إيران تطرح من خلال عمان اتفاقاً نووياً للتوافق مع الولايات المتحدة

إيران تطرح من خلال عمان اتفاقاً نووياً للتوافق مع الولايات المتحدة
TT

إيران تطرح من خلال عمان اتفاقاً نووياً للتوافق مع الولايات المتحدة

إيران تطرح من خلال عمان اتفاقاً نووياً للتوافق مع الولايات المتحدة

طلبت إيران من عمان إيصال مجموعة من الاقتراحات الجديدة، التي هدفها منع خوض مواجهة مع إدارة ترمب بشأن الاتفاق النووي المثير للجدل، إلى واشنطن، وذلك بحسب ما أكدت مصادر في طهران أمس. وكان قد تم التوصل إلى ذلك الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى.
من المفترض أن يتضمن الاتفاق، الذي يعرف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، رفع بعض العقوبات المفروضة على إيران مؤقتاً مقابل تجميد إيران لنشاط برنامجها النووي. وتم إبلاغ عمان بهذا الطلب الإيراني عن طريق محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، خلال «زيارة عمل» إلى عمان لإجراء محادثات مع نظيره العماني يوسف بن علوي.
على الجانب الآخر، يزعم الرئيس دونالد ترمب أن إيران قد خالفت جوهر الاتفاق، ويُقال إنه يخطط لإحالة المسألة برمتها إلى الكونغرس الأميركي مما يضع نهاية لرفع العقوبات مؤقتاً عن إيران. ولترمب اعتراضات ثلاثة على الاتفاق، من المتوقع أن يتم تناولها جميعاً في الصيغة التوافقية التي حملها ظريف معه إلى مسقط.
الاعتراض الأول هو أن خطة العمل الشاملة المشتركة تتضمن «بنود انقضاء» تتصور إلغاء كافة العقوبات المفروضة على إيران خلال فترة تتراوح بين 10 سنوات و30 سنة. في الصيغة الإيرانية المقترحة الجديدة، من المفترض أن يتم الاتفاق على إلغاء مفهوم «الانقضاء»، وربط الإلغاء الكامل للعقوبات بأداء إيران على نحو ما يتم توثيقه وتأكيده.
يتمثل اعتراض ترمب الثاني في رفض طهران التصديق على البروتوكولات الإضافية في معاهدة منع الانتشار النووي، مما يجعل كل الخيارات مفتوحة أمام استئناف الجانب العسكري من المشروع النووي الإيراني. ما يعرضه ظريف الآن هو طرح مسألة البروتوكولات الإضافية سريعاً من خلال البرلمان الإيراني قبل مارس (آذار) 2018، وهو الموعد المقرر لعقد إيران ووزراء خارجية الدول الخمس + واحد «مؤتمر مراجعة» لتقييم أداء جميع الأطراف.
الاعتراض الثالث، هو أن إيران قد حاولت استبعاد برنامج تطوير الصواريخ الخاص بها من الاتفاق، مما يعني تجاهل قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتتضمن الصيغة التوافقية، التي تقترحها إيران حالياً، عرض المسألة للتحكيم مما يسمح لإيران باستكمال برنامجها، مع تقديم ضمانات عدم تصميم الصواريخ التي يتم تصنيعها لحمل رؤوس نووية.
وقال ظريف قبل ذهابه إلى مسقط، إنه إذا أرادت الولايات المتحدة الأميركية مواصلة «التفتيش الدقيق» للمواقع النووية في إيران، يجب عليها الاستمرار في الالتزام بشروط خطة العمل الشاملة المشتركة. كذلك صرح وزير الخارجية الإيراني قائلاً: «على الولايات المتحدة أن تكون موقنة من اتجاه إيران نحو التصديق على البروتوكولات الإضافية».
وفي إطار إضافة بعض «المحسنات»، جدد ظريف عرض إيران التعاون في محاربة تنظيم داعش، مقترحاً فصل سياسات إيران الإقليمية عن المسألة النووية.
