السراج يحذر من «فتنة» صبراتة ويدعو لاستقرار الدولة

TT

السراج يحذر من «فتنة» صبراتة ويدعو لاستقرار الدولة

حذّر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» فائز السراج من تداعيات الاقتتال في مدنية صبراتة (70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس)، بين قوتين أمنيتين تابعتين له. وقال السراج، الذي يحظي بدعم دولي، إن «الاقتتال في صبراتة، ألحق أضراراً بالغة بالمواطنين، والممتلكات في المدينة»، داعياً إلى «التهدئة وحقن الدماء، والتحلي بالعقل والحكمة ودعم استقرار الدولة».
ورد رئيس المجلس العسكري بصبراتة، الطاهر الغرابلي، على مخاوف السراج، قائلاً إن «كلا الطرفين المتقاتلين في المدينة تابع لحكومة الوفاق، ولم تتدخل منذ اليوم الأول، لوقف تلك الاشتباكات». وأضاف الغرابلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ناشدنا الرئاسي بالتدخل لوقف القتال، قبل وقوع ضحايا... الآن أصبحت المدينة خاوية، إلا من المتقاتلين، فكثير من المواطنين نزحوا عنها بسبب النيران الكثيفة، التي طالت ممتلكاتهم، وحصدت أرواح كثير منهم».
لكن السراج أبدي مخاوفه، في بيان أصدره، فجر أمس، من أن «هذا صراع في المدينة سيعطي الفرصة لبعض المجموعات الخارجة على القانون، ومن خارج المدينة، لاستغلال الأحداث وإشعال نار الفتنة بين صبراتة، والمدن والمناطق الليبية المختلفة»، لافتا إلى أن حكومته تتابع وبشكل مباشر الأوضاع في المدينة من خلال أجهزتها الأمنية والعسكرية.
وفي حين اختتم السراج تحذيره من أن أعمال الاقتتال في صبراتة «ستطيل أمد الأزمة التي يحاول اجتيازها»، بثت غرفة عمليات مكافحة «داعش» في المدينة مقطع «فيديو» لأشخاص يعترفون بأن ما يسمي «مجلس شوري ثوار بنغازي» جاء بهم إلى المدينة للمحاربة في صفوف تنظيم داعش في صبراتة «مقابل الأموال، وأقراص الترامادول».
وأعلنت الغرفة على لسان رئيسها العميد عمر عبد الجليل في بيان، أصدرته فجر أمس، أنها «بمنأى عن أي قوة تقوم بعمليات قتالية في المدينة دون إذن منه».
وتتبادل غرفة مكافحة «داعش» في المدينة، و«الكتيبة 48 مشاة»، التابعتان للمجلس الرئاسي، في طرابلس، الاتهامات باستجلاب مقاتلين من خارج المدينة، منذ اندلاع القتال بينهما في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي ما خلف 26 قتيلاً، و170 جريحاً على الأقل.
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية إنها خصصت حزمة مساعدات بقيمة 60 مليون يورو لإدارة الهجرة في كل من ليبيا وتونس للمساهمة في ضبط تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
وأضاف الوزارة في بيان نقلته وكالة «الأناضول» التركية إن وزير الخارجية أنجيلينو ألفانو قرر تقديم مساعدات بقيمة 60 مليون يورو لصالح ليبيا وتونس، دون ذكر تفاصيل بصفتهما من الدول ذات الأهمية الحاسمة في ضبط تدفق الهجرة غير الشرعية، مشيرة إلى أنها «حثت المنظمات غير الحكومية الإيطالية القادرة على العمل في مناطق الأزمات على تقديم مساهمة مهنية من خلال التنسيق مع السلطات الليبية والمنظمات غير الحكومية المحلية».
وأشار إلى تأكيد ألفانو ضرورة التعاون بين بلاده وليبيا خلال لقائه برئيس حكومة الوفاق فائز السراج الخميس الماضي الذي أبدى تجاوباً كاملاً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم