انخفاض مؤشرات أميركا واستقرار أوروبا وارتفاع اليابان

TT

انخفاض مؤشرات أميركا واستقرار أوروبا وارتفاع اليابان

انخفضت الأسهم الأميركية في مستهل تعاملات أمس بعد بيانات أظهرت ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بأكثر من المتوقع واحتمال تباطؤ وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث بسب تداعيات الإعصارين «هارفي» و«إيرما».
وانخفض مؤشر «داو جونز الصناعي» 17.87 نقطة، أو ما يعادل 0.08 في المائة، إلى مستوى 22322.84 نقطة، بينما نزل مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» بمقدار 2.75 نقطة، أو 0.10 في المائة، إلى 2504.29 نقطة، وتراجع مؤشر «ناسداك المجمع» 16.26 نقطة تعادل 0.25 في المائة إلى 6437.00 نقطة.
وبالتزامن، استقرت الأسهم الأوروبية دون تغير يذكر في التعاملات المبكرة، حيث تلقت السوق دعما من أسهم القطاع المالي، بينما هبط سهم «مجموعة إتش آند إم للأزياء» بعد إعلان نتائج مخيبة للآمال.
وارتفع مؤشر قطاع البنوك ذو الثقل 0.7 في المائة إلى مستوى جديد هو الأعلى في 7 أسابيع، بدعم من توقعات تشديد السياسة النقدية بعد تصريحات تميل إلى التشديد من رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جانيت يلين، أدلت بها هذا الأسبوع، وساهمت مكاسب قطاع البنوك في تعويض أثر خسائر أسهم قطاع الموارد الأساسية بفعل تراجع أسعار النحاس.
وبحلول الساعة 0715 بتوقيت غرينيتش، لم يطرأ تغير يذكر على مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية، ليحوم عند أقل قليلا من أعلى مستوياته في شهرين الذي سجله في الجلسة السابقة.
وكان سهم «إتش آند إم» أكبر الخاسرين على مؤشر «ستوكس»؛ إذ هبط أكثر من 5 في المائة. وأعلنت الشركة السويدية هبوطا أقل قليلا من المتوقع في الأرباح الفصلية قبل خصم الضرائب، وقالت إن المبيعات تباطأت بعض الشيء قرب نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي.
وعند فتح السوق، ارتفع مؤشر «فايننشيال تايمز 100» البريطاني 0.04 في المائة، و«كاك 40» الفرنسي 0.02 في المائة، و«داكس» الألماني 0.16 في المائة.
بينما صعدت الأسهم اليابانية مدعومة بارتفاع «وول ستريت» نهاية تعاملات الأربعاء الماضي، وصعود الدولار مقابل الين بفعل آمال بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تكون تحرز تقدما بشأن خطة ضريبية. وصعد مؤشر «نيكي القياسي» 0.5 في المائة ليقفل عند 20363.11 نقطة.
وتجاوز أداء أسهم القطاع المالي، مثل شركات التأمين والبنوك التي تستثمر في منتجات تدر عائدا مرتفعا مثل السندات الأجنبية، أداء السوق بعدما زاد العائد على سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوى خلال أعوام في الأسواق الخارجية.
وصعد سهم «داي - إيتشي لايف هولدنجز» 2.7 في المائة، بينما زاد سهم «تي آند دي هولدنجز» 2.2 في المائة، وارتفع سهم «ميتسوبيشي يو إف جي» المالية 1.2 في المائة.
وعزز ضعف الين المعنويات؛ حيث جرى تداول الدولار مقابل 112.82 ين بعدما صعد إلى 113.26 ين أول من أمس، وهو أقوى مستوى له خلال أكثر من شهرين. وكان الطلب مرتفعا على أسهم شركات التصدير؛ حيث زاد سهم «طوكيو إلكترون» 1.8 في المائة، بينما زاد سهم «إيسوزو موتورز» اثنين في المائة. وزاد مؤشر «توبكس الأوسع نطاقا» 0.7 في المائة ليقفل عند 1676.17 نقطة.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.