أعلن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، أمس، وفاة أمينه العام الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، في أحد مستشفيات برلين الذي كان يخضع للعلاج فيه بعد تدهور حالته الصحية.
ويعد طالباني أول كردي يتولى رئاسة العراق، إذ استمر في منصبه منذ 2005 وحتى 2014، لولايتين متتاليتين، رغم إصابته في 2012 بجلطة في القلب وأخرى في الدماغ، دخل على أثرها في غيبوبة، ومن ثم أصيب بالشلل. ولطالما وصف بأنه شخصية عابرة للانتماءات العرقية، بسبب علاقاته الطيبة بمختلف أطياف السياسة العراقية.
وكان طالباني يخضع للعلاج في مستشفى ألماني، ثم أعيد إلى معقل حزبه في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق في 2014، لمواصلة العلاج، وظل فيها حتى نقل مجدداً قبل أشهر إلى ألمانيا، حيث توفي أمس عن 84 عاماً.
ونكست الأعلام في أربيل. وأعلن رئيس الإقليم مسعود بارزاني الحداد أسبوعا على وفاة طالباني التي اعتبرها «خسارة كبيرة لنا جميعاً. لقد خسرت صديقاً وشقيقاً حظيت بفرصة خوض النضال معه».
واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر وفاة طالباني «نبأ محزناً». وقدم التعازي لعائلته «وشعبنا عامة، ومواطنينا الكرد خاصة، وإخواننا في الاتحاد الوطني الكردستاني». ووصف العبادي طالباني بـ«الشخصية المناضلة وشريكنا في بناء العراق الديمقراطي الاتحادي». وأضاف: «في هذا الظرف كنا بحاجة لعقلانيته وحكمته... ونتذكر عندما وصف الشعب العراقي بأنه باقة ورود متنوعة».
ولد جلال حسام الدين نوري غفور في 1933 في قرية كلكان الواقعة على سفح جبل كوسرت في قضاء كويسنجق بإقليم كردستان العراق. وكان والده شيخ «الطريقة القادرية» وزعيم «التكية الطالبانية» في كويسنجق التي أنهى فيها طالباني تعليمه الابتدائي.
بدأ طالباني بممارسة السياسة منذ نعومة أظافره. وعند بلوغه الرابعة عشرة، انضم إلى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بقيادة الزعيم الكردي الراحل ملا مصطفى بارزاني (والد رئيس الإقليم الحالي مسعود بارزاني) في 1946، وانتخب في 1954 عضواً في المكتب السياسي للحزب، وكان من المقربين لبارزاني.
تخرج طالباني في كلية الحقوق في إحدى جامعات بغداد في 1959، والتحق بالجيش العراقي ضابطاً، وأصبح مسؤولاً عن كتيبة عسكرية مدرعة. وفي 1961، أصبح رئيساً لتحرير جريدة «كردستان» بعد إغلاق جريدة «خبات» التي كان يشارك في إصدارها، من قبل حكومة عبد الكريم قاسم في بغداد، وتعرض للملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية العراقية آنذاك.
لعب طالباني دوراً رئيسياً في «ثورة أيلول» 1961، وشارك كقائد عسكري في معارك طرد القوات العراقية من المناطق والمدن الكردية، وبعد سقوط حكومة قاسم، قاد الوفد الكردي للمحادثات مع رئيس الحكومة الجديد عبد السلام عارف في 1963. ولتعريف العالم بالقضية الكردية، توجه طالباني في العام ذاته إلى مصر، حيث التقى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وزار الجزائر، والتقى الرئيس الراحل أحمد بن بلا، وزار أوروبا أيضا لحشد الدعم للأكراد.
تزوج طالباني في 1970 من هيرو، ابنة الشاعر الكردي إبراهيم أحمد، وأنجب منها ولدين هما بافيل وقباد. وبعد توقيع الأكراد والحكومة العراقية اتفاقية 11 مارس (آذار) 1970، أصبح طالباني ممثلاً للأكراد، وعاش خلال تلك الفترة متنقلاً بين بيروت والقاهرة ودمشق حتى 1975، حين وقعت اتفاقية الجزائر بين شاه إيران وصدام حسين.
وأسس طالباني مع مجموعة من زملائه في يونيو (حزيران) 1975 حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، ووضع خريطة لاندلاع «الثورة الكردية الجديدة» التي أعلنها في 1976، وأصبح أميناً عاماً للحزب.
وقاد طالباني بالتنسيق مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وأحزاب كردية أخرى خلال ثمانينات القرن المنصرم، القتال ضد نظام حزب «البعث» من جبال كردستان، ولعب دوراً بارزاً في تأسيس «الجبهة الكردستانية» مع الراحل إدريس بارزاني في 1986، حتى تمكنت القوى الكردية في ربيع 1991 من السيطرة على محافظات أربيل والسليمانية ودهوك من الجيش العراقي. وشارك مع مسعود بارزاني في تأسيس حكومة الإقليم في العام التالي.
كان لطالباني دور بارز في قيادة المعارضة العراقية إلى حين إسقاط نظام صدام حسين في أبريل (نيسان) 2003، وشارك في تأسيس العراق الجديد، وانتخب في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته عضواً في مجلس الحكم الذي قاد البلاد خلال الفترة الانتقالية. وكان له دور بارز في توحيد الأطراف المتنازعة، والتقريب بينها لإنجاح العملية السياسية.
رحيل جلال طالباني «العابر للانتماءات»
حداد في كردستان... والعبادي ينعى «أخاً حكيماً»
رحيل جلال طالباني «العابر للانتماءات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة