السودان يجني مكاسب رفع الحصار في أول أسبوع من تنفيذ القرار

الإفراج عن حسابات 223 مؤسسة... واستئناف النشاط المصرفي الدولي

TT

السودان يجني مكاسب رفع الحصار في أول أسبوع من تنفيذ القرار

أفرجت إدارة الخزانة الأميركية، أمس، عن 223 حساباً مصرفياً «بعملة الدولار»، تابعة لمؤسسات اقتصادية ومرافق خدمية وبنوك وشركات كبري في السودان، وهي من أول المكاسب التي يجنيها اقتصاد البلاد بعد رفع الحصار الأميركي عنه، أمس (الجمعة).
وفرضت الولايات المتحدة العقوبات للمرة الأولى على السودان عام 1997، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ومخاوف متعلقة بالإرهاب، وأعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في يناير (كانون الثاني) الماضي عن موافقة مبدئية على تخفيف العقوبات عن السودان.
وفي يوليو (تموز)، أرجأت إدارة الرئيس دونالد ترمب قرار رفع العقوبات بشكل دائم ثلاثة أشهر، وحددت 12 أكتوبر (تشرين الأول) موعداً نهائيّاً للسودان لتلبية الشروط، بما في ذلك حل الصراعات وتعزيز جهوده الإنسانية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا) عن محافظ بنك السودان المركزي حازم عبد القادر، في تصريحات من واشنطن، أمس، أن مكتب مراقبة الأصول الأميركية الخارجية (أوفاك) أصدر تعميماً بإزالة الحظر عن المؤسسات والشركات السودانية.
ويتصدر بنك السودان المركزي وهيئة سكك الحديد وشركة «جياد» الصناعية والشركة السودانية للاتصالات، قائمة 223 جهة سودانية تم رفع الحظر عنها فعليّاً أمس.
وشملت القائمة أيضاً كبرى الشركات الزراعية والتجارية والمصارف في البلاد، مثل «الحبوب الزيتية»، و«الحفريات»، و«البنك العقاري»، و«بنك النيل الأزرق المشرق»، ومصنع «الجديد» في مجال السكر، والشركة السودانية للأسواق والمناطق الحرة.
وقال عباس على عباس نائب الأمين العام لاتحاد المصارف السودانية إن جميع مراسلي البنوك حول العالم سيستأنفون من الاثنين المقبل النشاط المصرفي مع السودان، خصوصاً في مجال تغذية الحسابات وإزالة أسماء البنوك السودانية من قوائم الحظر الأميركية.
وأشار المهندس مكاوي عوض، وزير النقل والطرق والجسور، إلى أن رفع الحظر الأميركي عن قطاعي السكك الحديدية والخطوط الجوية في السودان سييسر الكثير من الأنشطة المتعلقة بهما.
وبشَّر مكاوي بعودة قطاع النقل الجوي السوداني إلى سابق عهده وإرجاع الخطوط الملاحية التي كان يسيطر عليها السودان في موانئ عدة، وسيتم خلال الفترة المقبلة افتتاح خط السكة حديد الخرطوم - مدني، بجانب خطوط سكة حديد من الخرطوم وإلى الجزيرة، كسلا، وسنار.
وتزامن القرار الأخير للخزانة الأميركية بفك التحويلات المالية للسودان، مع الإعلان عن استثمارات إماراتية، ومن دول «بريكس» (الصين، وروسيا، والهند، وجنوب أفريقيا، والبرازيل) وموريتانا والنرويج وعدد من الشركات الأميركية والعربية على رأسها السعودية.
وبجانب ضعف الاستثمارات تعاني البلاد من ارتفاع الديون، حيث بلغت ديونها حتى الربع الأول من العام الحالي نحو 47 مليار دولار.
وقال وزير المالية السوداني، محمد عثمان الركابي، الذي يشارك في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أمس، إن بلاده قطعت شوطاً في معالجة ديونها التجارية.
وتقود بريطانيا والهند والبنك الأفريقي للتنمية جهوداً منذ أبريل (نيسان) الماضي لإعفاء السودان من الديون، وتم تشكيل تحالف أفريقي - بريطاني، لبحث المسودة الفنية التي سيقدمها التحالف في المحافل الدولية للإعفاء من الديون، أو جدولتها.
وقال الركابي: «نحتاج لمزيد من الجهود للاستفادة من رفع العقوبات، ومواصلة حزم الإصلاح الاقتصادي والسياسي وإعفاء الديون لإعادة اندماج الاقتصاد السوداني مع الاقتصاد العالمي».



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.