«هيئة تحرير الشام» تستعيد المبادرة في ريف حماة بمعركتها ضد «داعش»

استرجعت أربع قرى جديدة سيطر عليها التنظيم

TT

«هيئة تحرير الشام» تستعيد المبادرة في ريف حماة بمعركتها ضد «داعش»

أعلنت «هيئة تحرير الشام» التي تشكل «جبهة النصرة» مكونها الرئيسي، أمس الخميس، عن استعادتها السيطرة على أربع قرى في ريف حماة الشرقي كان قد تقدم إليها تنظيم داعش قبل أيام في ناحية محور الرهجان. وذكرت وكالة «إباء» المقربة من الهيئة، أن الأخيرة استعادت السيطرة على قريتي أبو الغر وحسناوي، بعد إعلانها السيطرة على قرى السكري وأبو كهف وتلة أبو كهف المجاورة لريف حماة الشرقي بعد اشتباكات مع عناصر «داعش» استولت خلالها الهيئة على دبابتين للتنظيم.
وأكدت الهيئة سقوط قتلى من عناصر «داعش» على يد «قوات النخبة» التابعة لها خلال الاشتباكات هناك، فيما لم تذكر حجم خسائرها. وتحدثت «إباء» عن تدمير مقاتلي «تحرير الشام» سيارة عسكرية تقلّ 8 من عناصر «داعش» قرب قرية الشاكوسية جراء استهدافها بصاروخ مضاد للدروع، ما أدى لمقتل جميع من فيها.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمواصلة «هيئة تحرير الشام» هجومها في ريف حماة الشمالي الشرقي لاستعادة القرى والنقاط والمواقع التي خسرتها لصالح تنظيم داعش في الأيام الأربعة الماضية، لافتا إلى نجاح الهيئة بغطاء من القصف الصاروخي، من استعادة السيطرة الكاملة على قريتي السكري وأبو كهف، فيما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الطرفين على محاور أخرى في المنطقة.
وأوضح المرصد أن تنظيم داعش لا يزال يسيطر على نحو 7 قرى وتجمعات سكنية ونقاط أخرى أبرزها قرية الرهجان، مشيرا إلى أنه بعد الهدوء الذي ساد الجبهات منتصف ليل الأربعاء - الخميس، استأنفت «هيئة تحرير الشام» هجومها على مواقع «داعش» في المنطقة، في محاولة للسيطرة على المناطق التي خسرتها لصالح التنظيم قبل أيام. وأضاف: «وقد تركزت الاشتباكات في 4 قرى ومحيطها، وتم تسجيل عمليات قصف مكثف ومتبادل بين الجانبين، رافقت القتال العنيف، حيث تمكن التنظيم من التقدم في قريتين بريف حماة الشمالي الشرقي، قبل أن تعاود هيئة تحرير الشام تنفيذ هجوم عنيف واستعادة السيطرة عليهما».
ويسعى تنظيم داعش من خلال الهجوم الذي شنه على مناطق «هيئة تحرير الشام» في ريف حماة الشرقي مطلع الأسبوع إلى توسيع نطاق سيطرته في المنطقة، وتثبيت وجوده في محافظة حماة، بعد إنهاء وجوده من قبل قوات النظام كتنظيم مسيطر في كامل المحافظة عقب استعادة هذه الأخيرة لكامل ريف سلمية الشرقي. وقد رافقت المواجهات بين الطرفين حركة نزوح واسعة لمئات المواطنين الذين فروا من قراهم الواقعة في مناطق الاشتباك.
وكانت الهيئة تحدثت في بيان لها عن تنسيق بين النظام و«داعش» في المنطقة، لافتة إلى وجود اتفاق بينهما «لكون عناصر التنظيم دخلوا من منطقة عقيربات مجتازين مناطق سيطرة نظام الأسد مع دبابات وعربة بي إم بي وبيك أب عدد 20 مزودة برشاشات ثقيلة وعناصر».
وكشفت مصدر عسكري معارض في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عناصر «داعش» الذين هاجموا «هيئة تحرير الشام» في مناطق سيطرتها في ريف حماة الشمالي الشرقي، أتوا من جهة العقيربات بعدما عبروا مناطق خاضعة لسيطرة النظام، لافتا إلى أن عناصر التنظيم المتطرف كانوا على تواصل مع قيادة الهيئة في المنطقة التي سمحت لهم بدخول منطقة الرهجان التي تسيطر عليها، على أن يسلموا أسلحتهم وينضموا للقتال في صفوفها، إلا أنه بعد وصولهم إلى المنطقة الساعة الثانية بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين عبر 3 دبابات و20 شاحنة متوسطة، بدأوا هجوما مباغتا أدّى إلى سيطرتهم على مجموعة من القرى لا تزال «هيئة تحرير الشام» تحاول استعادتها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم