مهلة بغداد للبيشمركة للانسحاب من كركوك انتهت... وواشنطن تسعى إلى التهدئة

سليماني في السليمانية بالتزامن مع وجود الرئيس العراقي فيها

قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يقرأ الفاتحة على ضريح جلال طالباني في السليمانية (موقع روداو)
قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يقرأ الفاتحة على ضريح جلال طالباني في السليمانية (موقع روداو)
TT

مهلة بغداد للبيشمركة للانسحاب من كركوك انتهت... وواشنطن تسعى إلى التهدئة

قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يقرأ الفاتحة على ضريح جلال طالباني في السليمانية (موقع روداو)
قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يقرأ الفاتحة على ضريح جلال طالباني في السليمانية (موقع روداو)

يترقب العراقيون اليوم ما ستؤول إليه المواجهة بين القوات العراقية والأكراد في محافظة كركوك بعد الإنذار الذي وجهته بغداد لإقليم كردستان بإخلاء آبار النفط فيها، في وقت دخلت واشنطن على الخط للتهدئة بالتزامن مع زيارة لقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، إلى السليمانية.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، إن بلاده تحاول «نزع فتيل التوتر، وإمكانية المضي قدماً دون أن نحيد أعيننا عن العدو»؛ في إشارة إلى قتال تنظيم داعش. والتوتر بين حكومة بغداد والأكراد «قديم»، ويقع ضمن أولويات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي يدير الجهود لتخفيف حدتها. وقال ماتيس إن القوات الأميركية «تحاول أيضاً ضمان استبعاد أي نزاع محتمل». وفي غضون ذلك، أكدت مصادر كردية أن طائرات التحالف الدولي ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة كثفت طلعاتها فوق كركوك.
ورغم أن وسائل الإعلام الكردية أشارت إلى أن قاسم سليماني زار ضريح الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني أمس في مدينة السليمانية، فإن التأريخ الذي كتبه سليماني في سجل زوار الضريح أشار إلى أن الزيارة جرت في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أي قبل ثلاثة أيام، ويصادف هذا التأريخ بدء الحشد الشعبي والقوات العراقية بالاستعداد للهجوم على كركوك والمناطق المتنازعة الأخرى. وبحسب مصادر «الشرق الأوسط» تسعى طهران إلى بث التفرقة بين الأحزاب الكردية لتضعف موقفها من قضية كركوك والاستفتاء، وبالتالي تقدم المدينة على طبق من ذهب لبغداد التي أصبحت الحليفة الرئيسية لطهران في الشرق الأوسط.
وعن إمكانية توصل الاتحاد الوطني الكردستاني إلى اتفاق مع إيران وبغداد لانسحاب بيشمركة الاتحاد من كركوك، خاصة أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم وصل أول من أمس إلى مدينة السليمانية، وتزامن وصوله مع وجود قاسم سليماني فيها؛ أكد النائب الكردي في البرلمان العراقي، شاخوان عبد الله، لـ«الشرق الأوسط» أن قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني لن تنسحب وهي تتمركز في كركوك. حالياً هناك وساطة لحل المشكلة بين كردستان والحكومة العراقية بالطرق الدبلوماسية، ويمكن للرئيس العراقي فؤاد معصوم أن يلعب دوراً جيداً في إنهاء المشكلة بشكل سلمي».
إلى ذلك، قال قائد قوات حزب الحرية الكردستاني، حسين يزدان بنا، الذي خاضت قواته إلى جانب قوات البيشمركة لأكثر من 3 أعوام معارك ضارية ضد داعش في غرب كركوك وشرق الموصل، لـ«الشرق الأوسط» إن سليماني «يشرف بشكل مباشر على خطة طهران لاحتلال كركوك ويحرك القوات العراقية والحشد الشعبي، ويقود سياسة محاربة الكرد والسيطرة على حقول النفط الواقعة في غرب المحافظة المتمثل بحقول باي حسن وهافانا».
وبعد أن ساءت العلاقات بين بغداد وأربيل، إثر استفتاء الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) على استقلال إقليم كردستان، أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه لا يريد حربا ضد الأكراد، بينما تؤكد أربيل أن «التصعيد لن يأتي من جانبها»، وفي الوقت ذاته حشد الجانبان آلاف المقاتلين في أطراف مدينة كركوك المتنازع عليها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من العبادي أن إلغاء نتائج استفتاء إقليم كردستان ما زال شرطاً لأي حوار مع إقليم كردستان، فيما بدا رداً على القيادي الكردي هوشيار زيباري الذي نسب إليه قوله في تغريدة أمس إن العبادي «أسقط شرط إلغاء نتائج الاستفتاء».
وبدأ التوتر في كركوك منذ إصرار الأكراد على إجراء استفتاء الاستقلال وبقي محافظها في منصبه رغم قرار البرلمان إقالته. ومن أجل تفادي صدامات مسلحة، أمهلت القوات العراقية قوات البيشمركة 48 ساعة للانسحاب وتسليم مواقعها للحكومة الاتحادية بنهاية مساء أمس، حسبما أكد مسؤول كردي.
بدوره، قال أحمد الأسدي، المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي، إن «ما يحدث في جنوب كركوك هو وجود قوات نظامية تتحرك وفق القانون وضمن أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة وإدارة وسيطرة قيادة العمليات المشتركة». وأضاف: «هذه القوة مكلفة بإعادة انتشار القوات على ما كانت عليه قبل 9 يونيو (حزيران) 2014». وتابع: «لذلك لن تكون هناك أي فوضى ولا انجرار لصراعات أو اشتباكات جانبية (...) فلا داعي للقلق حيال ذلك... ستتم إعادة الانتشار ويعود كل لموقعه السابق، ومن يخالف القانون سيحاسب وفقاً للقانون».
واستغلت القوات الكردية انهيار القوات الاتحادية العراقية في 2014 خلال الهجوم الواسع لتنظيم داعش على شمال وغرب العراق، لتفرض سيطرتها بشكل كامل على مدينة كركوك وحقول النفط في المحافظة، وحولت مسار الأنابيب النفطية إلى داخل إقليم كردستان وباشرت بالتصدير من دون موافقة بغداد. كما سيطرت على مناطق أخرى في محافظات مجاورة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.