الجيش السوداني يشرع في جمع الأسلحة قسرياً منتصف الشهر الحالي

نائب البشير يعلن فرض عقوبات مشددة لحيازتها تصل إلى الإعدام

TT

الجيش السوداني يشرع في جمع الأسلحة قسرياً منتصف الشهر الحالي

فَرَضَت الحكومة السودانية عقوباتٍ مشددةً على حيازة الأسلحة قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد والإعدام، بينما تواصل حملة مكثفة لجمع الأسلحة وعربات الدفع الرباعي غير المرخصة، وتعهدت بإدماج حيازة السلاح والمخدرات والإرهاب في محكمة واحدة.
وحذر نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن، رئيس اللجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة، أمس، من عقوبات رادعة قد تطال الرافضين لجمع السلاح، تتدرج فيها العقوبة على حيازة السلاح غير المصدق من السجن عشر سنوات إلى المؤبد أو الإعدام.
وكانت الحكومة السودانية قد أطلقت، في أغسطس (آب) الماضي، حملةً لجمع السلاح من المواطنين في ولاية شمال دارفور، وفوضت الأجهزة النظامية باستخدام القوة في جمع السلاح والمصادرة دون تعويض عند الضرورة.
ولا تُعرَف على وجه الدقة أعداد الأسلحة بأيدي المواطنين السودانيين، لكن مصادر غير رسمية تقدرها بالملايين بين الصغيرة والمتوسطة، فيما أكدت حملة جمع الأسلحة التي يقودها نائب الرئيس، أنها جمعت عشرات الآلاف من أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة منذ إطلاق الحملة.
وأتاحت السلطات للحملة الوسائل كافة لمساعدتها على جمع السلاح من أيدي المواطنين، بما في ذلك أجهزة الإعلام الرسمية والإعلام الشعبي، والخدمة المدنية والقوات العسكرية، وفي هذا السياق، قال عبد الرحمن خلال مؤتمر الأئمة والدعاة الذي نُظِّم لمناصرة حملة جمع السلاح إن حكومته ستدمج قضايا السلاح والمخدرات والإرهاب في محكمة واحدة، وستخصص محكمة موحدة لهذه الجرائم في كل ولاية من ولايات البلاد البالغة 18 ولاية.
وتعهد نائب البشير بالتعامل بالصرامة اللازمة لجمع السلاح، و«تجفيف بؤره» باعتباره المهدِّد الأمني الأكبر الذي يزعزع استقرار البلاد ويروع المواطنين حسب عبارته، وقال بهذا الخصوص: «العقوبات ستكون رادعة، والدولة راجعت قانون السلاح وجمعت السلاح والمخدرات والإرهاب في محكمة واحدة، وستصل عقوبة حمل السلاح إلى السجن عشر سنوات أو السجن المؤبد أو الإعدام».
بدوره، أمهل وزير الدولة بوزارة الدفاع مَن لم يسلموا أسلحتهم وعرباتهم غير القانونية حتى منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، يتم الانتقال بعدها من المرحلة الطوعية إلى المرحلة القسرية.
وقال وزير الدولة بالدفاع الفريق علي سالم لمنتدى وزارة الإعلام الأسبوعي، أمس، إن وزارته معنية بتنفيذ ستٍّ من توصيات الحوار الوطني، من بينها عملية جمع السلاح، موضحاً أنها لا تعتبرها مجرد توصية، بل توليها اهتماماً متزايداً.
وعلى الرغم من دعوة نائب الرئيس لوضع «ميثاق شرف» لإعلاء قيم المحبة والسلام لمحاربة العادات الضارة والجهوية والقبلية، فإن حملات جمع السلاح لم تجد التأييد المطلوب من حملة السلاح والمتمردين، حيث سارعوا إلى اتهام الحكومة بمحاولة نزع سلاحهم لصالح الميليشيات المسلحة الموالية للحكومة، لا سيما في دارفور. وتسببت عوامل جغرافية وسياسية في انتشار السلاح بشكل مكثف في البلاد، وأهمها تفشي الحروب والنزاعات المسلحة في بعض دول الجوار السوداني، التي أدت لاتساع دائرة تجارة وتهريب الأسلحة من دولتي جنوب السودان وليبيا بسبب الانفلات الأمني في البلدين، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة والتمرد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وأدى تدفق أعداد كبيرة من سيارات الدفع الرباعي من طراز «لاندكروزر بك أب» الشهيرة، التي استُخدِمَت أول مرة كآلية حربية في المنطقة أثناء الحرب الليبية - التشادية التي عرفت بـ«حرب اللاندكروزر» هي وأنواع أخرى من السيارات بسبب انفلات الوضع الأمني في ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، أدى إلى إرباك كبير في الأوضاع الأمنية، ما دفع السلطات لوضعها والأسلحة غير المقننة تحت بند واحد.
وساد هدوء نسبي للقتال بين القوات الحكومية وحركات التمرد في الآونة الأخيرة في دارفور، لكن حلت محلة نزاعات ذات طابع قبلي وإثني بين المجموعات السكانية في دارفور، ترجع جذوره إلى استعانة القوات الحكومية بـ«ميليشيات» قبلية في حربها ضد الحركات المسلحة، التي يرفض بعضها تسليم أسلحتها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم