«الإسكان» السعودية: تسوير الأرض البيضاء لا يعفي من الرسوم

الوزارة تسعى لخفض عمليات الاحتكار والاكتناز وإيجاد توازن بين العرض والطلب في السوق العقارية

على المطورين العقاريين التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق النظام المقر لخدمة السوق العقارية («الشرق الأوسط»)
على المطورين العقاريين التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق النظام المقر لخدمة السوق العقارية («الشرق الأوسط»)
TT

«الإسكان» السعودية: تسوير الأرض البيضاء لا يعفي من الرسوم

على المطورين العقاريين التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق النظام المقر لخدمة السوق العقارية («الشرق الأوسط»)
على المطورين العقاريين التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق النظام المقر لخدمة السوق العقارية («الشرق الأوسط»)

شددت وزارة الإسكان السعودية على أن بناء جدار أو غرفة بسيطة ليس تطويرا للأرضي البيضاء، مشيرة إلى أن الأراضي البيضاء هو «كل أرض فضاء مخصصة للاستخدام السكني، أو السكني التجاري؛ داخل حدود النطاق العمراني».
وأشارت إلى أن حدود النطاق العمراني هي الخطوط المبينة بخرائط وثائق النطاق العمراني التي توضح مراحل التنمية العمرانية المختلفة، وحد حماية التنمية، وتمثل الحدود الملائمة لتوطين الأنشطة الحضرية، واستيعاب النمو العمراني خلال فترة زمنية محددة.
وذكر المهندس محمد المديهيم، المشرف العام على برنامج رسوم الأراضي البيضاء بوزارة الإسكان السعودية، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن وجود «شبك» أو بناء جدار أو غرفة بسيطة لا يعد تطويرا للأرض، وبالتالي لا يعفي صاحبها من الرسوم.
وحول ما يتعلق بملف المتأخرين عن السداد، وما ذكره مؤخرا من أن المتخلف عن السداد يتلقى إشعارا خطيا خلال 30 يوما من نهاية المهلة، ثم يعطى إنذارا نهائيا لمدة 15 يوم عمل، ثم يتم التوجه للمحكمة الإدارية التي قد تصل عقوباتها إلى إيقاف حساباته والمحافظ الاستثمارية في الأسهم وإيقاف التصرف بعقاراته بوزارة العدل، قال المديهيم: «بحسب النظام، لم تمضِ حتى الآن سنة على تاريخ إصدار الفواتير، ما يعني أن المهلة المحددة للسداد لم تنتهِ».
من جانب آخر، اعتبر المستثمر العقاري السعودي، فهد حماد الشبيلي، أن برنامج رسوم الأراضي البيضاء بوزارة الإسكان السعودية واحد من البرامج المهمة التي تسهم في معالجة مشكلات السوق العقارية. وتابع: «برنامج رسوم الأراضي البيضاء يأتي في مسار الخطوات الإيجابية التي تنتهجها الحكومة السعودية؛ وذلك من أجل مساعدة كل طبقات المجتمع للحصول على حق السكن، وهو الأمر الذي يعتبر حقا يحصل عليه كل مواطن».
وأضاف الشبيلي لـ«الشرق الأوسط»، أن المطورين العقاريين سيساندون جميع القرارات الصادرة من قبل الأجهزة التنفيذية في البلاد، موضحا أن السوق شهدت في أوقات سابقة تضخما ما استوجب تدخل الجهات المختصة بهذا الخصوص.
وشدد على أن هذه الخطوة تسهم بشكل أساسي وملحوظ في كسر التضخم في السوق السعودية، معتبرا أن برنامج الرسوم على الأراضي البيضاء واحد من البرامج التي تسهم في جعل الأسعار في متناول الجميع، إذ شهدت الأسواق العقارية خلال الأعوام الثلاثة الماضية انخفاضا في الأسعار.
وبشأن المتحايلين على النظام، أكد الشبيلي أن سن أي أنظمة لضبط السوق يرافقه ظهور من يحاول التحايل عليه، مفيدا بأن الالتفاف على النظام لا يعتبر طريقة صحيحة، ويجب على المطورين العقاريين التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق النظام المقر لخدمة السوق العقارية، مؤكدا أن النظام حدد العقوبات التي تواجه المتحايلين.
