«تحرير الشام» تهاجم جنوب إدلب... ومجزرة في خان شيخون

غارات على غوطة دمشق ومناطق «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»

بعد غارة على دوما في غوطة دمشق أمس (رويترز)
بعد غارة على دوما في غوطة دمشق أمس (رويترز)
TT

«تحرير الشام» تهاجم جنوب إدلب... ومجزرة في خان شيخون

بعد غارة على دوما في غوطة دمشق أمس (رويترز)
بعد غارة على دوما في غوطة دمشق أمس (رويترز)

عاد التصعيد مجدداً إلى ريف إدلب، غداة هجوم شنّته «هيئة تحرير الشام» على بلدة أبو دالي في الريف الجنوبي، التي تعدّ بلدة محايدة وتشكّل معبر تمويل معظم مناطق إدلب، جرى الردّ عليه بغارات جوية للطائرات الروسية، أعنفها على مدينة خان شيخون، ما أدى إلى وقوع مجزرة أودت بحياة مدنيين بينهم عدد من الأطفال، فيما انسحب التصعيد على الغوطة الشرقية، التي تعرّضت لقصف جوي ومدفعي عنيف، وهجمات نفذها النظام على مناطق سيطرة «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن».
وكانت هيئة «تحرير الشام» التي تضم فصائل بينها «فتح الشام» (النصرة سابقاً) فتحت معركة جديدة في ريف إدلب الجنوبي، عبر هجوم شنّته على بلدة أبو دالي الخاضعة لسيطرة عضو مجلس الشعب (البرلمان) أحمد الدرويش، بحسب ما ذكرت مواقع معارضة، ومهّدت له بقصف مدفعي وصاروخي عنيف على البلدة والقرى المحيطة بها. ووصف قيادي في «الجيش السوري الحرّ» الهجوم بـ«المفاجئ»، خصوصاً أن بلدة أبو دلي الواقعة تحت سيطرة الدرويش، تعدّ ممراً أو معبراً للمواد التموينية والمحروقات إلى معظم المناطق المحررة في إدلب.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «تبادلَ أدوار في إدلب بين هيئة (تحرير الشام) والنظام الذي ردّ على هذا الهجوم بقصف جوي أوقع عشرات الضحايا الأبرياء، ما أدى إلى وقوع مجزرة في مدينة خان شيخون ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى بينهم عدد كبير من الأطفال».
وتعدّ معركة أبو دالي الثانية التي تخوضها «أحرار الشام» في أقل من شهر، وهي تأتي في ظلّ الحديث عن دخول القوات التركية إلى إدلب، تنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد، وفي سياق معارضة الهيئة الشديد للدخول التركي. في حين ترفض فصائل الجيش الحرّ أن تكون طرفاً في المعارك، وفق تعبير القيادي في الجيش الحرّ، الذي شدد على أن «الفصائل لا تزال ملتزمة بالتهدئة، ولن تنجرّ إلى معارك مع (تحرير الشام)، ريثما تدخل القوات التركية لتمسك بأمن المنطقة، وتصبح الثورة السورية أمام فصل جديد».
في هذا الوقت، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «طائرات حربية يُرجَّح أنها روسية، نفّذت غارات على مدينة خان شيخون بالريف الجنوبي لإدلب، لا سيما في محيط السوق الشعبي وسط المدينة، ما تسبب في استشهاد خمسة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال وعدد كبير من الجرحى، كما جرى إخراج عشرة من تحت أنقاض المنازل»، مشيراً إلى أن القصف الجوي «استهدف بلدة الهلبة ومخيماً للنازحين بريف معرة النعمان الشرقي، كما طالت الغارات بلدة التمانعة، بالريف الجنوبي لإدلب».
ولم تكن ريف حماة الشمالي الشرقي، بمنأى عن الغارات، حيث قصفت الطائرات الحربية، قرية القاهرة في سهل الغاب وبلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، في حين تمكّن عناصر تابعون لتنظيم داعش من التسلل إلى منطقة الشيخ هلال الواقعة بريف سلمية الشمالي الشرقي، واستهدفوا مروحية عسكرية روسية كانت تحلق في سماء المنطقة، على الطريق الواصل بين حماة وخناصر، وأعلن المرصد السوري أن «الطائرة تعرضت لإصابة، وأجبرت على الهبوط في منطقة قريبة تابعة لسيطرة النظام، نتيجة تضررها من الاستهداف، ولم ترد معلومات عن مصير من كانوا على متنها».
وفي موازاة التسخين في ريفي إدلب وحماة، تجدد القصف الجوي على الغوطة الشرقية لدمشق، مستهدفاً مدينة حرستا ومدينة دوما وأطرافها وبلدة عين ترما. وقال «المرصد»، إن الغارات على دوما «تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل، فيما قتل مدني آخر وجرح آخرون، نتيجة قصف مدفعية وصواريخ النظام على دوما».
ويمثّل هذا القصف خرقاً واضحاً لاتفاق «خفض التصعيد»، الذي تم التوصل إليه في محادثات «آستانة 6»، حيث أدرجت الغوطة تحت هذا الاتفاق إلى جانب مناطق درعا وريف حمص وإدلب. وأضاف «المرصد»: «دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة، ومقاتلي (جيش الإسلام) من جهة أخرى، على محاور بلدة حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية». وقالت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، إن «جيش الإسلام نشر صوراً تظهر جثث قتلى قوات النظام منتشرة على جبهات حوش الضواهرة بريف دمشق، عندما حاولت الأخيرة التقدم في المنطقة تحت غطاء جوي وقصف مدفعي عنيف». وأوضحت الشبكة أن «مقاتلي جيش الإسلام، تصدوا لأربع محاولات تقدم للنظام، على جبهة حوش الضواهرة، قبل أن يشنوا هجمات معاكسة، مكنتهم من استرجاع جميع النقاط التي خسروها خلال الأيام الأخيرة على جبهات البلدة».
في هذا الوقت، أعلن موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض أن «اشتباكات متقطعة، دارت بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفيلق الرحمن من جهة أخرى، في محور عربين بالغوطة الشرقية، ما أدى إلى خسائر بشرية في صفوف الطرفين».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».