بعد يومين على اعتداء جديد في مرسيليا، يصوت النواب الفرنسيون اليوم على مشروع قانون لمكافحة الإرهاب تقول الحكومة إنه «رد دائم على تهديد دائم»، لكنه يواجه انتقادات من اليسار قائلين بأنه «تعد على الحريات». وسيتم التصويت بشكل رسمي أمام الجمعية الوطنية بعد أسبوع من النقاشات الحادة، وبعد يومين على مقتل امرأتين بالسلاح الأبيض أول من أمس (الأحد) في محطة القطارات بمرسيليا في اعتداء تبناه تنظيم داعش، بينما قتل المهاجم بأيدي عسكريين. وبمقتل المرأتين ارتفع إلى 241 عدد ضحايا الهجمات في فرنسا منذ عام 2015.
ويتيح مشروع القانون الذي سيتم التصويت عليه اليوم (الثلاثاء) إدراج بعض إجراءات حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة الاشتراكية السابقة بعد اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 التي أوقعت 130 قتيلا في باريس، ضمن القانون العام. وكان من المفترض أن تكون حالة الطوارئ التي تمنح الحكومة سلطات استثنائية مؤقتة، لكن تم تمديد العمل بها ست مرات، إثر اعتداءات أو تهديدات. ومن بين البنود الأكثر إثارة للجدل في مشروع القانون، السماح بفرض الإقامة الجبرية على أشخاص دون أمر مسبق من القضاء. في المقابل، موافقة القضاء ضرورية للقيام بـ«الزيارات المنزلية» التي باتت تحل رسميا محل «عمليات التفتيش الإدارية» التي تثير جدلا كبيرا. كما تم توسيع مجال التدقيق في الهويات، بحيث يشمل «مشارف محطات القطارات» وليس فقط داخلها، وأيضا «ضمن شعاع أقصاه 20 كيلومترا حول المرافئ والمطارات» الدولية الأكثر حساسية. ويعتبر معارضو النص أنه يتعرض للحق في الخصوصية ولمبدأ افتراض البراءة.
وأثار مشروع القانون معارضة شديدة خصوصا من اليسار المتطرف الذي يرفض تكريسا دائما لحالة طوارئ تمس، بحسب رأيه، بالحريات الأساسية. وعلق نائب اليسار المتطرف ألكسيس كوربيير، قائلا إن مشروع القانون «يعيد النظر في الحريات العامة»، منددا بـ«ديكتاتورية مقنعة». وقال كوربيير «إنها إعادة نظر تدريجية في حرياتنا العامة مع نزع الطابع الاستثنائي عنها»، معربا عن خوفه خصوصا من زيادة عمليات التدقيق في الهويات بناء على ملامح الشخص. واعتبرت رئيسة اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان كريستين لازيرج، أن «ما يبرر غضبنا هو تحول حالة طوارئ إلى وضع دائم يؤدي إلى تراجع حرياتنا». وأعربت دومينيك كورتيس، من منظمة العفو الدولية، عن الأسف، «لأن الذين سيكونون موضع اشتباه لن يكون بإمكانهم المطالبة بحقوقهم إلا بأثر رجعي». في المقابل، ينتقد اليمين واليمين المتطرف القانون المتساهل. وتقول زعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبان، إن «هذا القانون تضليل مزدوج، فهو لا يشمل الأمن الداخلي وليس القانون الكبير الذي يفترض أن يقضي على الإرهاب». أما حزب «الجمهوريون» (يمين) فأعرب عن الأسف لعدم «تعزيز» حالة الطوارئ، بحسب غيوم لاريفيه، أحد نواب الحزب. وقال لاريفيه إن «مشروع القانون يحد من مستوى حماية الفرنسيين»، إذ يعتبر اليمين أن الحصول على أمر من القضاء قبل إجراء عمليات تفتيش يمكن أن «يعقد الإجراء».
إزاء هذه الانتقادات، دافع وزير الداخلية جيرار كولومب عن «رد دائم على تهديد بات دائما». وأشار الوزير إلى أن القانون تسوية بين الحاجة «للخروج من حالة طوارئ تحرم بطبيعتها من عدد من الحريات»، وضرورة «عدم العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل حالة الطوارئ». وشدد كولومب على أن القانون «يهدف إلى حماية حرياتنا الفردية والجماعية بالكامل، لكنه يعرض أيضا اتخاذ كل الإجراءات من أجل ضمان أمن الفرنسيين». وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهد بأن يخضع القانون الجديد لـ«تقييم في عام 2020»، إذ يمكن عندها «إلغاء» بعض الإجراءات واستبدال غيرها.
البرلمان الفرنسي يصوت اليوم على مشروع قانون مثير للجدل حول مكافحة الإرهاب
البرلمان الفرنسي يصوت اليوم على مشروع قانون مثير للجدل حول مكافحة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة