التحالف يستعد لـ«المعركة الحاسمة» ضد «داعش» على الحدود السورية ـ العراقية

مقاتل بريطاني ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة أمس (رويترز)
مقاتل بريطاني ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة أمس (رويترز)
TT

التحالف يستعد لـ«المعركة الحاسمة» ضد «داعش» على الحدود السورية ـ العراقية

مقاتل بريطاني ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة أمس (رويترز)
مقاتل بريطاني ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة أمس (رويترز)

أعلن مسؤولان عسكريان أميركيان في التحالف الدولي أن المعركة الحاسمة ضد «داعش» ستكون على الحدود السورية العراقية، في وقت استمرت فيه المعارك ضد التنظيم في البادية ودير الزور والرقة، حيث سجّل سقوط المزيد من القتلى المدنيين بالغارات الجوية.
وقال روبرت سوفجي، نائب القائد العام للتحالف الدولي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «المعركة الكبرى والحاسمة ستكون عند منتصف نهر الفرات، على الحدود العراقية السورية». وأضاف: «كل الحملات ستكون في هذا الاتجاه، والمعركة ستحصل عاجلاً وليس آجلاً».
من جانبه، قال البريغادير جنرال أندرو كروفت نائب قائد القوة الجوية في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة: التنظيم المتطرف «لم يعد ينشط كقوة عسكرية بل يتخذ شكل خلايا متمردة، والتحدي في الأعوام المقبلة في العراق وسوريا يتمثل في عمل قوات الشرطة» لأن «خلايا نائمة» لا تزال تشن هجمات مفاجئة في مناطق عراقية تمت استعادتها منذ أشهر. وأكد كروفت أن «أكثر من ألف مقاتل من التنظيم وقعوا في الأسر».
وتواصلت الاشتباكات في القسم الغربي من دير الزور بين «داعش» وقوات النظام بعد دخول الأخيرة إلى «الميادين» الاستراتيجية، أول من أمس، في محاولة منها للتوغل إلى داخل المدينة، بغية السيطرة عليها، وفرض طوق من 3 جهات على القرى والبلدات الممتدة من شرق مدينة دير الزور إلى الميادين، وإجبارها على الانسحاب إلى الضفاف الشرقية لنهر الفرات. وترافقت الاشتباكات مع استمرار القصف المدفعي والصاروخي وغارات الطائرات الحربية الروسية وتلك التابعة للنظام، ما تسبب بسقوط المزيد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، مؤكداً مقتل 14 شخصاً على الأقل بينهم 7 أطفال ومواطنات على الأقل، جراء غارات استهدفت منطقة محكان ومعبرها المائي الواصل بين منطقة محكان بشرق الميادين عند ضفة الفرات الغربية، وبين منطقتي ذيبان والطيانة بشرق الفرات، خلال محاولة العائلات النزوح نحو بادية دير الزور.
وفي الرقة واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» تنفيذ عمليات تمشيط بحيث تعيق كثافة الألغام المزروعة من قبل التنظيم والدمار الذي طال المنطقة، تقدمها وهو ما أدى إلى تأجيل الإعلان عن السيطرة على كامل المدينة، في حين استمرت ضربات التحالف على الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة داعش، وهو ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الخسائر في صفوف المدنيين والتي وصلت إلى 1117 شخصا، فيما سجل ما لا يقل عن 1331 عنصراً من التنظيم.
ورغم إعلان النظام أنه أنهى تواجد داعش في آخر جيب في ريف حمص الشرقي أكد المرصد أن قوات النظام فشلت إلى الآن في استعادة السيطرة على كامل ما خسرته من مناطق، ولا تزال قوات النظام تفقد سيطرتها على مدينة القريتين وبلدة الطيبة وجبل ضاحك، ومناطق أخرى في باديتي السخنة الشرقية والشمالية ومحيط مدينة القريتين.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت عن مصدر عسكري، قوله إن «وحدات الجيش (النظامي) السوري أنهت الجمعة، عملياتها العسكرية بريف حمص الشرقي بالقضاء على آخر تجمعات تنظيم داعش في المنطقة، محررة بذلك مساحة 1800 كيلومتراً مربعاً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.