عباس إبراهيم: لبنان انتقل من موقع التصدي للإرهاب إلى مكافحته

TT

عباس إبراهيم: لبنان انتقل من موقع التصدي للإرهاب إلى مكافحته

قال المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم إن لبنان انتقل من موقع التصدي للإرهاب إلى مكافحته، لافتا إلى أن «الاشتباك والتماس لم يعد قائما بشكل يومي مع تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) الإرهابيين، بعد طردهما من الحدود مع سوريا، إلا أن ابتعاد الخطر لا يعني زواله على الإطلاق، خصوصا أن حربنا هي مع تنظيمين عنيفين ولجوئهما إلى الانتقام يبقى أمرا قائما».
كلام إبراهيم، الذي قاله في محاضرة بواشنطن بدعوة من «معهد الشرق الأوسط» حول التحديات الأمنية الإقليمية، نشر في العدد الجديد من مجلة «الأمن العام» الصادرة عن المديرية العامة للأمن العام.
ولفت فيه إبراهيم إلى أن «لبنان دخل طورا جديدا من التحديات الأمنية، بعضها امتداد لما كان سابقا، والبعض الآخر مستجد ناتج عن التغييرات المتسارعة، لا سيما في العراق والداخل السوري فضلا عن تحد عمره من عمر القضية الفلسطينية، هو إسرائيل التي تقوم بين الفينة والأخرى بإطلاق تهديدات ضد لبنان أو ادعاءات تشكل قاعدة تهديدات مستقبلية، وصولا إلى مناورتها الأضخم عند الحدود مع فلسطين المحتلة تمهيدا وتدريبا على حرب ثالثة ضد لبنان كما تسميها هي».
واعتبر المدير العام للأمن العام اللبناني أن «المعركة الأمنية الآن صارت صراع عقول أكثر منها ميدانية، وهي تستلزم آلية أكثر تطورا من ذي قبل، لأن التهديدات الإرهابية يمكن أن تحصل في أي مكان في العالم، وهي تحصل. لكن في لبنان يستلزم الأمر تنبّها أعلى لسببين: الأول: طول الحدود بين لبنان وسوريا، وبين الأخيرة والعراق، والتي لم تنته الحرب فيهما بعد، حيث هناك حضور مسلح وبيئات حاضنة، عدا عن إمكان استغلال الإرهابيين، من تنظيمي (داعش) و(النصرة) وغيرهما، هذه الحدود الواسعة والتضاريس الطبيعية للوصول إلى الأراضي اللبنانية بطرق غير شرعية والتخفي فيها. أما السبب الثاني يكمن في وجود ما يقارب المليوني نازح ولاجئ جلهم من السوريين والفلسطينيين».
وشدد إبراهيم على أن «لبنان يبقى هدفا أساسيا لـ(داعش) و(النصرة) بسبب تكوينه الثقافي والحضاري ويزيد من احتمال استهدافه أنه لم يوفر أي بيئة حاضنة لهذين التنظيمين، خلافا لكثير من الدول العربية والإسلامية». وأضاف: «صحيح أن هاتين العصابتين تواجهان هزائم عسكرية على أكثر من جبهة لكنها لا تشكل نصرا نهائيا وفقا للمعادلات الأمنية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.