شبح مارغريت ثاتشر يطارد تيريزا ماي وسط خطة للإطاحة بها

TT

شبح مارغريت ثاتشر يطارد تيريزا ماي وسط خطة للإطاحة بها

أثارت انتخابات كارثية وخطاب شابته العثرات أزمة قيادة بالنسبة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مرحلة حرجة يسعى فيها مفاوضو بريكست إلى التوصل لاتفاق في بروكسل. وسرت تكهنات أمس الأحد بأن ماي قد تلجأ إلى حرمان منافسها بوريس جونسون من حقيبة وزارة الخارجية، بعد أيام فقط من كشف النقاب عن خطة لمجموعة من نواب حزب المحافظين تهدف إلى الإطاحة بها، ما يعيد إلى الذاكرة كيف أدى طعن مارغريت ثاتشر في الظهر إلى استقالتها عام 1990، بحسب ما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفيما أدان العديد من زملاء ماي علناً المحاولة الانقلابية ضدها وأعربوا عن دعمهم لها، إلا أن صحيفة «صنداي تايمز» ذكرت أن ثلاثة وزراء على الأقل ناقشوا ضرورة استبدالها في الأيام الماضية.
وينعقد البرلمان مجدداً الاثنين، حيث يتوقع أن تعلن ماي عن عدد من المبادرات السياسية في محاولة للتأكيد على سلطتها، فيما تسري شائعات تشير إلى إمكانية إعادة تشكيل الحكومة. واعتبرت وكالة الصحافة الفرنسية أن ماي بحاجة كذلك إلى بعض التقدم في مفاوضات بريكست العالقة التي تستأنف الاثنين.
وتكافح رئيسة الوزراء من أجل البقاء في منصبها منذ يونيو (حزيران)، عندما جاءت مغامرتها بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بنتائج عكسية فخسرت غالبيتها البرلمانية.
وبالنسبة إلى العديد من المحافظين، يكمن السؤال حالياً في موعد استقالة ماي قبل انتخابات عام 2022 وليس ما إذا كانت ستستقيل أو لا. والتاريخ الذي يتداول كثيراً هو 2019، وهو الوقت المحدد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ونقلت صحيفة «الصن» الشعبية عن أحد الوزراء قوله إن «التخلص منها أشبه بزيارة إلى طبيب الأسنان (...) تؤجلها دائماً لأنها ستكون مؤلمة رغم إدراكك أنه سيتعين عليك القيام بها في نهاية المطاف».
وتحدثت تقارير مؤخراً عن وجود انقسامات مريرة منذ أسابيع، وسط تكهنات بأن وزير الخارجية بوريس جونسون ربما يحاول الوصول إلى منصب القيادة عقب مواقفه التي أظهرت تبايناً بشأن بريكست.
وتعهد جونسون بالولاء لرئيسة الوزراء خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن تصرفاته غير المنتظمة أثارت انتقادات واسعة له واتهامات بالخيانة.
وتتضمن قائمة الخلفاء المحتملين وزيرة الداخلية آمبر راد.
أما الوزير المكلف بشؤون بريكست، ديفيد ديفيس، ونائب رئيسة الوزراء، داميان غرين، فينظر إليهما على أنهما بين الشخصيات التي ستبقى في منصبها إلى ما بعد بريكست.
وذكرت تقارير صحافية الأحد أن ماي تفكر بإعادة تشكيل حكومتها بطريقة تدفع من خلالها الجيل الأصغر من النواب إلى الواجهة.
وقالت ماي لـ«صنداي تايمز» أمس: «يتمثل جزء من وظيفتي في التأكد من أن لدي دائماً أفضل الأشخاص في حكومتي، وللاستفادة بأكبر شكل ممكن من المواهب المتاحة لي في الحزب».
وأشارت الصحيفة إلى أن إعادة التشكيل الحكومي ستجري بعد القمة الأوروبية في 19 و20 أكتوبر (تشرين الأول)، وقد تؤدي إلى حرمان جونسون من حقيبة الخارجية. غير أن رئاسة الوزراء أصدرت توضيحاً خلال النهار اعتبرت فيه أن معلومات الصحيفة في شأن التعديل الوزاري مجرد «تكهنات»، في خطوة قد يكون هدفها طمأنة جونسون إلى أن الكلام عن تغييره لم يصدر عن ماي نفسها.
وكانت بريطانيا تأمل بأن يستغل قادة الاتحاد الأوروبي الاجتماع للاتفاق على المرحلة التالية من المحادثات بشأن العلاقات التجارية بين بريطانيا والتكتل، إلا أن ذلك لا يبدو ممكناً، كما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن بريطانيا لم تحقق تقدماً كافياً حتى الآن بشأن المفاوضات التمهيدية المتركزة على كلفة الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم دفع ماي لتحقيق اختراق في خطابها الذي ألقته في إيطاليا الشهر الماضي.
وبعد إحباطها في بروكسل، حاولت ماي إعادة إحياء حظوظها خلال مؤتمر الحزب الأسبوع الماضي. لكن خطابها الرئيسي تعطل إثر تسليم كوميدي بشكل ممازح رسالة لها تُبلغها بـ«إنهاء عملها» أثناء حديثها، قبل أن تتعرض لنوبات سعال عدة جعلت من الصعب للغاية سماع رسالتها الحماسية.
وازدادت حالة الفوضى عندما بدأت حروف من شعار «بناء دولة تناسب الجميع» بالسقوط من على اللوحة خلفها.
وفي هذا السياق، كتب المعلق في صحيفة «التايمز» فيليب كولينز، وهو واحد بين عدد متزايد من المعلقين الذين يرون أن أزمة القيادة بلغت ذروتها، «قد يغمرها حالياً الشعور بأنه لا يمكن للوضع الاستمرار» على حاله.
ولا يرغب النواب المؤيدون لبريكست بأن تبطئ انتخابات جديدة عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك مخاوف من أن انقسام الحزب قد يؤدي إلى تسليم السلطة على طبق من ذهب لزعيم المعارضة جيريمي كوربن.
ولاحظ إيان بيغ، البروفسور في السياسة من معهد «لندن سكول أوف إيكونوميكس»، أن المناخ الحالي يذكّر بالإطاحة عام 1990 بثاتشر بأيدي أعضاء من الحزب المحافظ.
وتبع ذلك تبادل للاتهامات خلال التسعينات في عهد جون ميجور أدى في النهاية إلى تسلم العمالي توني بلير رئاسة الوزراء عام 1997.
وقال بيغ: «في حال عاكست الرياح تيريزا ماي فقد ينتهي أمرها في وقت مبكر جداً. ولكن إذا وقفت الحكومة خلفها، فستنجو».
وكتب رئيس الوزراء السابق جون ميجور مقالة أمس في صحيفة «ميل أون صنداي» انتقد فيها ما وصفه بـ«التصرفات التي لا تدل على وفاء التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة»، في إشارة إلى مواقف المتآمرين على تيريزا ماي. وقال إن البلاد طفح كيلها من هؤلاء.



المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم