ألمانيا: اعتقال عصابة خططت للسطو على محل مجوهرات تمويلاً لشراء أسلحة

صحيفة تتحدث عن علاقة العملية بأوساط المتشددين في فرنسا

آدم يلمظ أثناء مثوله في محكمة دوسلدورف (أ.ب)
آدم يلمظ أثناء مثوله في محكمة دوسلدورف (أ.ب)
TT

ألمانيا: اعتقال عصابة خططت للسطو على محل مجوهرات تمويلاً لشراء أسلحة

آدم يلمظ أثناء مثوله في محكمة دوسلدورف (أ.ب)
آدم يلمظ أثناء مثوله في محكمة دوسلدورف (أ.ب)

أصدرت النيابة العامة الألمانية في مدينة بريمن قراراً باعتقال جزائريين، خططا مع آخرين للسطو على محل لبيع المجوهرات في بلدة أوسترهولتز - شارمبيك، لتمويل شراء أسلحة حربية. وجاء الإعلان عن حبس الجزائريين رهن التحقيق، يوم أمس (الاثنين)، بعد أن تم الكشف عن إحباط عملية السطو من قبل فريق من المحققين الدوليين مساء يوم الجمعة الماضي. وشارك في العملية محققون فرنسيون ومحققون ورجال أمن من ولايات هامبورغ وبريمن وسكسونيا السفلى وشليسفيغ هولشتاين. وجرت التحضيرات لتنفيذ أعمال الاعتقال ضد المشتبه فيهم منذ أسابيع، بحسب تقرير النيابة العامة.
وقال فرانك باساده، المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة، إن أحد الجزائريين يقيم في فرنسا (26 سنة)، بينما يقيم الآخر في بريمن (50 سنة). وشنت الشرطة حملة مداهمات في عدة مدن صغيرة، وحققت مع أفراد آخرين في العلاقة بعملية السطو المحبطة. ورفض باساده تأكيد أو نفي علاقة عملية السطو بالإرهاب، وقال إن التحقيق يجري حالياً باتجاه تنفيذ عملية إجرامية، وإن القضية تدور حول محاولة تمويل شراء أسلحة رشاشة سريعة الطلقات.
وأشار المتحدث إلى أن عمليات الاعتقال شملت 6 أفراد يوم الجمعة الماضي، ووجهت تهمة المشاركة في التخطيط لعملية السطو إلى أربعة أشخاص منهم، يعيش ثلاثة منهم في بريمن. ومن المحتمل أن تحال القضية إلى النيابة العامة الاتحادية في كارلسروه، في حال التأكد من علاقة عملية السطو بتمويل الإرهاب.
وامتدح دانييل هاينكه، رئيس شرطة ولاية بريمن، التعاون المثمر مع الشرطة المحلية، وبينها وبين السلطات الفرنسية. وأضاف أن العملية المحبطة تظهر تخطي الإرهاب للحدود، وتظهر استعداد المتشددين الإسلاميين لارتكاب الجرائم المنظمة بهدف تمويل الإرهاب. وأكد هاينكه على الأهمية المتزايدة للتعاون الشامل في الحرب على الإرهاب بين كل بلدان أوروبا.
ويرى هاينكه، رغم النجاحات في ألمانيا على صعيد إحباط العمليات الإرهابية، عدم وجود استراتيجية أوروبية موحدة في الحرب على الإرهاب. وقال إن وزير داخلية الولاية أولريش مويرر يتفق معه في هذا التقييم.
وتحدثت صحيفة «فيلت أم زونتاغ» في عددها ليوم الأحد الماضي، وفقاً لمعلومات استقتها من دوائر أمنية، عن ارتباط الرجل الفرنسي المعتقل بـ«الوسط الإسلامي المتشدد». وقالت الصحيفة إن من بين المشتبهين أيضاً جزائريين ولبنانيين وألماني. وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا رجال الشرطة الملثمين يقتادون إلى سيارة الشرطة رجلاً مقيداً غطي رأسه بكيس أسود من القماش.
وجاء في تقرير لصحيفة «فيزر كورير» أن الجزائري المقيم في ألمانيا (50 سنة) لديه سوابق لدى الشرطة، ولكن ليس بالعلاقة مع الإرهاب.
