الكشف في العاصمة السورية عن عصابة زورت 150 ختماً رسمياً

ضبط مجموعات تسهل تهرب الشباب من الخدمة في قوات النظام

TT

الكشف في العاصمة السورية عن عصابة زورت 150 ختماً رسمياً

مع استفحال تدخل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام في مفاصل عمل الحكومة، وربط كل ما يتعلق بتسيير أعمال المواطنين بالحصول على موافقة أمنية، ازدهر نشاط عصابات التزوير تلبية لسلسة من الوثائق والأوراق الثبوتية اللازمة لإنجاز المعاملات، كالحصول على جواز سفر أو إتمام عقد بيع أو شراء، أو إجازات استيراد وغيرها، أو طلاق.
ضمن هذه الأجواء السائدة في سوريا بعد أكثر من ست سنوات من الحرب والفوضى، لم يكن مفاجئا إعلان مصدر في إدارة الهجرة والجوازات، يوم أمس الأربعاء، عن «ضبط الكثير من حالات التزوير المتعلقة بأوراق (لا مانع من السفر) التي تصدر من إدارة التجنيد كشرط لمنح جواز السفر لمن هم في سن الخدمة الإلزامية والاحتياطية»، بحسب ما نقلته جريدة (الوطن) السورية المقربة من النظام، علما بأن تزوير عدم منع السفر، لا يمكن كشفه إلا بعد العودة إلى سجلات إدارة التجنيد للتحقق من تأجيل حامل الوثيقة المفترض أنها صادرة عن إدارة التجنيد.
ويحتاج الشباب السوريون ممن هم في سن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية إلى وثيقة (لا مانع من السفر) تؤكد إعفاءهم من خدمة العلم أو تأجيلهم عن الخدمة، كي يتمكنوا من الحصول على جواز سفر أو تجديده، كما يحتاج العاملون في الدولة رجالا ونساء إلى إذن من مدير العمل يسمح لهم بالسفر خارج البلاد سواء لزيارة أو هجرة.
وتأتي أنباء الكشف عن هذه الوثائق، بعد أسبوعين من الكشف في دمشق عن ضبط أخطر عصابة تزوير تم إلقاء القبض عليها حتى الآن في سوريا، وحسب تصريحات وسيم معروف رئيس فرع مكافحة التزييف والتزوير وتهريب النقد في وزارة الداخلية التابعة للنظام، أن هذه العصابة هي الأخطر في «مجال تزوير الأختام والمعاملات الرسمية»، فهي «قادرة على صناعة وتصميم وتزوير أي ختم بدقة فائقة واستخدامه في أي معاملة، لأن تصميم هذه الأختام عالي الدقة ويصعب كشف التزوير فيها». وأفادت جريدة (الثورة) الرسمية بأنه تم العثور لدى المزور الأهم في العصابة على «150 ختما حيا ونحو 300 نيغاتيف لأختام معدة للتصنيع منسوبة لمختلف الوزارات والإدارات والمؤسسات والجامعات وبعض السفارات في الخارج»، بالإضافة إلى ثلاث طابعات ملونة تستخدم أعمال التزوير وآلة لصنع الأختام إنجليزية المنشأ ومواد خاصة بتصنيع الأختام وهي مواد محظور بيعها في سوريا، ومجموعة كبيرة من الأوراق والوثائق الثبوتية المزورة.
ونشطت العصابة في تزوير شهادات جامعية لمختلف الاختصاصات والجامعات، وأوراق جامعية أخرى وشهادات ثانوية وإعدادية وأوراق تتعلق بقيد النفوس ودوائر الأحوال المدنية، ومصدقات التأجيل عن الخدمة الإلزامية وبطاقات شخصية وجوازات سفر ووكالات عامة، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 75 ألف ليرة و200 ألف ليرة عن كل شهادة أو وثيقة مزورة.‏ أي ما يعادل (150 - 400 دولار أميركي)
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد جوازات السفر السورية المعمم عنها والتي تمت سرقتها وتزويرها، بلغ ما يقارب 30 ألف جواز خلال السنوات الست الأخيرة. في حين تحدثت صحيفة (فيلت أم سونتاج) الألمانية في وقت سابق عن اعتقاد الحكومة الألمانية بامتلاك تنظيم (داعش) ما يعادل 11 ألف جواز سفر سوري فارغ تماماً، يمكن أن يستغله في تزوير هويات لمقاتليه من أجل السفر إلى أوروبا.
وتوسع نشاط المزورين ليغطي كافة المجالات، بدءا من بيع العقارات إلى الزواج والطلاق من خلال الوكالات المزوّرة التي انتشرت كثيرا جراء فرار مئات آلاف السوريين خارج البلاد وترك ممتلكاتهم خلفهم وكذلك علاقاتهم العائلية، ما أدى إلى ظهور شبكات من المزورين بينهم محامون خبراء باستغلال الثغرات القانونية، ووفق تقارير لصحيفة (الوطن) قال مصدر قضائي في حكومة النظام أن حالات التزوير التي ضبطت، تمت في الوكالات التي تقدمت إلى المحاكم الشرعية لارتباطها المباشر بالكثير من الأمور من طلاق وزواج ووصاية للسفر، وتم الاعتماد عليها في حالات الطلاق دون التأكد من مصداقيتها من قبل القضاة العاملين في المحاكم.
وبحسب المصدر أغلب حالات التزوير تتم في الوكالات النقابية، وهي التي يتم بموجبها توكيل صاحب الشأن للمحامي في متابعة إجراءات تخصه، في حين أن نسبة تزوير الوكالات العدلية وهي التي تتم بتوكيل شخص لآخر قليلة جداً باعتبار أن كشف حالات التزوير أصبح سهلاً.
يشار إلى أن نقابة المحامين شطبت العام الجاري أسماء عدد من المحامين من قوائمها، ممن ثبت تورطهم في تزوير الوكالات.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.