مستشار السراج ينفي ترشيحه لمنصب وزير الداخلية في الحكومة الجديدة

الاغتيالات والرصاص المجهول يحاصر جهود المصالحة الوطنية الليبية

صبيان ليبيان يسيران وسط المباني المهدمة في مدينة بنغازي (رويترز)
صبيان ليبيان يسيران وسط المباني المهدمة في مدينة بنغازي (رويترز)
TT

مستشار السراج ينفي ترشيحه لمنصب وزير الداخلية في الحكومة الجديدة

صبيان ليبيان يسيران وسط المباني المهدمة في مدينة بنغازي (رويترز)
صبيان ليبيان يسيران وسط المباني المهدمة في مدينة بنغازي (رويترز)

نفى هاشم بشر، رئيس اللجنة الأمنية العليا السابق في العاصمة الليبية طرابلس والمستشار الأمني لرئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، معلومات عن ترشحه لتولي حقيبة الداخلية في الحكومة الليبية الجديدة في حالة إبرام اتفاق ينهي الجدل بين حكومة السراج ومجلس النواب الليبي.
وتردد اسم بشر كأحد المرشحين لتولي منصب وزير الداخلية في الحكومة المتوقع أن تنتج عن اتفاق جديد، تسعى الأمم المتحدة للتوصل إليه بين الفرقاء الليبيين.
وقال بشر في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أمس، إنه لا صحة لخبر ترشيحه أو توليه أي منصب أو وزارة، ولا رغبة لديه في ذلك أصلاً ولا صحة لكل التسريبات، مضيفا أن «مهمتنا وغايتنا هو تحقيق الأمن والاستقرار والمصالحة بين الناس حسب الحال والاستطاعة، وهي تنطلق من المناطق والمدن والميادين، ومن خلال الناس والفاعليات».
في غضون ذلك اعتبر عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، أنه لا مبرر للاتحاد الأوروبي لتمديد العقوبات ضد رئيسه المستشار عقيلة صالح، مؤكداً أن «صالح لم يكن رافضاً لتحقيق الوفاق الوطني في ليبيا والمصالحة الوطنية، بل داعم لذلك».
وقال بليحق لـ«الشرق الأوسط» إن موقف عقيلة من الاتفاق السياسي، الذي وقع بمنتجع الصخيرات في المغرب قبل نحو عامين «كان من منطلق احترام سيادة ليبيا ودستورها المؤقت (الإعلان الدستوري)»، مشددا على أنه «لا مبرر لفرض وتمديد هذه العقوبات الأوروبية ولا أساس ملموساً لفرضها، وليس لها أثر من فرضها».
بدورها، استنكرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب تجديد العقوبات الأوروبية على رئيسها، وعبرت في بيان لها بثته وكالة «الأنباء الليبية» الموالية للبرلمان، عن رفضها لهذه العقوبات، قبل أن تتساءل عن معايير العقوبات لدى الاتحاد الأوروبي.
في المقابل أبلغ عمر حميدان، الناطق باسم المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) في العاصمة الليبية طرابلس، «الشرق الأوسط»، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي لم تؤثر إطلاقاً على رئيس البرلمان السابق نوري أبو سهمين، ولا على رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية له خليفة الغويل، مشيراً إلى أن «الذي حكم موقفهما السياسي هو الوضع الداخلي والتوازنات السياسية الداخلية لا العقوبات الخارجية... والجميع يعلم أن الاتفاق السياسي فاقد لمقوماته كمشروع سياسي، ولم تدخل فيه إلا مجموعة سياسية فرضت نفسها على المشهد الليبي بتأييد دولي وتحالفات عسكرية ضيقة... وهو بعيد كل البعد عن التوافق ويفقد مقومات النجاح بذاته من غير أن يعرقله أحد».
ورأى حميدان أن هذه العقوبات هي مجرد شماعات لتعليق الفشل السياسي الذريع للمشروع الدولي الذي أطاح بالإعلان الدستوري، وأطاح بالمؤسسة القضائية، التي باتت، حسب رأيه، تعمل في ظل فوضى التشريعات والأحكام المتضاربة، وأصبحت أداة تحركها وتتجاذبها التيارات السياسية، مشيراً إلى أن الأمر نفسه ينسحب على جميع المؤسسات المالية والإدارية التشريعية والتنفيذية، التي تحكم نفسها جميعها بقوانين تخدم الجماعات المسيطرة عليها، والتي تعتبرها غنيمة من مغانمها وأداتها لمقاسمة السلطة.
من جهة ثانية، خيمت أجواء من الحزن على مختلف الأوساط الليبية، أول من أمس، بعد تصفية «لجنة للمصالحة» على طريق تقع جنوب غربي العاصمة، بالإضافة إلى مقتل محمد بدي الطاهر، مقرر مجلس شيوخ وأعيان التبو، بوابل من الرصاص في مدينة سبها، وسط حالة من الحداد واستنكار مجلس النواب الذي قال إن «هذه الجرائم تسعى إلى إفشال المصالحة الوطنية، ولم شمل البلاد».
وكان الشيخان عبد الله انطاط، وخميس سباقة، قد تعرضا للاغتيال في أثناء عودتهما برفقة شخصين آخرين من مهمة مصالحة بين بلدتين بجنوب غربي البلاد مساء أول من أمس، ما أثار موجة من الغضب بين الليبيين، وتجدد الدعوات بضرورة جمع السلاح من أيدي الأفراد والميليشيات.
وقبل أن يواري جثمان الشيخين الثرى، انهالت بيانات الشجب والإدانة، ومطالبة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بمعاملة الشيخين كـ«شهيدين»، وهو ما استجاب له فائز السراج على الفور، وأعلن أنه أصدر قراراً باعتبار انطاط وسباقة من «شهداء الواجب».
بدوره، استنكر مجلس النواب عملية الاغتيال للشيخين ومرافقيهما، واصفاً الحادث بـ«العمل الإرهابي الجبان»، وطالب جميع الجهات المعنية بـ«ملاحقة الجناة».
وبدت «الجهات المعنية» التي طالبها مجلس النواب الليبي بالتصدي للجناة، «قليلة الحيلة» أمام انتشار قطع السلاح في أيدي المواطنين، وفقاً لما عبر عنه نائبٌ لرئيس المجلس الرئاسي، تحدثت معه «الشرق الأوسط»، والذي أوضح أن «نظام القذافي رحل وترك لنا ترسانة من الأسلحة، يتقاسمها بعض القبائل، وأضحت في متناول الجميع».
وأضاف النائب، الذي رفض ذكر اسمه: «سبق أن انطلقت حملات موسعة في مدن ليبية عدة، من بينها طرابلس وبنغازي لجمع السلاح، بمساعدة نشطاء مدنيين، ومؤسسات تابعة لنا، لكن دون جدوى... ليبيا لن تتخلص من السلاح إلاّ بتعاون دولي ينهي عملية تهريبه إلى البلاد، بحراً وجواً بطرق غير شرعية»، مشيراً إلى أن بعض الدول العربية تورطت في إدخال السلاح إلى بعض الفصائل في البلاد، وأن السلاح يستخدم في «الخصومات السياسية، كما يستخدم في التنازعات الجهوية، على حد سواء».
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، كثرت عمليات التصفية الجسدية لمواطنين عاديين، ومسؤولين تنفيذيين، وسياسيين أيضاً على أيدي أفراد محسوبين على ميليشيات مسلحة. وسبق أن حذر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا مارتن كوبلر من «فوضى السلاح» التي يشهدها هذا البلد، وقال إن في ليبيا 20 مليون قطعة سلاح لـ6 ملايين شخص هم عدد سكان البلاد.
من جهته شدد عصام الجهاني، عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة «إخضاع عملية نزع السلاح لترتيبات أمنية، وفق الاتفاق السياسي، وبرعاية دولية»، مشيراً إلى أن «الانفلات الأمني، وجرائم الخطف والقتل ستظل مستمرة، إلى أن يتحقق ذلك... ولا بد أن نتجه بقوة نحو توحيد الجيش الليبي، وفق ترتيبات معينة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.