خسائر غزة خلال 10 سنوات 15 مليار دولار... والحمد الله يتطلع إلى استخراج الغاز

الحكومة تضع خطة للنهوض بالاقتصاد المتدهور وترهن نجاحها بالمصالحة

قائد حماس في غزة يحيى السنوار(يسار) ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية (وسط) ورئيس الحكومة رامي الحمد الله خلال لقاء في غزة (أ.ب)
قائد حماس في غزة يحيى السنوار(يسار) ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية (وسط) ورئيس الحكومة رامي الحمد الله خلال لقاء في غزة (أ.ب)
TT

خسائر غزة خلال 10 سنوات 15 مليار دولار... والحمد الله يتطلع إلى استخراج الغاز

قائد حماس في غزة يحيى السنوار(يسار) ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية (وسط) ورئيس الحكومة رامي الحمد الله خلال لقاء في غزة (أ.ب)
قائد حماس في غزة يحيى السنوار(يسار) ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية (وسط) ورئيس الحكومة رامي الحمد الله خلال لقاء في غزة (أ.ب)

رسم رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ملامح خطة حكومته الاقتصادية في قطاع غزة، الذي يعاني من تدهور وتراجع كبيرين على المستوى الاقتصادي والمعيشي، مؤكداً أن لديه خططاً كثيرة من أجل غزة.
وقال الحمد الله الذي بقي في غزة مع مجموعة من وزرائه: «لدينا خطط جاهزة للعمل».
وأضاف في حديث مع رجال أعمال غزيين: «نأمل أن نستطيع الاستثمار في مجال المناطق الصناعية، وحقل الغاز».
ويشير حديث الحمد الله إلى نيته استنساخ تجربة الضفة في إقامة مناطق صناعية كبيرة، وهي ما زالت في بدايتها، والبدء في استخراج الغاز، من حقل الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة، الذي اكتُشف عام 1998، ولم يجر استخراج الغاز منه بعد، وهناك اتفاقية مبدئية مع شركات خارجية لاستخراجه.
وتأمل السلطة أن يكون حقل الغاز {غزة مارين} واحداً من أسس الاقتصاد الفلسطيني وركائزه, وتقدر احتياطاته بنحو 14 تريليون قدم مكعب.
إضافة إلى ذلك، قال الحمد الله إن حكومته تسعى لاستكمال تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في غزة، والعمل على مشروع تسوية الأراضي، ومشروع تنقية المياه، واستكمال مشاريع البنية التحتية والصرف الصحي.
ويعد الملف الاقتصادي واحداً من الملفات المهمة التي سيكون على حكومة الحمد الله معالجتها، في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتراجع النمو الاقتصادي في غزة، بشكل كبير وخطير، خلال السنوات القليلة الماضية.
وشدد الحمد الله على أن حكومته ستعمل على النهوض بالواقع الاقتصادي، على الرغم من انخفاض المساعدات الخارجية إلى أكثر من 70 في المائة، وعلى الرغم من عدم وفاء العديد من الدول بالتزاماتها تجاه إعادة الإعمار في القطاع، وإيصال ما نسبته 35.5 في المائة فقط من المساعدات، داعياً كل الدول إلى الالتزام بتعهداتها، من أجل إنهاء عملية الإعمار.
لكن الحمد الله ربط بين قدرة حكومته على تطبيق خططها الاقتصادية، وبين اتفاق كل من فتح وحماس على ملفات المصالحة في القاهرة.
وقال الحمد الله: «نأمل أن تكون المصالحة رافعة لجهودنا في هذا السياق، بما يسهم في النهوض باقتصادنا، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يعانونها».
وأضاف: «لدينا مخططات وخطوات مدروسة نأمل أن نتمكن من تطبيقها على أرض الواقع، ونعوّل في ذلك على الاجتماع المقبل لحركتي فتح وحماس في القاهرة، الذي نتمنى أن يكون مثمراً، ونشكر في هذا السياق مصر، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي على إصرارها على إنجاح المصالحة».
والاجتماع برجال الأعمال هو أول اجتماع غير سياسي يعقده الحمد الله في غزة، بعد سلسلة اجتماعات مع الوزراء وحركتي حماس وفتح والمبعوثين المصريين، في مؤشر على أهمية الملف الاقتصادي.
وكان هذا الملف ضمن الملفات التي ناقشتها الحكومة الفلسطينية في اجتماعها الاستثنائي الذي عُقد في غزة أول من أمس (الثلاثاء)، ضمن ملفات أخرى مثل الحصار والإعمار والكهرباء، في حين أحالت جميع الملفات المعقدة مثل الأمن والمعابر والحدود، إلى اجتماع ثنائي سيُعقد بين حركتي فتح وحماس في القاهرة الثلاثاء المقبل.
ويفترض أن يصل وفدان من فتح وحماس الاثنين المقبل إلى القاهرة، بعد دعوة سلمها رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، للحركتين خلال زيارته الخاطفة للقطاع أول من أمس.
كان الحمد الله قد وصل إلى غزة، الاثنين الماضي، على رأس وفد حكومي كبير، ضمن جهود مصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
وأشرف وفد مصري على تسلم الحكومة للوزارات في غزة، قبل أن يغادر أمس إلى مصر.
ويأمل الفلسطينيون أن تنجح جهود المصالحة هذه المرة، بشكل ينهي الانقسام.
وتريد الحكومة الفلسطينية أولاً، السيطرة على كل شيء في قطاع غزة لا الوزارات وحسب، وسيكون هذا أول وأصعب اختبار أمام المصالحة.
وقال الحمد الله، أمس، في اجتماع لاحق مع الفصائل الفلسطينية، إنه ينظر ببالغ الأهمية إلى الاجتماع المقبل بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، واجتماعات الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية، مشدداً على أن الحكومة جاهزة للعمل وستنفذ ما سيتم الاتفاق عليه، ولن تكون إلا عاملاً مساعداً وإيجابياً لحل كل الملفات الصعبة، لا سيما ملفات الأمن والمعابر والموظفين، و«سنجتمع مع كل الأطراف لمتابعة تنفيذ المصالحة».
وأضاف: «إن توجيهات فخامة الرئيس محمود عباس هي العمل بجد وبمسؤولية لتلبية احتياجات المواطنين في غزة، ونأمل أن تقوم كل الفصائل والشخصيات والقوى والفعاليات في غزة بدعمنا، فأنتم الحاضنة للحكومة والحاضنة للمصالحة، ونعول عليكم للعمل بشكل مشترك لإنجاح المصالحة، ولنعمل يداً بيد لإنهاء الانقسام، ففلسطين تسجل انتصاراً جديداً بالوحدة والمصالحة، ونأمل استمرار الجهود لحل كل القضايا العالقة».
وشكر الحمد الله، حركة حماس على استجابتها لمبادرة الرئيس عباس بتمكين الحكومة من القيام بمسؤولياتها في قطاع غزة، «وهو موقف يجب البناء عليه، والتقدم في مختلف الملفات بشكل حقيقي».
وتابع: «لمسنا خلال الأيام الماضية نيات جدية لتحقيق المصالحة».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».