وقال ظريف، في مقابلة منفصلة، إنه رغم مرونة الموقف الإيراني، تظل احتمالات التزام الولايات المتحدة الأميركية بخطة العمل 50 في المائة؛ مضيفاً أن طهران لديها بالفعل خطط طوارئ للتعامل مع أي نتيجة.
يشار إلى أن ترمب يجب أن يخطر الكونغرس الأميركي بالمسألة في موعد أقصاه 15 أكتوبر (تشرين الأول)، مما يجعل الفترة الزمنية المتاحة لإتمام جهود الوساطة العمانية محدودة.
ويستهدف ظريف، الذي من المقرر أن يزور قطر بعد عمان، من جولته القصيرة، وضع «احتمالات» أخرى فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الجوار على الطاولة.
وقد وقعت كل من إيران وعمان بالفعل على اتفاق أمني، وأعادت ترسيم الحدود في خليج عمان. وقد عرضت عمان على البحرية الإيرانية التمتع بـ«حقوق الإرساء»، مما يتيح لها توسيع نطاق تواجدها بحيث يصل إلى خليج الهوف وخليج عدن. وترغب إيران حالياً في جعل الاتفاق «أكثر عمقاً» بحيث يشمل تنفيذ عمليات مشتركة ضد الأخطار والتهديدات الإرهابية، وأعمال القرصنة، والاتجار بالبشر، في المنطقة. ومن المتوقع أن يسهل إنشاء خط شحن يومي مباشر بين ميناء تشابهار الإيراني، والعاصمة العمانية مسقط، التعاون الأمني والتجاري بين البلدين.
من المتوقع أن يقترح ظريف، خلال زيارته إلى قطر، بحسب مصادر في طهران، إنشاء «أجهزة مشتركة» في عدد من المجالات، بما فيها حماية البيئة، ومكافحة تهريب المخدرات، وعمليات التهريب بوجه عام. وقد أبرمت إيران مع قطر بالفعل اتفاقاً للتعاون الأمني قد يتسع ليشمل مجالات أخرى ذات اهتمام مشترك، وقد تنضم إليه عمان لاحقاً.
من الأمور المثيرة للقلق، تآكل مصادر الثروة السمكية في الخليج، حيث تقوم الكثير من الدول الأجنبية، وأبرزها الصين، بنهب مصادر الأسماك دون أي اهتمام بتعويض المخزون. وقد نظّم صائدو السمك الإيرانيون سلسلة من الاحتجاجات، والإضرابات، مطالبين طهران بالتصدي لممارسة الصين الصيد دون قيود في المنطقة. وتزعم طهران أن أي إجراء لن يكون فعالاً إلا إذا تعاونت كل الدول الساحلية. ومن المتوقع أن تكون عمان وقطر من أول الدول التي توافق على اتخاذ إجراء مشترك مع إيران.
وقد بذل كل من ظريف والرئيس الإيراني حسن روحاني، كل ما بوسعهما خلال الأسابيع القليلة الماضية، للتأكيد على أن تخفيف التوترات مع دول الجوار في الخليج يحظى بـ«الأولوية القصوى». مع ذلك كما هو الحال دائماً في «الجمهورية الإسلامية» من غير الواضح ما إذا كان موقف الدولة يحظى بدعم «المرشد الأعلى» علي خامنئي، الذي له الكلمة العليا في كل شؤون الدولة، أم أن الهدف هو كسب الوقت كما عهدنا في الماضي.
قد تكون هناك حسابات في طهران تقوم على افتراض أنه في حال نجاحهم في جعل الولايات المتحدة الأميركية تلتزم بخطة العمل حتى شهر مارس (آذار) المقبل، سوف تجد إدارة ترمب نفسها في خضم الانتخابات النصفية، ويصبح من الصعب عليها فتح جبهة جديدة على صعيد السياسة الخارجية. كذلك تأمل طهران أن يستعيد الديمقراطيون، الذين لا يزالون متمسكين بإرث باراك أوباما، السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي، مما يجعل من الصعب على ترمب خوض معركة ضد طهران.



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.