«فتح» و«حماس» إلى مربع «اتفاق 2011» ومصالحة موسعة الشهر المقبل

الأحمد يثمن «الثقل» المصري ويشيد بـ«الدعم» السعودي في إنجاح المحادثات

رئيسا وفدي «فتح» عزام الأحمد (يمين) و«حماس» صالح العاروري خلال توقيعهما الاتفاق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسا وفدي «فتح» عزام الأحمد (يمين) و«حماس» صالح العاروري خلال توقيعهما الاتفاق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

«فتح» و«حماس» إلى مربع «اتفاق 2011» ومصالحة موسعة الشهر المقبل

رئيسا وفدي «فتح» عزام الأحمد (يمين) و«حماس» صالح العاروري خلال توقيعهما الاتفاق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسا وفدي «فتح» عزام الأحمد (يمين) و«حماس» صالح العاروري خلال توقيعهما الاتفاق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

عادت حركتا «فتح» و«حماس» إلى مربع اتفاق «الوفاق الوطني الفلسطيني» الذي أُبرم في القاهرة عام 2011، ووقع رئيس وفد «فتح» عزام الأحمد، ونظيره في «حماس» صالح العاروري، على وثيقة لتفعيل بنود الاتفاق، أمس، في مقر المخابرات العامة المصرية، بعد يومين من المفاوضات التي خاضها ممثلو الفصيلين بالقاهرة.
واتفقت الحركتان على خوض جولة جديدة «موسعة» من المصالحة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، بحضور الفصائل الفلسطينية كافة الموقعة على اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني.
ونصت وثيقة تفعيل الاتفاق على إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني (التي يرأسها رامي الحمد الله)، من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية في الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بحد أقصى، مع العمل على إزالة المشاكل الناجمة كافة عن الانقسام، كما تضمنت الإشراف الكامل لحرس الرئاسة الفلسطينية على المعابر الفلسطينية كافة، سواء مع الجانب المصري أو الإسرائيلي
وقبيل توقيع الأحمد والعاروري على تفعيل الاتفاق، ألقى ممثل عن مصر (راعية الاتفاق)، كلمة قال فيها، إن القاهرة رعت سلسلة اجتماعات بين «فتح» و«حماس» لبحث ملف المصالحة الفلسطينية: «انطلاقا من حرص جمهورية مصر العربية على القضية الفلسطينية، وإصرار الرئيس عبد الفتاح السيسي على تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني في إنهاء الانقسام وتعزيز الجبهة الداخلية، وتحقيق الوحدة من أجل إنجاز المشروع الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين».
ووجهت مصر الدعوة لعقد اجتماع في 21 نوفمبر المقبل، لجميع الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني عام 2011.
واتفاقية «الوفاق الوطني الفلسطيني» التي أشار إليها ممثلو «فتح» و«حماس»، هي تلك التي وقعها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» سابقاً، خالد مشعل، في جامعة الدول العربية في القاهرة في 4 مايو (أيار) 2011، وحملت كذلك توقيع كل من: حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «القيادة العامة»، وحزب الشعب، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والجبهة العربية الفلسطينية، وجبهة التحرير العربية، وجبهة التحرير الفلسطينية، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا»، وجميعهم مدعوون لحضور جلسة المصالحة الموسعة الشهر المقبل في القاهرة، بموجب مشاركتهم في الاتفاق، الذي جرى تعليقه، بعد شهرين تقريبا من توقيعه، بعد خلافات حول اسم رئيس حكومة الوفاق.
وبحسب وثيقة التفعيل التي جرى توقيعها، أمس، ونشر المركز الفلسطيني للإعلام بعض بنودها، فإن رؤساء الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية سيتوجهون إلى غزة لعقد لقاءات مع مسؤولي الأجهزة في القطاع، لدراسة سبل تسلم مهامهم، وذلك حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتطرقت الوثيقة أيضا، إلى ملف الموظفين (يقصد بهم 40: 50 ألف موظف عيّنتهم حركة «حماس» في القطاع الحكومي بقطاع غزة بقرارات من اللجنة الإدارية التي حلتها قبل أسبوعين، ورفضت السلطة دفع رواتبهم)، وتم تكليف «اللجنة القانونية والإدارية التي شكلتها الحكومة الفلسطينية مؤخرا» بوضع الحلول للقضية، على أن تنجز عملها خلال الأول من فبراير (شباط) المقبل، في حين تلتزم الحكومة الفلسطينية بدفع المستحقات المالية الشهرية لموظفي غزة خلال فترة عمل اللجنة.
وأعربت مصر عن تقديرها لحركتي «فتح» و«حماس»، على «الروح الإيجابية التي اتسم بها أعضاء الوفدين وتغليبهما المصلحة الوطنية؛ هو الأمر الذي أدى إلى التوصل لهذا الاتفاق»، توجهت بـ«الشكر والتقدير للرئيس محمود عباس، لرغبته وإرادته الحقيقية لإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني».
وعقب التوقيع، تحدث رئيس وفد «فتح» عزام الأحمد، وأكد أنه تم الاتفاق الكامل على تمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة مهامها في غزة، مع الإشراف الكامل لحرس الرئاسة الفلسطينية على المعابر الفلسطينية كافة. وقال: «إن كل شيء تم تحديد جدول زمني له (...) والرئيس أبو مازن طالب وفد حركة (فتح) بعدم العودة إلى البلاد إلا بإنهاء الانقسام، والثقل المصري تميز عن المرات السابقة بشكل كبير في الدفع نحو إتمام المصالحة الفلسطينية».
ولفت الأحمد، إلى الدعم السعودي والأردني للجهود المصرية «الحثيثة لإنهاء الانقسام الفلسطيني».
وأعرب رئيس وفد «حماس» صالح العاروري، عن «جدية وصدق» حركة «حماس» في إنهاء الانقسام الفلسطيني، مشيداً بدور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومدير جهاز المخابرات المصرية خالد فوزي و«صبرهما وعملهما الدؤوب لتحقيق المصالحة».
وشدد العاروري، على أنه «لم يتم توقيع أي اتفاقيات جديدة في القاهرة، وإنما تفعيل اتفاق القاهرة الموقع عام 2011»، مشيراً إلى أنه تم «الاتفاق على وضع استراتيجية محددة بحيث يتم تنفيذ بنود اتفاق القاهرة الموقع عام 2011 خطوة بخطوة، والتركيز على تمكين الحكومة بشكل كامل، من ممارسة عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة».
وعلى جانب آخر، قال رئيس «تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح» محمد دحلان: إن جهود مصر دفعت في تجاه «انطلاقة فلسطينية جديدة نحو إعادة تجميع الصفوف واستبدال المصالحة الداخلية بالصراع الداخلي».
وأضاف في بيان رسمي، أمس: «هنيئا لشعبنا الفلسطيني البطل الصامد عودة الأمل بإمكانية استعادة الوحدة الوطنية والنهوض مجدداً ومعاً بقضيتنا العادلة، وهنيئا لأهلنا في غزة تباشير رفع الضغوط والعقوبات الجماعية الطويلة والقاسية التي تعرضوا لها بلا ذنب سوى أنهم أهل الرباط».
واختتم دحلان «العبرة ليست فيما اتفق عليه وأعلن من القاهرة، بل في كيفية تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، وتابعة ما تبقى من قضايا وملفات، وبخاصة إنهاء عقوبات غزة بأقصى سرعة ممكنة، والجلوس إلى طاولة حوار وطني في القاهرة وبحضور الكل الفلسطيني، من أجل تحصين وحماية وتنفيذ ما تم ويتم الاتفاق عليه وصولا إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والإعداد لانتخابات وطنية شاملة تشمل كافة مستويات ومؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في القريب العاجل».
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، نبيل بدر، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الدور المصري في المصالحة جاء في الوقت المناسب، وبخاصة في ظل نزاهة دور القاهرة، وعدم سابقة استثمارها للقضية الفلسطينية، مثلما فعلت أطراف، منها قطر»، ودعا إلى «التحرك السريع على المستوى الدولي بصورة مقنعة لتحقيق تناسق فلسطيني، والاستفادة من الأوضاع الجديدة التي تتلافى الانقسام».
وأضاف بدر «أثق تماماً أن دول العالم، مع تفاوت مواقفها من درجة التأييد للحقوق الفلسطينية، أضحت على بينة من أن إسرائيل لا ترد سلاماً، يعطي الفلسطينيين حقهم المشروع المؤدي لقيام دولة، وأصبحت سياسات تل أبيب، الخارجية غير قابلة للتسويق، ولا يمكنها الصمود أمام مشهد فلسطيني موحد».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.