إسرائيل تكرر شروطها على الفلسطينيين وتوجه تهديدات عسكرية

لا تتوقع تغييراً استراتيجياً وتشكك في التزام حماس وسيطرة الحكومة

TT

إسرائيل تكرر شروطها على الفلسطينيين وتوجه تهديدات عسكرية

شكك مسؤولون إسرائيليون في جدية اتفاق المصالحة الذي وقعته حركتا فتح وحماس في القاهرة أمس، وادعوا في أول تعليق غير رسمي على الاتفاق أن حماس لا يمكن أن تفي بالتزاماتها وتسلم زمام السلطة إلى رام الله. فيما أطلق الجنرال يوآف مردخاي، رئيس الإدارة المدنية للمناطق الفلسطينية وعضو هيئة رئاسة الأركان، تصريحات يحذر فيها من انفلات نشطاء حركة حماس وتمردهم وجر المنطقة إلى حرب جديدة. وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر سياسية إسرائيلية رسمية، أنها ستدرس التطورات على الأرض بعد الاتفاق وستتصرف وفقا لها.
وقالت هذه المصادر إنه «يتوجب على أي مصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس أن تشمل التزاما بالاتفاقيات الدولية وبشروط (الرباعية الدولية)، وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل، ونزع الأسلحة الموجودة بحوزة حماس». وقالت إن «مواصلة حفر الأنفاق وإنتاج الصواريخ وتنفيذ عمليات إرهابية ضد إسرائيل، تخالف شروط الرباعية والجهود الأميركية الرامية إلى استئناف العملية السلمية». وطالبت إسرائيل، عبر هذه المصادر، بالإيفاء بتلك الشروط والإفراج الفوري عن جثماني الجنديين الإسرائيليين، آورون شاؤول وهدار غولدين، اللذين فُقدا في حرب غزة سنة 2014، وأعلنت إسرائيل عنهما ميتين، والمواطنيْن أفيرا منغيستو (إثيوبي) وهشام السيد (عربي) المحتجزيْن لدى حماس. وقالت: «ما دام لم تُنْزَع أسلحة حماس، وما دامت حماس تواصل دعوتها إلى تدمير إسرائيل، تعد إسرائيل حماس المسؤولة عن أي عملية إرهابية يعود أصلها إلى قطاع غزة. وتصرّ إسرائيل على ألا تسمح السلطة الفلسطينية لحركة حماس بإطلاق أي عملية إرهابية من الضفة الغربية أو قطاع غزة، إذا تسلمت السلطة الفلسطينية المسؤولية عن القطاع».
وكان الجنرال مردخاي، الذي يعد أهم عنصر تنفيذي في العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية، نشر تغريدة في صفحته على «فيسبوك»، حذر فيها من أن يؤدي الاتفاق وردود الفعل عليه إلى تصعيد مع قطاع غزة، وذلك بزعم أن ناشطي حركة حماس يستفزون جنود الاحتلال. وكتب مردخاي يقول إنه يلاحظ تصاعد استفزازات ناشطي حركة حماس لجنود الجيش الإسرائيلي، ويعتقد أن «حركة حماس لم تعد تتمكن من ضبط ناشطيها». وهدد: «هذه الاستفزازات قد تؤدي إلى رد إسرائيلي ضد ناشطي حماس».
وادعى مردخاي أن «ناشطي حركة حماس في شمال قطاع غزة، يعملون على إبهار عيون جنود الاحتلال بواسطة مؤشرات الليزر»، مضيفا أن هذا الوضع خطير، وأن استمرار ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد حتى لو لم يكن بموجب تعليمات من قيادات الجيش، «خصوصا في فترة حساسة من التطورات على الساحة الفلسطينية». ثم حذر «الجانب الفلسطيني» من استمرار ذلك؛ «الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى خطوات رد من الجيش الإسرائيلي».
وكان مصدر إسرائيلي آخر قد أعرب عن قلقه من قيام فلسطينيين في القطاع بإطلاق نيران، مساء أول من أمس الأربعاء، باتجاه قوة تابعة لجيش الاحتلال كانت تقوم بأعمال الدورية في منطقة «كيسوفيم» على الحدود. وبحسب الجنود، فقد سمعوا صوت إطلاق نار، وبعد استيضاح ذلك رد الجنود على مصادر إطلاق النار، وعندها أطلقت النيران ثانية باتجاه جنود الاحتلال من دون أن تقع إصابات.
من جهة أخرى، قال غدعون ساعر، وزير التربية والتعليم السابق في الحكومة الإسرائيلية، وأحد قادة حزب الليكود، الذي أعلن أنه ينوي ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة بعد انتهاء عهد بنيامين نتنياهو، إن للمصالحة الفلسطينية «أهمية محدودة»، وإنه «بالنسبة لإسرائيل لا يوجد أي تغيير استراتيجي، لأن الحكومة الفلسطينية لن تسيطر على قطاع غزة». ورفض ساعر فكرة إعادة إعمار قطاع غزة، بادعاء أنه «من يضمن لنا أنه إذا بنيْنا لهم جزيرة وميناء فإنهم لن يستخدموها من أجل إدخال أسلحة؟ وأنا أعارض هذا بشكل مطلق... الوضع في غزة صعب، لكن لا توجد كارثة إنسانية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.