جدير بالذكر أن وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير، أشار قبل أكثر من سنة إلى ذوبان الحدود بين الإرهاب الإسلامي والجريمة المنظمة. وسبق أن ألقت الشرطة القبض على عصابة من المتشددين تنهب الكنائس كي تمول التنظيمات الإرهابية.
على صعيد متصل، تعتزم ألمانيا تسليم الإرهابي المنتمي لخلية «زاورلاند»، آدم يلمظ، إلى الولايات المتحدة. وكانت الولايات المتحدة قد طلبت عام 2016 تسليم العضو في الخلية المسجون حالياً في ولاية هيسن الألمانية. وذكر راديو «هيسن 3» أن السلطات الألمانية أمرت بإيداع آدم سجن التسليم. وأكدت متحدثة باسم محكمة مدينة فرانكفورت، أمس الاثنين، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، أن السلطات الألمانية تلقت طلباً من الولايات المتحدة بتسليم المتهم. وتريد الولايات المتحدة محاكمة يلمظ للاشتباه في قيامه بقصف معسكر أميركي خلال تلقيه تدريبات في أحد معسكرات الإرهاب في باكستان.
تجدر الإشارة إلى أن يلمظ يحمل الجنسية التركية، وينحدر من مدينة لانغن في ولاية هيسن الألمانية. وكان يلمظ الرجل الثاني في خلية «زاورلاند»، التي أعدت قبل عشرة أعوام لشن هجمات بمواد ناسفة على قاعدة أميركية في ألمانيا. ضمت الخلية وقتذاك كلا من زعيمها فرتز غيلوفيتش (29 سنة) ودانييل شنايدر (23) والتركي آدم يلمظ (30) إلى منظمة «اتحاد الجهاد الإسلامي» الأوزبكية التي تضم الألمان المتحولين للإسلام في الغالب. وتم إلقاء القبض على المتهمين الثلاثة في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2007، بعد ورود معلومات من المخابرات الأميركية عن تورطهم في التحضير لعمليات إرهابية.
وصادرت الشرطة الألمانية أثناء الحملة من شقة في مدينة ميدباخ - أوبرشليدورن في زاورلاند، كانت الخلية تتخذها مركزاً لنشاطها، 12 برميلاً مليئاً بمادة بيروكسيد الهيدروجين، يعتقد أنهم كانوا بصدد تحويلها إلى متفجرات، بعد خلطها بمواد كيماوية أخرى. ووجهت النيابة العامة إلى غيلوفيتش تهمة قيادة «خلية زاورلاند» الإرهابية، والعمل في منظمة إرهابية أجنبية، والشروع في القتل. كما وجهت إلى عضوي الخلية الآخرين تهم العمل في منظمة إرهابية محظورة، والشروع في القتل ومقاومة القانون.
ويعتقد المحققون الألمان أن المتهمين الثلاثة يشكلون شبكة ممتدة قد تضم 50 فرداً يتوزعون في الداخل والخارج. كما يخضع سبعة مشتبهين آخرين داخل وخارج ألمانيا للاستجواب، في إطار ما قد تكون شبكة إرهابية أوسع.
وتصنف دائرة حماية الدستور «اتحاد الجهاد الإسلامي» ضمن المنظمات المتطرفة النشطة في الخارج، وتقدر عدد أعضائها في ألمانيا بنحو 300 شخص. وتتخصص هذه المنظمة، حسب رأي المحققين، في كسب وتجنيد الألمان الذين اعتنقوا الإسلام. ونال رئيس الخلية الألماني فرتز غيلوفيتش حكماً بالسجن لمدة 12 سنة، ونال دانييل شنايدر حكماً بالسجن لمدة 12 سنة أيضاً؛ لأنه حاول قتل شرطي ألماني أثناء إلقاء القبض عليه. وحكمت محكمة دوسلدورف على آدم يلمظ بالسجن لمدة 11 سنة.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