخشى من أن تزداد قوة اليمين المتشدد، حال استمر الخلاف بين حكومة إسبانيا المركزية وقادة كاتالونيا الداعين إلى استقلال إقليمهم.
ويرى المحلل السياسي، بابلو سيمون، أنه «كلما طال أمد حالة الاستقطاب (في إسبانيا) وأصبح حل النزاع أمراً أكثر صعوبة، كلما ازداد احتمال تنظيم هذه المجموعات لأنفسها وكسب النفوذ السياسي أو النزول إلى الشوارع». وأضاف: «لم تكن هناك قط في الماضي مظاهرات بهذا الحجم بالأعلام الإسبانية، وهذا ما تستغله هذه المجموعات لتزداد جرأتها وتتوسع. لقد باتت أكثر حضوراً». ولكن المؤرخ خافييه كاسالس، المتخصص في شؤون اليمين المتشدد، يصر على عدم وجود أي حزب سياسي يمتلك شعاراً قوياً بما فيه الكفاية، ليمكّنه من الاستفادة من الأزمة الكاتالونية. إلا أنه يشير إلى صعوبة التنبّؤ بما يمكن أن يحصل، حيث إن «الوضع في كاتالونيا يتطور بشكل سريع مع وجود سيناريوهات متغيّرة يصعب توقعها».
وبعكس دول أوروبية أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا، فإن اليمين المتشدد في إسبانيا على الهامش و«تشرذم بشكل هائل منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي»، بحسب المصور الصحافي خوردي بوراس الذي تابع الملف منذ مدة طويلة. ولم يدخل برلمان البلاد أي مرشح من اليمين المتشدد منذ العام 1982.وبعد تحول إسبانيا إلى الديمقراطية في السبعينات، وجد اليمين المتشدد نفسه غير قادر على زيادة تأثيره إلى أبعد من التغني بالحنين لديكتاتورية فرانشيسكو فرانكو الذي حكم بين عامي 1939 و1975.
كما يقول بوراس. ويضيف أن العديد من الأشخاص الذين يعتبرون مع اليمين المتشدد يصوتون لصالح الحزب الشعبي المحافظ الذي يحكم حالياً. وفيما تجمع قضايا مثل الهجرة ومعاداة الإسلام، اليمين المتشدد في دول أخرى، «تشكل حركة استقلال كاتالونيا حافزاً لليمين المتطرف في إسبانيا، كون هاجسهم الرئيسي يكمن في ضمان وحدة إسبانيا» وفقاً لما نقلت «الوكالة الفرنسية» عن بوراس. ويوم الخميس في برشلونة، أشار زعيم حزب «فالانج» اليميني المتشدد مانويل أندرينو، في خطاب غلبت عليه نبرة الغضب، إلى أن مدريد ستستضيف العرض العسكري التقليدي بمناسبة اليوم الوطني. وقال: «لا أظن أن هناك أي عرض علينا الاحتفال به، وخصوصاً ليس في مدريد. على جيشنا أن يكون هنا الآن مع مواطنينا».
ويقول الباحث الاجتماعي ناركيزو ميكافيلا، إنه فيما تظهر استطلاعات الرأي «تنامي أحزاب مثل (فوكس)»، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الدعم المطلوب. ولكن قادة كاتالونيا القوميين نشروا «فكرة معاداة أقرانهم الإسبان» على حد تعبيره، حيث روجوا لفكرة «إسبانيا تنهبنا» في إشارة إلى اتهامات برشلونة المتكررة لمدريد بأنها تدفع ضرائب للحكومة المركزية، فيما لا تحصل في المقابل على الكثير منها. ويرى ميكافيلا أن ذلك ساهم في رد اليمين المتشدد على الأزمة الكاتالونية في فترة ارتفع فيها منسوب التوتر السياسي.
ويقول: «في نهاية المطاف، إن المتطرفين يحتاجون إلى بعضهم البعض»، مضيفاً أنهم «يعيشون على هذه الراديكالية والمواجهة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».