روسيا تستعجل التسوية... حوار في حميميم و«سوريا اتحادية»

قائد «الوحدات» الكردية بحث في موسكو مصير دير الزور وعفرين

مخيم أطمة للنازحين السوريين وراء جدار عازل على حدود تركيا (رويترز)
مخيم أطمة للنازحين السوريين وراء جدار عازل على حدود تركيا (رويترز)
TT

روسيا تستعجل التسوية... حوار في حميميم و«سوريا اتحادية»

مخيم أطمة للنازحين السوريين وراء جدار عازل على حدود تركيا (رويترز)
مخيم أطمة للنازحين السوريين وراء جدار عازل على حدود تركيا (رويترز)

موسكو ترى مستقبل سوريا اتحادياً مشابهاً لـ«روسيا الاتحادية»، وهي ليست قلقة من سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية على مناطق شرق نهر الفرات ومصادر النفط والغاز هناك، بالتالي فإنها ترى الأكراد «طرفاً رئيسياً» في العملية السياسية لصوغ مستقبل البلاد، وأن قطار التسوية سينطلق بعد تحرير مدينتي الرقة ودير الزور من «داعش» في الأسابيع المقبلة.
أولى لبنات البحث عن التسوية، هي عقد مؤتمر وطني من الأطراف السورية في حميميم، القاعدة العسكرية الروسية قرب اللاذقية في 29 الشهر الجاري للتمهيد لمؤتمر حوار وطني موسع لإطلاق عملية سياسية تظهر ملامحها قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس (آذار) المقبل.
كانت هذه خلاصة الأفكار التي طرحها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف، لدى لقائهما قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سيبان حمو في موسكو الأسبوع الماضي، بحسب مصادر دبلوماسية غربية اطلعت على مضمون المحادثات غير المسبوقة، علماً بأن حمو كان التقى شويغو في حميميم الشهر الماضي في أرفع لقاء بين مسؤول روسي وقيادي عسكري كردي. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مروحية روسية حطت قرب المقر الروسي في بلدة عريما بين الباب ومنبج شمال حلب بداية الأسبوع الماضي، ونقلت حمو إلى قاعدة حميميم ثم إلى موسكو لبحث ثلاثة ملفات:
الملف الأول، كان مصير مدينة دير الزور. إذ إن المحادثات بين الجانب الروسي وقائد «الوحدات» الكردية قضت بأن تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا على الضفة الشرقية لنهر الفرات بما فيها من آبار نفط وغاز وسدود مياه وتحرير مدينة الرقة من «داعش» على أن تسيطر القوات النظامية على مدينة دير الزور غرب النهر، ما قلص من طموحات «قوات سوريا الديمقراطية» التي كانت تطمح بالوصول إلى مدينة السخنة التي سيطرت عليها قوات النظام بدعم عسكري روسي وتعرضت لهجمات من «داعش». وقلص هذا من طموحات دمشق التي كانت تريد التقدم شرق نهر الفرات.
وضمن الخطة التي وضعها التحالف الدولي بقيادة أميركا، باتت عملية تحرير الرقة على وشك الانتهاء، وتحصن «داعش» في منطقة بعمق كيلومتر ونصف الكيلومتر في دوار النعيم، حيث يعيش نحو ستة آلاف مدني يستخدمهم «داعش» دروعاً بشرية لتأخير إعلان النصر في معقل «داعش»، ما جعل المعركة تدور في الأبنية والغرف، بدلاً من الشوارع.
ويتعلق الملف الثاني، بمصير مدينة عفرين في ريف حلب غرب نهر الفرات، علما بأنها من الأقاليم التي تشكل «فيدرالية الشمال السوري»، إضافة إلى إقليمي الجزيرة والفرات شرق الفرات. حمو، بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية، أبلغ محاوريه الروس شكوكه إزاء نيات تركيا من التدخل في إدلب. ونقلت المصادر عن حمو قوله إن أنقرة «تريد حصار عفرين اقتصاديا وخلق مشاكل»، مشيرا إلى أن هذا «لن يؤدي إلى خفض التصعيد بل إلى تصعيده، وهو بمثابة وضع البارود قرب النار».
