سلامة يلتقي «الأقليات الليبية» قبيل انطلاق الجولة الثانية لتعديل «الصخيرات»

الناتو يعترف بـ«كارثة» ما بعد إسقاط القذافي

من اجتماع المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع ممثلين عن قبائل التبو الطوارق والأمازيغ («الشرق الأوسط»)
من اجتماع المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع ممثلين عن قبائل التبو الطوارق والأمازيغ («الشرق الأوسط»)
TT

سلامة يلتقي «الأقليات الليبية» قبيل انطلاق الجولة الثانية لتعديل «الصخيرات»

من اجتماع المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع ممثلين عن قبائل التبو الطوارق والأمازيغ («الشرق الأوسط»)
من اجتماع المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع ممثلين عن قبائل التبو الطوارق والأمازيغ («الشرق الأوسط»)

استبق المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة الجولة الثانية من تعديلات «اتفاق الصخيرات» التي تبدأ في تونس العاصمة اليوم (السبت) بين الفرقاء الليبيين، بلقاء ممثلين عن أقليات قبائل الطوارق والتبو والأمازيغ، وسط اتهامات متبادلة بين الموالين «للمجلس الرئاسي من جهة، والمؤسسة العسكرية» من جهة ثانية، على خلفية المادة الثامنة من الاتفاق.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها عبر «فيسبوك» إن «لقاء سلامة هيئات تمثيلية للطوارق والتبو والأمازيغ، أمس، جاء بهدف مناقشة التنمية المحلية، وحقوقهم الدستورية، ودمجهم في الحياة السياسية».
وعبّر الشيخ إبراهيم وردكو، رئيس مجلس أعيان وشيوخ قبائل التبو في ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»، عن ترحيبه باللقاء الذي أجراه سلامة بقوله «لقد كنا نعاني من تهميش ممنهج خلال حكم نظام معمر القذافي، والآن نعاني من تهميش من نوع آخر يتعلق بتجاهلنا سياسياً واقتصادياً، رغم دورنا الكبير في الثورة الليبية».
وأضاف وردكو أن «التبو ليست لهم مطالب فئوية، فهم كغيرهم من القبائل ينشدون استقرار ليبيا من خلال مشاركتهم في العملية السياسية، مثل كل مكونات المجتمع»، مشيراً إلى ضرورة وجود «تمثيل إيجابي للأقليات في العملية الانتخابية المستقبلية، بما يحقق التوافق المطلوب في البلاد». كما لفت رئيس مجلس أعيان شيوخ وقبائل تبو ليبيا إلى أنه سيلتقي المبعوث الأممي في تونس 20 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لبحث أمور ذات صلة.
وللمرة الأولى منذ تعينه في يوليو (تموز) الماضي، خرج المبعوث الأممي عن هدوئه، وتحدث بنبرة يغلب عليها الانفعال، ودعا إلى أهمية التسريع بالحوار لإنجاز المهمة المتفق عليها، بعقد «مؤتمر وطني» شامل خلال عام، وقال بهذا الخصوص «أنا لم أختر الجالسين حول طاولة الحوار، وكنت أريد أن يكون عددهم أقل كي تكون الصياغة أسهل»، مبرزاً أن «الصياغة بخمسين شخصاً أو مائة أمر غير معقول... لا نريد أن نضحك على بعض».
وأضاف سلامة في حديثه مع ممثلي «تجمع أهالي وسكان طرابلس»، الذي كان بحضور أعضاء من مجلسي النواب والدولة في العاصمة مساء أول من أمس، أن «أحد الحاضرين في لجنة الصياغة جاء إلى الاجتماع حاملاً معه مشروع دستور جديد لكنني قلت له: لا هذا المكان ولا هذا الزمان، نحن نعمل على تعديلات محدودة»، وأضاف موضحاً «نحن أمام لجنة صياغة لتعديلات محدودة، وليست إقامة حوار لاتفاق سياسي جديد أو لدستور جديد»، معرباً عن أمله في أن «لا تمتد جلسات الحوار أكثر من أسبوعين من الآن».
كما تحدث سلامة عن حرصه على «سيادة ليبيا» بقوله «أنا حريص على سيادة البلاد مثلكم وأكثر، وبالتالي فلن أسمح لسفير أو دبلوماسي واحد أن يدخل إلى مقر البعثة (في تونس) خلال اجتماع لجنة الصياغة... وكل الذين حجّوا إلى تونس خلال الأسبوعين الماضيين حجّوا إلى المكان الخطأ، وآمل قريباً جداً أن أقود مكتب الأمم المتحدة في طرابلس».
