مجلس الوزراء يتخطى اختبارَي قانون الضرائب وتداعيات لقاء «باسيل ـ المعلم»

الحريري عارض اجتماع وزير الخارجية في نيويورك... والمرعبي رأى أن «الخطوات الفردية تهدد الكيان»

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء ترؤسه مجلس الوزراء أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء ترؤسه مجلس الوزراء أمس (رويترز)
TT

مجلس الوزراء يتخطى اختبارَي قانون الضرائب وتداعيات لقاء «باسيل ـ المعلم»

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء ترؤسه مجلس الوزراء أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء ترؤسه مجلس الوزراء أمس (رويترز)

تخطت الحكومة اللبنانية أمس «اختبارَي» قانون الضرائب وتداعيات لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك، وذلك بإقرارها قانوناً جديداً للضرائب لتمويل زيادة أجور القطاع العام تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب في الاختبار الأول. وتجاهل مجلس الوزراء النقاش في موضوع اجتماع المعلم - باسيل تكريساً لخطة تجاوز المواد الخلافية حفاظاً على الائتلاف الحكومي.
مع هذا، لم ينفِ رئيس الحكومة سعد الحريري وجود خلاف سياسي حول التواصل مع النظام السوري، إذ أكد وجوده، لكنه شدد على أنه «غير مستعد للتعامل مع النظام السوري، لا من قريب ولا من بعيد. هذا الأمر واضح وهذه الحكومة واضحة وبياننا الوزاري واضح أيضاً، فلا يأخذني أحد إلى مكان آخر في هذا الموضوع»، مشيراً إلى أنه غير موافق على أن يجتمع باسيل مع المعلم.
ورغم أن لقاء باسيل – المعلم مثّل تحديات أمام الحكومة قبل انعقادها الخميس والجمعة، على ضوء مناوشات كلامية بين باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق، فإن الملف لم يُطرح على طاولة مجلس الوزراء خلال اجتماعيها الخميس والجمعة، وذلك بعد لقاء جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء أول من أمس. وأكد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ«الشرق الأوسط» أن الملف لم يُطرح على طاولة مجلس الوزراء في الجلستين، وأن تداعيات اللقاء لم تناقش، لكنه حذر من أن الوضع القائم المرتبط بفتح خطوط تواصل مع دمشق بمعزل عن الحكومة «لا يمكن أن يستمر». وتابع المرعبي (كتلة تيار «المستقبل»): «لا يمكن أن يفتح كل وزير على حسابه من غير الرجعة للأصول الدستورية... اليوم يستطيع الوزراء الآخرون (من الجانب المعارض للتنسيق مع دمشق) أن يتصرفوا بشكل مماثل، لكن ذلك أين يمكن أن يودي بالبلد؟». وأضاف: «نظراً إلى الوضع الدقيق الذي يمر به البلد، نعمل على تطويق أي مشكلة».
وإذ أكد المرعبي أن عدم مناقشة الملف ناتج عن تكريس الاتفاق القائم بتجنب الخوض في القضايا الخلافية بهدف الإبقاء على تسيير أمور الناس عبر الحكومة، فإنه حذر من أن «الإمعان في تجاوز الحكومة والتصرف بشكل فردي، ووضع الآخرين أمام أمر واقع، يهدد البلد». واستطرد «إذا بقي الأمر كما هو، فإنني أخشى على الائتلاف الحكومي وعلى الكيان اللبناني بأكمله»، مضيفاً: «هذا الإمعان بتجاهل الحكومة بات يستدعي من وزرائنا الرد بنفس الطريقة، ونحن لسنا عاجزين عن الرد بنفس الطريقة، لكننا نتجنب هذا الخيار حفاظاً على وحدة الحكومة وأمور الناس». ومن ثم نبّه المرعبي إلى أن الأمور «إذا بقيت تسير بالمنوال نفسه، فإن ذلك سيؤدي إلى انفجار خلاف بين المكونات السياسية، نحن بالغنى عنه.... الفتوحات يجب أن تمر بالحكومة، وإذا بدأت بشكل تعيس، فإنها ستنتهي بشكل دراماتيكي ما يؤثر على البلد والكيان اللبناني».
ما يذكر أن فريق قوى 14 آذار يعارض التحاور أو التنسيق مع النظام السوري، ويتخوف تيار «المستقبل» -أحد مكوناته السياسية- من أن يكون التواصل بشكل فردي مع شخصيات من النظام السوري محاولة لاستدراج لبنان «لضمه إلى محور إيران والنظام السوري»، في حين يدافع «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) -حليف حزب الله- عن تلك اللقاءات، ويرى أنها تصب لمصلحة لبنان، كون التواصل يهدف إلى إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.
من ناحية ثانية، التوافق على تخطي هذا البند الخلافي انسحب على توافق أفضى إلى حل الأزمة الناتجة عن ردّ المجلس الدستوري قانون الضرائب إلى مجلس النواب، ما دفع بموظفي القطاع العام إلى الشارع للمطالبة بتطبيق سلسلة الرتب والرواتب الجديدة والحصول على حقوقهم وفق القانون الجديد، وذلك بعد 4 جلسات خصصتها الحكومة لهذا الموضوع. وأنهت الحكومة هذه المعضلة أمس، نتيجة «التوافق السياسي بين كل الفرقاء في مجلس الوزراء»، حسب ما أكد الحريري، إذ أعلن بعد اجتماع لمجلس الوزراء التوصل إلى «مشروع قانون معجل مكرر يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة»، مشيراً إلى «أننا سنرسله إلى المجلس النيابي لإقراره في أسرع وقت». كما أعلن الاتفاق في مجلس الوزراء «على صيغة لقطع الحساب تمكننا من إقرار الموازنة سريعاً بإذن الله». وأضاف: «واجهتنا مشكلة كانت ضمن لعبة المؤسسات الدستورية وهي بالتالي ليس مشكلة بالسياسة أو مشكلة بالتوافق السياسي». كذلك أشار الحريري إلى «أننا صححنا كل ما طلبه المجلس الدستوري بشأن الضرائب كي لا يتمكن أي أحد من الطعن بها».
كان المجلس الدستوري، وهو فرع من السلطة القضائية، قد أبطل الأسبوع الماضي قانوناً ضريبياً يهدف إلى زيادة الإيرادات اللازمة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والتي تدخل حيز التنفيذ في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي.
الحريري كان قد استهل الجلسة بتوجيه الشكر إلى «الجميع على الجهد الكبير الذي يُبذل للوصول إلى التوافق على الحلول المطروحة»، وقال إن من «شأن التوافق إنقاذ البلد من أزمة وتمكيننا من اتخاذ قرارات للحفاظ على الوضع المالي مع تأمين دفع السلسلة وتوفير الإيرادات المطلوبة». وأضاف: «إن ما حصل يتطلب منا جميعاً أن نعمل بهذه الروح والأسلوب، إن كان بالسياسة أو بالاقتصاد أو بتأمين المتطلبات الأساسية للمواطن كالكهرباء وغيرها من الأمور»، مشدداً على أن «التجاذب والخصام هما أعداء البلد ولا يصبان في مصلحة إدارة الدولة وتسيير أمور المواطنين».
وأنهى القرار الحكومي أزمة دفعت الكثير من العاملين في القطاع العام إلى الإضراب. ودعا الحريري كل النقابات إلى تعليق الإضرابات، وأن تفتح مجدداً الإدارات والمدارس أبوابها، مؤكداً إننا «كنا جديين لإيجاد الحل»، مشدداً على أن «السلسلة ستُدفع كما أقرت وفي الوقت الذي يجب أن ندفعها فيه».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.