من جهته، ركز الجانب الروسي على أن دخول الجيش التركي إلى إدلب جاء ضمن عملية آستانة لـ«خفض التصعيد» وتطبيق الاتفاق، وأن لا علاقة له بعفرين، مشيرا إلى أن طلائع الجيش التركي توغلت شمال سوريا لاستطلاع مناطق نشر المراقبين بين إدلب وحلب، وتطبيق اتفاق وقف النار بين فصائل المعارضة والقوات النظامية، ثم محاربة «جبهة النصرة» والأطراف التي لا تقبل وقف النار والهدنة. لكن القيادي الكردي طلب توفير ضمانات بمنع تدخل الجيش التركي ضد عفرين في ريف حلب.
يتعلق الملف الثالث بمستقبل سوريا السياسي، إذ إن القياديين الروسيين أبديا ارتياحهما لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على مناطق واسعة شرق البلاد وشمالها وطرد «داعش». وقالت المصادر: «الجانب الروسي قال بوضوح إنه يرى مستقبل سوريا اتحادياً مشابهاً لروسيا الاتحادية» وأنه يريد استخدام قوة «الوحدات» الكردية على الأرض (تضم أكثر من 70 ألف مقاتل وتسيطر مع فصائل عربية على ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع مقابل نصفها لقوات النظام) ورقة للضغط على دمشق لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحادي.
وأشارت المصادر إلى أن محادثات حمو مع الجانب الروسي كانت وراء نصيحة موسكو إلى دمشق كي تعدل موقفها من الإدارات الكردية، إذ بعد تهديدات المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسية بثينة شعبان بقتال «قوات سوريا الديمقراطية» شرق سوريا، قال وزير الخارجية وليد المعلم لتلفزيون روسي، إن إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا «أمر قابل للتفاوض والحوار في حال إنشائها في إطار حدود الدولة». وتوافق دمشق على اللامركزية وفق قانون الإدارة المحلية رقم 107. كما توافق المعارضة على ذلك، لكن الطرفين يرفضان الفيدرالية والتقسيم. وتسعى دول إقليمية إلى التزام تنفيذ القرار 2252 باعتباره نص على ضمان وحدة الأراضي السورية.
ويُعتقد أن التصور الروسي لمستقبل سوريا، الذي لا تختلف معه أميركا ودول أخرى، يقوم على اللامركزية الموسعة. وظهرت ترجمة موقف موسكو في المسودة الروسية للدستور السوري التي وزعت العام الماضي وتضمنت تأسيس «جمعية مناطق» إلى جانب البرلمان واتفاقات «خفض التصعيد»، إضافة إلى تشجيع نظام الإدارات المحلية والمجالس المحلية لمناطق المعارضة العربية التي تشكل 15 في المائة من مساحة سوريا (درعا، غوطة دمشق، ريف حمص، إدلب)، إضافة إلى حديث مسؤولين روس عن عقد مؤتمر للمجالس المحلية لبحث إصلاحات سياسية.
وأوضحت المصادر أن الجيش الروسي قرر عقد مؤتمر سوري في قاعدة حميميم في 29 الشهر الجاري بمشاركة ممثلي «المصالحات» ومناطق «خفض التصعيد» والحكومة السورية والمعارضة بعد تقديم ضمانات روسية بحمايتها. وزادت أن 5 نقاط ستبحث في مؤتمر حميميم، هي: «الوضع السوري العام، خفض التوتر بين الأطراف السورية، نقاش حول الدستور السوري، تشكيل لجان تفاوضية لمشاريع المستقبل، التمهيد لمؤتمر شامل».
ويتخوف معارضون من أن يؤدي هذا إلى تأسيس مسار بديل يؤسس على عملية آستانة، واتفاقات «خفض التصعيد»، بعيداً عن مسار مفاوضات جنيف التي يسعى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى استئنافها في بداية الشهر المقبل، والبناء على المؤتمر الموسع للمعارضة المقرر عقده في الرياض.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.