وانتهى سلامة قائلاً: «عليَّ أن أطبق المادة (12) من الاتفاق السياسي المدعوم بقرار من مجلس الأمن الدولي، التي تنص على تشكيل لجنة موحدة من مجلسي الدولة والنواب لصياغة تعديلات الاتفاق السياسي».
وفي سياق متصل انتقد إبراهيم الدرسي، عضو مجلس النواب، موافقة مجلسه على نقل صلاحيات القائد العام للجيش، إلى المجلس الرئاسي الجديد، وفقاً لتعديلات لجنة الصياغة في اجتماعها الأول في تونس. وتساءل الدرسي في لقاء تلفزيوني، أول من أمس: «هل سنبيع دماء الشهداء في بنغازي، وسنسلم المجلس الرئاسي لأشخاص نشك في ولائهم للجيش».
ووفقاً لتعديلات المادة الثامنة من «اتفاق الصخيرات» يصبح رئيس المجلس الرئاسي، المكون من 3 أشخاص، القائد الأعلى للجيش، شريطة أن يكون الأمر بإجماع أعضائه، وموافقة مجلس النواب، الأمر الذي وصفه العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، بأنه «استهداف للجيش وقياداته»، وطالب بإلغاء تلك المادة لأنها «تساوى بين الميليشيات الإجرامية والإرهابية والجيش»، حسب تعبيره.
في المقابل، اتهم عضو بالمجلس الرئاسي، رفض الإفصاح عن اسمه، قائد الجيش المشير ركن خلفية حفتر بـ«عرقلة» الاتفاق السياسي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سبق لحفتر الوقوف في وجه (اتفاق الصخيرات)، وهو الآن يكرر الموقف ذاته.... ولا بد أن يخضع جميع الأطراف لما ستسفر عنه تعديلات الاتفاق في تونس إذا كنا نريد الانتهاء من المرحلة الانتقالية، والتوجه إلى بناء الدولة المستقرة، بعيداً عن المحاصصة السياسية والقبلية».
وكان سلامة قد أعلن مطلع أكتوبر الجاري عن توصل «لجنة الحوار» إلى «تفاهمات» لتعديل بعض النقاط المهمة باتفاق الصخيرات.
إلى ذلك، رصد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، مشيراً إلى أن «آلاف المواطنين يُحتجزون تعسفياً في جميع أنحاء البلاد، وكثير منهم يتعرضون للتعذيب».
وقال بيان لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أمس، إن «المجموعات المسلحة تمارس القتل، وتحتجز المدنيين والمحاربين كرهائن، بالإضافة إلى إصابة المدنيين من الرجال والنساء والأطفال كل أسبوع جراء الاستخدام العشوائي للسلاح»، مشيراً إلى أن أعمال تلك الجماعات «تعرقل» إحراز أي تقدم ملموس نحو الاستقرار والتنمية والسلام في البلاد.
ورأى أن مراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين تمثل «مصدر قلق خاص بسبب التقارير المروعة الواردة منها، مما يحتم معالجة الوضع سريعاً».
ودعا الحسين، الحكومة، إلى وضع خطة عمل لإنهاء الاحتجاز التعسفي في البلاد، تشمل نقل المحتجزين إلى سجون تحت إدارة الشرطة القضائية التابعة لوزارة العدل، والإفراج عن المحتجزين لفترة مطولة، والذين لم يقدم ضدهم أي دليل بارتكاب فعل إجرامي أو تم احتجازهم دون مسوغ قانوني.
في شأن آخر، أعاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) التذكير بالتدخل العسكري في ليبيا ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وقال إنه «غير نادم» على تدخل الحلف عسكرياً ضد نظام القذافي، ورأى أن «العمل العسكري كان فعالاً»، لكن «المتابعة السياسية كانت كارثية، وخطأ لا ينبغي تكراره».
وقال ينس ستولتنبرغ في مقابلة أجرتها معه صحيفة «أفينيري»، لسان حال مجلس الأساقفة الإيطاليين، ونقلتها «أكي»: «لقد تصرفنا وفقاً لتفويض الأمم المتحدة وكنّا مسؤولين عن حماية الشعب الليبي من هجمات حكومة القذافي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.