الطلاب الموريتانيون في مصر... أزمة في توزيع 90 مقعداً جامعياً مجانياً

السفارة أحالت الملفات إلى وزارة التعليم العالي والأخيرة تلتزم الصمت

طلاب من عدة جنسيات أمام حرم جامعة الأزهر بالقاهرة (غيتي)
طلاب من عدة جنسيات أمام حرم جامعة الأزهر بالقاهرة (غيتي)
TT

الطلاب الموريتانيون في مصر... أزمة في توزيع 90 مقعداً جامعياً مجانياً

طلاب من عدة جنسيات أمام حرم جامعة الأزهر بالقاهرة (غيتي)
طلاب من عدة جنسيات أمام حرم جامعة الأزهر بالقاهرة (غيتي)

لا تزال أزمة الطلاب الموريتانيين في مصر مع سفارة بلدهم في القاهرة مستمرة، رغم التهدئة والابتعاد عن التصعيد، فيما تؤكد السفارة أن ملف المقاعد الجامعية المعفاة من الرسوم لم يعد بحوزتها، وإنما أصبحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الموريتانية هي التي تتولى تسيير وتوزيع هذه المقاعد المجانية التي تقدم سنوياً من طرف السلطات المصرية، في إطار اتفاقية التبادل الثقافي بين البلدين.
- مصير مجهول
الأزمة اندلعت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما نظم طلاب موريتانيون اعتصاماً داخل مباني السفارة، وهو الاعتصام الذي لوح السفير الموريتاني في القاهرة باستدعاء الشرطة المصرية من أجل فضه، وأثيرت ضجة إعلامية كبيرة في موريتانيا حول هذا التهديد، ولكن بعد مفاوضات بين الطلاب وجهات داخل السفارة تم التوصل إلى تسوية ودية مكنت من فض الاعتصام بطريقة سلمية.
ومع أن الطلاب توقفوا عن الاحتجاج أمام وداخل مباني السفارة في القاهرة، إلا أنهم يؤكدون أنهم يواجهون هذا العام الجامعي (2017 - 2018) «مصيراً مجهولاً وواقعاً صعباً»، بعد أن «رفضت» السفارة منحهم مقاعد التبادل الثقافي التي يصل عددها إلى أكثر من 90 مقعداً جامعياً معفاة من الرسوم تمنحها الجامعات المصرية سنوياً للطلاب الموريتانيين، وكانت السفارة هي التي تتولى توزيعها ويكفي للحصول عليها التقدم بملف وطلب بسيط.
- تحت وصاية وزارة التعليم
في آخر تطورات الأزمة، وجه الطلاب الموريتانيون في مصر رسالة مفتوحة إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، يطالبونه فيها بالتدخل الفوري من أجل حل الأزمة و«منع ضياع مستقبل عشرات الطلاب الجدد»، وفق نص الرسالة. وفيما يتهم الطلاب السفارة الموريتانية في القاهرة بالتلاعب بهذه المقاعد المجانية، والمماطلة في منحها للطلاب الذين يستحقونها، نفت السفارة هذه التهمة، وقال مصدر مأذون في السفارة لـ«الشرق الأوسط» إنها لم تعد مسؤولة عن تسيير ومنح هذه المقاعد الدراسية، التي أصبحت تحت وصاية مباشرة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في نواكشوط.
وأوضح المصدر ذاته أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الموريتاني سيدي ولد سالم، وقع على اتفاقية مع الجانب المصري، في يوليو (تموز) الماضي، تتولى بموجبها الوزارة تسيير هذه المقاعد الدراسية؛ وذلك ضمن خطة موريتانية جديدة تهدف إلى تسيير المنح الدراسية واستغلالها من أجل تكوين خبرات وطنية في تخصصات مطلوبة في السوق.
وقالت السفارة الموريتانية في القاهرة إن جميع ملفات الطلاب التي كانت بحوزة ملحقيتها الثقافية تمت إحالتها إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في نواكشوط، وذلك من أجل دراستها واتخاذ الإجراء المناسب بشأنها، بناء على طلب من الوزارة. وأضافت أنه «ليس للسفارة ولا الملحقية الثقافية أي دخل في ذلك، لأن هذا هو الإجراء الإداري الطبيعي المتبع في جميع السفارات، حيث تتلقي السفارة لائحة من الوزارة الوصية، والسفارات ملزمة بتنفيذ التوصيات التي ترد منها»، وفق تعبير المصدر.
واستغرب المصدر ضغط الطلاب المستمر على السفارة وملحقيتها الثقافية، بدل التوجه إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ الجهة الوصية على توزيع المنح الدراسية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «في السنوات الماضية عندما كانت المقاعد توزع من طرف السفارة لم تحدث أي مشاكل، والطلاب يشهدون على ذلك»، وفق تعبير المصدر.
- صخب إعلامي
في ظل تفاعل الأزمة بين الطلاب والسفارة، وتداولها على نطاق واسع في الصحافة المحلية الموريتانية، لا تزال وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تلتزم الصمت حيال الموضوع، مع أن الوزير سيدي ولد سالم كان قد استقبل في مكتبه بنواكشوط السفير المصري المعتمد لدى موريتانيا ماجد مصلح نافع، خلال الأيام الأولى للأزمة.
ومع أن اللقاء انتهى من دون الإدلاء بأي تصريحات صحافية، فإن الوكالة الموريتانية للأنباء (الرسمية) قد كتبت في برقية إخبارية مقتضبة أن اللقاء خصص «لاستعراض علاقات التعاون القائمة بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويره، خاصة فيما يتعلق باختصاص قطاع التعليم العالي والبحث العلمي»، من دون إعطاء تفاصيل أكثر.
وحظيت الأزمة بين الطلاب والسفارة بتغطية إعلامية واسعة من طرف الصحافة الموريتانية، وكانت محل اهتمام كبير لدى الرأي العام المحلي؛ إذ أعلنت عدة نقابات طلابية عن دعمها هؤلاء الطلاب؛ واتهمت هذه النقابات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالهيمنة على منح الطلاب في ظل شكوك حول «نزاهة» آلية التوزيع المعتمدة من طرف الوزارة.
- تضامن طلابي
الاتحاد العام للطلاب الموريتانيين أعلن وقوفه إلى جانب الطلاب الموريتانيين في مصر «حتى تتحقق مطالبهم»، ودعا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى «العدول فورا عن قرار تولي تسيير وتوزيع المقاعد الجامعية المصرية، ومنح التسجيل للطلاب عن طريق السفارة كما جرت به العادة في السنوات المنصرمة».
أما الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، وهو واحد من أكثر التنظيمات الطلابية قوة وتنظيماً، فقد أصدر بياناً صحافياً أعلن فيه رفضه القاطع لما قال إنه «الاعتداء على الطلاب الموريتانيين في مصر وتهديد السفارة الموريتانية لهم دون مبرر»، مشيراً إلى أنه يتوجب حل الأزمة في أسرع وقت وإلا فإنه سيدخل على خط التصعيد في جامعة نواكشوط.
وتمنح مصر ما يزيد على 90 مقعدا جامعيا كل عام لصالح الطلاب الموريتانيين، تتوزع على النحو التالي: 40 مقعدا في إطار اتفاقية مع وزارة التعليم العالي، و30 مقعداً في إطار اتفاقية مع وزارة الصيد، و22 مقعدا تقدمها وزارة الخارجية المصرية.
- اتفاقية تعاون
في آخر اتفاقية تعاون موقعة بين مصر وموريتانيا في شهر مايو (أيار) الماضي، وضع البلدان أسس تعاون وشراكة بين «الشركة الوطنية المصرية للثروة السمكية والأحياء المائية» والحكومة الموريتانية، في مجال التأهيل والتدريب والبحث العلمي والاستزراع السمكي، وبناء سفن الصيد وإدارة الموانئ والتفتيش الصحي وجودة المنتج والاستثمار والتصنيع والتثمين والتبادل التجاري.
وتأتي هذه الاتفاقية في ظل توجه موريتانيا نحو تنفيذ استراتيجية وطنية لتشجيع الموريتانيين على العمل في قطاع الصيد؛ إذ تعد موريتانيا واحدة من أغنى دول العالم بالأسماك، ولكن أغلب العاملين في هذا القطاع من الأجانب (سنغاليون وماليون وغامبيون)، بسبب عزوف الموريتانيين عن البحر نتيجة لثقافة بدوية متجذرة في المجتمع، ومن المنتظر أن يتم تكوين آلاف الموريتانيين على مهن متعددة في مجال الصيد.
وتشير الاتفاقية الأخيرة مع مصر إلى أن الطلاب الموريتانيين سيستفيدون من منح دراسية مجانية في المؤسسات التعليمية المصرية في مجال علوم البحار والثروة السمكية، وذلك مساهمة من مصر في دعم الاستراتيجية الموريتانية لتوجيه مواطنيها نحو العمل والاستثمار في قطاع الصيد.
وبموجب هذه الاتفاقية، ستقدم جامعة الإسكندرية 10 منح دراسية مجانية للطلاب الموريتانيين في مرحلة الدراسات العليا، مقسمة إلى 5 منح دكتوراه، و5 منح للماجستير. وكذلك 10 منح دراسية مجانية لمرحلة الدراسات العليا من جامعة كفر الشيخ في تخصص الثروة السمكية وعلوم البحار. كما يقدم المعهد القومي لعلوم البحار التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي 15 منحة للدراسات العليا للطلاب الموريتانيين في مختلف التخصصات البحرية.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.