عشرون عاماً على تصنيفه إرهابياً... «حزب الله» تحت مجهر واشنطن مجدداً

عناصر من ميليشيا «حزب الله» (رويترز)
عناصر من ميليشيا «حزب الله» (رويترز)
TT

عشرون عاماً على تصنيفه إرهابياً... «حزب الله» تحت مجهر واشنطن مجدداً

عناصر من ميليشيا «حزب الله» (رويترز)
عناصر من ميليشيا «حزب الله» (رويترز)

تكثف الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة جهودها إلى وضع خطط مدروسة للحد من قوة ميليشيا «حزب الله» اللبناني الذي لم يعد يشكل مشكلة للولايات المتحدة فحسب، بل أيضا لدول شرق أوسطية عدة.
فقد عرضت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي مكافأة قدرها ملايين الدولارات للمساعدة في القبض على اثنين من مسؤولي «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران مع استعداد إدارة الرئيس دونالد ترمب للكشف عن استراتيجية لمواجهة نفوذ إيران المتنامي بالمنطقة.
وصرح ناثان سيلز المنسق الأميركي لمكافحة الإرهاب للصحافيين أن المكافآت هي الأولى التي تعرضها الولايات المتحدة بخصوص أعضاء في «حزب الله» منذ عشر سنوات. مضيفا أن «المكافآت التي أعلنت اليوم خطوة أخرى لزيادة الضغط عليهم وعلى جماعتهم».
وذكر سيلز أنه في إطار استراتيجية ترمب التي ستعلن قريبا بخصوص إيران، ستضغط واشنطن على الدول التي لم تصنف «حزب الله» حتى الآن جماعة إرهابية دولية من أجل أن تفعل ذلك. وتابع: «فضلا عن ذلك، اختارت بعض الدول أن تصنف الجناح العسكري لـ(حزب الله) فقط دون أن تمس بما يسمى بجناحه السياسي». موضحا أن «هذا تمييز كاذب بلا شك. ليس لحزب الله جناح سياسي. إنه منظمة واحدة.. منظمة إرهابية وهي فاسدة حتى النخاع».
وتعتبر الإدارة الأميركية أن «حزب الله» لا يقل خطورة عن تنظيم داعش الإرهابي، وهي تقول انه حان الوقت للتصدي إليه، خاصة وأن المعارك ضد «داعش» في معاقله الرئيسية تصل إلى نهايتها.
فقد طرح مؤخرا مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في صحيفة «لوموند» الفرنسية توم بوسيرت، مشروع تشكيل تحالف دولي ضد الحزب، وقال: «لا يزال (حزب الله) يشكل تهديدا للولايات المتحدة، ولأمن واستقرار دول الشرق الأوسط، لقد آن الأوان لأن تنضم دول أخرى إلى الولايات المتحدة من أجل تقديم صورة واضحة عن هذا التنظيم القاتل، وضرب شبكاته وداعميه ومموليه، والتحضير لرد دولي على التهديد الذي يمثله بالنسبة للعالم المتحضر». واصفا الحزب بالشريك «الجونيور» لإيران، وداعيا المجتمع الدولي لتوحيد الجهود والإعلان عن أن «حزب الله» ليس فريقا سياسيا لبنانيا شرعيا.
وأوضح بوسيرت أن إيران تستخدم الحزب لزرع الإرهاب في العالم، «ومنذ 20 عاماً وتحديداً في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1997، وضعت الولايات المتحدة الحزب على قائمة الإرهاب».
وضمن الإطار نفسه، شن نيكولاس راسموسن مدير المركز الوطني لمحاربة الإرهاب التابع للحكومة الأميركية، هجوما قاسيا على «حزب الله»، متهما إياه باغتيال قيادات سياسية وعسكرية لبنانية، أبرزها رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، وتنفيذ أجندة للإرهاب الدولي تشمل امتلاك قدرة تنفيذ هجمات داخل أميركا نفسها.
وهذا الأمر قد كان حديثا تفاعليا في ساحة التواصل الاجتماعي وقد أثار ردودا كثيرة.
وقد علق الجنرال أمين حجار على حسابه في «تويتر» قائلا: ان «المودة والمحبة بين #حزب الله وبين #داعش هي بفعل الحبيب المشترك النظام السوري، الذي حماه وحفظه سلاح حزب الله (المقاوم) وخنجر داعش القاتل».
أما سيد أحمد فغرد قائلاً: «#حزب_الله ورقة إيرانية تستخدم لتخريب دول المنطقة وإثارة الحروب بها».
وقال أحمد عياش: «#حزب الله سيأخذنا إلى حرب بقرار من #إيران».
وكتب جاد علي: «شيعة لبنان ترفض هيمنة #حزب الله».
وغردت جنى جردي قائلة: «حزب الله الإرهابي سيبقى وحيدا في الأيام المقبلة».
وفي أحدث خطوات لتقييد النشاط المالي للحزب، ستمنع التعديلات الجديدة وصوله إلى النظام المالي العالمي والتعامل مع المؤسسات المالية الأخرى. أما التشريع الثاني فيتعلّق بانتهاكاته لحقوق الإنسان واستخدامه المدنيين دروعاً بشرية.
وقد أفاد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي رويس أن «ميليشيات «حزب الله» تستمر بحصد ملايين الدولارات جراء الاتجار بالكوكايين وغيرها من المواد المخدرة، عدا عن حصولها سنويا على 800 مليون دولار من إيران الداعمة لها».
ويطالب التشريع بتعديل المادة 101 من القانون الحالي بحيث تطالب الرئيس الأميركي بفرض عقوبات على أي شخص أجنبي يقدم دعماً مالياً أو تكنولوجياً إلى هيئات، مثل «بيت المال» و«جهاد البناء» و«هيئة الدعم» و«قسم العلاقات الخارجية في الحزب» و«المنظمة الأمنية الخارجية»، إضافة إلى قناة «المنار» وإذاعة «النور».
ويجد مراقبون أن إبداء الإدارة الأميركية رغبة في تشكيل تحالف ضد الحزب سيحوز وبكل تأكيد على أصداء إيجابية لدى دول عدة ومنها المملكة العربية السعودية التي دعت في وقت سابق إلى قيام مثل هذا التحالف.
كما بات واضحاً ان عملية تضييق الحصار لا تقتصر على الحزب بالشق المالي فحسب، كونه لا يكفي لإنهاء التهديد الذي يشكله. ويبدو أن الإدارة الأميركية حسمت القرار في تنفيذ استراتيجية موسعة للحد من قوة الحزب وصولا إلى إنهائه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.