مرثية مايكل هاج لمدينة كفافيس وفورستر وداريل

ترجمة عربية لكتاب «الإسكندرية... مدينة الذكرى»

من معالم الإسكندرية
من معالم الإسكندرية
TT

مرثية مايكل هاج لمدينة كفافيس وفورستر وداريل

من معالم الإسكندرية
من معالم الإسكندرية

هل ثمة قواسم مشتركة بين حياة كفافيس وفورستر وداريل؟ وكيف شكلت الإسكندرية محوراً لإبداعهم؟ وهل هم من خلدوا الإسكندرية أم أن الإسكندرية هي التي فعلت ذلك؟ هذه التساؤلات وغيرها، يجيب عنها المؤرخ البريطاني مايكل هاج في كتابه الشيق «الإسكندرية... مدينة الذكرى»، الذي صدرت ترجمته العربية أخيراً عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، وقامت بنقله للعربية فضيلة محجوب، وراجعه طاهر البربري.
يقع الكتاب في 600 صفحة، وهو ليس من كتب التاريخ، وإنما هو يروي التاريخ متضافراً مع سيرة أهم المبدعين الذين عاشوا في الإسكندرية، سارداً المناخ الأدبي والاجتماعي والسياسي والثقافي لهذه المدينة خلال النصف الأول من القرن العشرين، استناداً إلى اليوميات والرسائل والبرقيات ومقابلات مع أجيال من الجاليات الأجنبية التي عاشت في تلك الحقبة الذهبية، محاولاً الإجابة عن سؤال طرحة لورانس داريل في «رباعية الإسكندرية» قبل 60 عاماً: ماذا في مدينتنا هذه بالأساس؟ ماذا نستعيد عندما ننطق كلمة الإسكندرية؟
ويروي هاج عبر سيرة حياة داريل وفورستر وكفافيس، وعلاقاتهم بالمجتمع السكندري، والشخصيات التي أثرت في حيواتهم، التاريخ الخفي للإسكندرية أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، مسلطاً الضوء على الجاليات الأجنبية، كاليونانيين والإيطاليين وغيرهم ممن شاركوا في صنع «تلك الإسكندرية» التي باتت تاريخاً وماضياً يتم محو ما بقي منه كل يوم.
ويستهل الكتاب برحلة عودة لورانس داريل إلى الإسكندرية عام 1977، ومنها يروي بداية وصوله للإسكندرية في ربيع عام 1941، ثم ينقلنا عبر شوارع الإسكندرية إلى لقاء كفافيس وفورستر، وكيف كان ذلك اللقاء الذي دفع فورستر لجمع كل قصائد كفافيس التي صنعت مجد الإسكندرية الأدبي. ويشير فيه إلى ولع داريل بكفافيس، خصوصاً قصيدة «المدينة» التي ترجمها ووضعها في ختام روايته «جوستين»، ثم يشير إلى كتابه داريل للطبعة الأولى من كتاب فورستر «الإسكندرية... تاريخ ودليل».
ويتعمق هاج كاشفاً حياة داريل بكل تفاصليها، ومما يذكره المؤلف أن زواج الروائي والشاعر البريطاني «لورانس داريل» شهد حالة من التوتر الشديد، إذ تم إجلاء زوجته نانسي وابنتها إلى فلسطين في يوليو (تموز) 1942، بعد قيام روميل بتهديد مصر وتوقفه عند منطقة العلمين، ولم تعد نانسي في العام التالي، فالتقى «داريل» بـ«إيف كوهين» في الإسكندرية، وأصبحت زوجته الثانية التي وصفها بقوله: «امرأة غريبة وفاتنة، بعينين سوداوين، صائبة في كل استجابتها»، وقد أهداها الجزء الذي عنونه بـ«جوستين»، ضمن الأجزاء الأربعة في عمله الشهير «رباعية الإسكندرية».
ويضيف المؤلف أن «داريل» كتب إلى صديقه هنري ميللر عن هذا العمل الأدبي، قائلاً: «إنه قصيدة نثر من نوع ما، إلى واحدة من أحب عواصم القلب، عاصمة الذكريات، ويحمل صوراً لاذعة لنساء الإسكندرية، هن بالتأكيد أحب الناس إلى نفسي، وأكثرهن كرباً وحزناً في العالم».
جمع مايكل هاج ببراعة ودقة الباحث الدءوب كل ما ذكره شعراء ورحالة يونانيون ومستشرقون ومؤرخون ورحالة ومعاصرون عن المدينة بأجوائها الكوزموبوليتانية. ويشير هاج إلى أن الإسكندرية كانت لما يقرب من ألف عام، بعد أن أسسها الإسكندر الأكبر سنة 331 ق.م.، أحد أهم المراكز الثقافية والحضارية في العالم «مدينة عالمية وكوزموبوليتانية»، وظل «موسيون» الإسكندرية، ومكتبتها الشهيرة التي كانت جزءاً منه، وفنارها، رموزاً للتنوير حتى يومنا هذا، ويسرد الكتاب حكاية تأسيس الإسكندرية، حينما راودت الإسكندر المقدوني رؤية عن جزيرة تدعى «فاروس»، لها ميناء عظيم في مصر.
ويستعيد وصف المؤرخ والجغرافي اليوناني «سترابو» للإسكندرية في القرن الأول للميلاد، إذ يقدم وصفاً دقيقاً للحي الملكي و«الموسيون»، والميناء الشرقي العتيق، وغيرها من المعالم التاريخية للعالم القديم.