وتعمل وزارة الإسكان في السعودية على تفعيل ضمانات عقود التمويل العقاري، وتعزيز برامج الادخار، وتوظيف الدعم المالي للتمويل العقاري، وتفعيل برنامج الإسكان الميسر، والإسكان التعاوني، وكذلك تطوير برنامج الاستحقاق، كما تستهدف تحسين أداء القطاع العقاري ورفع مساهمته في الناتج المحلي، عبر العمل على تنظيم سوق الإيجار من خلال برنامج «إيجار»، إضافة إلى تحسين أداء برنامج البيع على الخريطة «وافي»، والعمل على إنشاء الهيئة الوطنية للعقار، وبرنامج اتحاد الملاك وفرز الوحدات، وإنشاء مركز خدمات المطورين (إتمام)، وفرض رسوم على الأراضي البيضاء.
وسيتم تطبيق الرسوم على الأراضي الخاضعة وفقا لأربع مراحل، أولها الأراضي غير المطورة بمساحة عشرة آلاف متر مربع فأكثر، والواقعة ضمن النطاق الجغرافي الذي تحدده الوزارة، وتشمل المرحلة الثانية الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط معتمد واحد، التي تزيد مساحتها على عشرة آلاف متر مربع، والثالثة للأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط معتمد واحد، وتزيد على خمسة آلاف متر مربع، فيما ستكون المرحلة الرابعة للأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مدينة واحدة، التي تزيد مساحتها على عشرة آلاف متر مربع، وإذا كانت الأرض الخاضعة للرسم يملكها أكثر من شخص سواء من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية فيكون كل منهم ملزما بسداد جزء من الرسم بقدر حصته من ملكيتها.
وكان مجلس الوزراء السعودي وافق في منتصف عام 2016 على اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء، بناءً على ما رفعه وزير الإسكان، وبعد الاطلاع على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وتهدف اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء إلى خفض عمليات الاحتكار والاكتناز، وإيجاد التوازن بين العرض والطلب في السوق العقارية، ما يؤدي إلى توفير وحدات سكنية وأراضٍ مطورة بأسعار مناسبة لجميع فئات المجتمع.
وكانت الوزارة قد أشارت إلى أنها - حتى الآن - أصدرت 1378 أمرا بسداد رسم على أرض بيضاء داخل النطاق العمراني المحدد من قبل الوزارة ضمن برنامج «الأراضي البيضاء» الذي أقره مجلس الوزراء، وبدأ تطبيقه في 27 مايو (أيار) الماضي، إذ بلغت المساحات الإجمالية للأراضي الصادر بحقها رسم نحو 387 مليون متر مربع في كل من الرياض وجدة وحاضرة الدمام.
وتجري حاليا عملية الفرز والتقييم للأراضي المسجّلة لتحديد الخاضعة للنظام في مكة المكرمة، تمهيدا لإصدار الرسوم الخاصة بها، إذ تم تسجيل 98 أرضا بمساحة إجمالية تتجاوز 15 مليون متر مربع، التي يتوقع صدورها خلال الأشهر المقبلة، كما تدرس الوزارة حاليا الأثر الحالي في المدن الأربع التي تم تطبيق النظام فيها، كما تقوم الوزارة بإجراء مراجعة للوضع في أي مدينة، وذلك بشكل دوري لتقرير تطبيق الرسم على الأراضي فيها، أو لتعليق التطبيق أو لتجاوز مرحلة معينة والانتقال إلى المرحلة التالية في المدينة نفسها.
إلى ذلك تنطلق اليوم في العاصمة السعودية الرياض فعاليات معرض «ريستاتكس سيتي سكيب»، الذي يقام للمرة الأولى بالتحالف بين معرض الرياض العقاري ومعرض سيتي سكيب، في خطوة لضم الجهود في المعارض العقارية بينهما، خصوصا مع التحولات الكبيرة التي تشهدها سوق العقارات السعودية من خلال تحركات القطاعين العام والخاص.
ووفقا للمعلومات الصادرة فإن وزارة الإسكان ستكشف عن مشاريعها وبرامجها ومبادراتها في سبيل تطوير القطاع العقاري والإسكاني، في الوقت الذي سيشارك فيه أيضا صندوق التنمية العقاري ليكشف عن جهوده في التمويلات والبرامج التي يوفرها للمستفيدين.
ويعقد المعرض الذي يستمر حتى 30 من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري تحت رعاية وزير الإسكان ماجد الحقيل، وبحضور مسؤولي الوزارة وعدد من قيادات القطاع الخاص العقاري، بالإضافة إلى وجود منصة لمتحدثين من قيادات وزارة الإسكان، ونخبة من خبرات في قطاع التطوير والاستثمار العقاري والسكني وبناء المجمعات ومختلف قطاعات التطوير العمراني والهندسي.


مقالات ذات صلة

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»