ويتحدث «هاج» عن انبهاره بالمدينة وقصورها وتخطيطها، حيث تحوي 4 آلاف قصر، و4 آلاف طريق، و400 مسرح، و1200 محل للخضار، كما أن أعمدتها الضخمة لا مثيل لها في أي مكان آخر.
ويلفت النظر إلى أن الرحّالة الإنجليزي «ريتشارد بوكوك»، الذي زار الإسكندرية عام 1737م، تحدث عن الأسوار الشاهقة للمدينة ونخيلها السامق، وعن الحي الملكي وصهاريجها التي تختفي تحت كل شبر في أرجائها، وقبر الإسكندر الذهبي الذي لم يُعثر عليه إلى الآن، كما يتحدث عن الإسكندرية الكوزموبوليتانية، حيث شوارعها العتيقة يوم كانت لغات العالم تُسمع في المقاهي والشوارع وبين الباعة الجائلين، مورداً ما كتبه المؤرخ الإيطالي «بريتشا» في وصف المدينة عام 1922، بأنها مدينة التسامح والمحبة، حيث اشتهرت بتنوع الأعراق والجنسيات والأديان واللغات. ولـ«هاج» كتاب يضم كل ما كتب عن الإسكندرية بعنوان «أنطولوجيا الإسكندرية»، عن دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة، كنا قد عرضنا مراجعة له في ملحق «فضاءات».
ويأتي الفصل الأول بعنوان «ترام»، ليخصصه مؤلف الكتاب عن فورستر الذي جاء لمصر بعد الهند، وكانت له عدة تجارب روائية، ونظراً لحالة الحرب التي كانت تعيشها بريطانيا وأوروبا عام 1914، مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، قرر أن يتطوع في الصليب الأحمر بالإسكندرية كباحث عن المفقودين، ثم استقر في المدينة لمدة 3 سنوات. ويتتبع هاج مسارات فورستر والأمكنة التي زارها وأقام فيها، وخطاباته إلى والدته وأصدقائه، ويطلعنا على جوانب لم نعرفها عن فورستر الذي كتب أروع وأهم دليل يؤرخ لمدينة الإسكندرية حتى الآن.
في الفصل الثاني «الإسكندرية من الداخل»، يطلعنا على سمات وجوانب شخصية شاعر الإسكندرية كفافيس، والشخصيات التي التقاها، والأمكنة التي شهدت على ولعه بالمدينة. ومنهم الأديب زنانيري، الذي التقى كفافيس عام 1926. ويروي زنانيري، الذي غادر الإسكندرية بعد ذلك إلى باريس، أن كفافيس كان يعشق وقت بزوغ الفجر، الذي كان يستقبل فيه زائريه، وأنه كان يفضل دوماً الجلوس في الجانب المظلم من الحجرة. ويقول زنانيزي: «كان الشعر هو الشيء الوحيد الذي كنا نتبادل فيه الحديث مع كفافيس! كانت علاقتي بكفافيس تنحصر في الشعر والروح البيزنطية، ولم يجل بخاطري قط أن أرى كفافيس أي شيء آخر سوى شاعر».
«آه لو أن الحب أبدي» هو عنوان الفصل الثالث الذي يسرد قصص الحب التي ارتبطت بالمدينة، سواء بين أنطونيو وكليوباترا، أو بين فورستر وصديقه المثلي محمد العدل، مستعرضاً الخطابات التي كتبها فورستر له، وكيف تداخلت الحياة السياسية المصرية وثورة سعد زغلول ضد الاحتلال الإنجليزي مع حياة فورستر. وفي الفصل الرابع «مجتمع الرفاهية: تاريخ ودليل»، يكشف المؤلف تفاصيل مثيرة عن حياة الأميركي جاسبر برينتون، الذي ترأس جمعية آثار الإسكندرية، وعلاقته بفورستر، وولعهما بقصة قبر الإسكندر الأكبر الذي رجح فورستر أنه يقبع أسفل مسجد النبي دانيال بالإسكندرية. وتستمر الإثارة والتشويق في الفصل الخامس «ثنائيات مختلطة كالعادة»، والفصل السادس «صورة شخصية» الذي يحفل بقصص عائلات سكندرية كبرى يهودية ويونانية أثرت في الحياة الثقافية والاجتماعية للمدينة، وفي الفصلين السابع والثامن، يعود هاج لمزيد من التفاصيل عن حياة داريل وزوجاته وخروجه من الإسكندرية إلى قبرص، وعودته إليها في سبعينات القرن الماضي. ويحفل الفصلان بصور نادرة لداريل وزوجاته وابنته، وفي الفصل التاسع «مدينة لا تتلاشى»، بعض الوثائق والخطابات التي كتبها داريل أثناء حياته بالإسكندرية ترثي ما بقي منها آنذاك، وتروي بدقة أوضاعها أثناء الحرب العالمية الثانية.
فصول الكتاب مفعمة بروح المدينة الكوزموبوليتانية التي تستدعي «نوستالجيا» من نوع خاص لمدينة كان يطلق عليها «مدينة العالم»، بكل ما كان فيها من متناقضات وجنسيات تزيد على 50 جنسية تتعايش معاً، وحضارات متنوعة، ذلك الخليط الذي صنع حالة إبداعية لا تزال بقاياها حاضرة في أجيال من المبدعين المصريين يعيشون على أطلال ذكرياتها.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».