تطبيق بالذكاء الصناعي يؤمن التواصل اللغوي الإلكتروني

يحول الأحاديث إلى نصوص ويستخدمه 500 مليون صيني

روبوت صيني بنظام المساعد الصوتي من «آي. فلايتك » يستقبل زوار المستشفيات
روبوت صيني بنظام المساعد الصوتي من «آي. فلايتك » يستقبل زوار المستشفيات
TT

تطبيق بالذكاء الصناعي يؤمن التواصل اللغوي الإلكتروني

روبوت صيني بنظام المساعد الصوتي من «آي. فلايتك » يستقبل زوار المستشفيات
روبوت صيني بنظام المساعد الصوتي من «آي. فلايتك » يستقبل زوار المستشفيات

يستخدم ملايين الصينيين تطبيقا هاتفيا مطورا يساعدهم في ترجمة أحاديثهم إلى لغة أخرى للتفاهم مع زبائنهم الأجانب. ومثلا، فعندما يحتاج غانغ كسو (46 عاماً) المقيم في بكين، إلى التواصل مع المستأجر الكندي حول دفعات الإيجار أو فواتير الكهرباء، يفتح تطبيق «آي. فلايتك إنبوت iFlytek Input» في هاتفه الذكي وينقر على رمز الميكروفون، ومن ثم يبدأ بالكلام.
ويعمل هذا البرنامج على تحويل حديثه باللغة الصينية إلى رسالة نصية باللغة الإنجليزية ويرسلها إلى المستأجر الكندي. كما أنه في المقابل، يترجم رسائل المستأجر الكندي إلى الصينية، مشكلاً بذلك دورة من حديث ثنائي اللغات.

تواصل لغوي إلكتروني
يستخدم نحو 500 مليون مواطن صيني تطبيق «آي. فلايتيك إنبوت» لتجاوز عقبات في التواصل كتلك التي يواجهها «كسو». يستخدمه البعض أيضاً لإرسال رسائل نصية عبر الأوامر الصوتية خلال القيادة، أو للتواصل مع شخص ناطق بلهجة صينية أخرى. تم تطوير هذا التطبيق من قبل شركة «فلايتيك»، وهي شركة صينية معنية بتكنولوجيا الذكاء الصناعي في مجموعة من المجالات كالتعرف على الكلام، ومعالجة اللغة الطبيعية، والترجمة الآلية، واستخراج البيانات.
وتستخدم المحاكم تكنولوجيا التعرف إلى الصوت التي يوفرها هذا التطبيق لتحويل المرافعات الطويلة إلى نصوص مكتوبة؛ أما مراكز الاتصالات في الشركات فتستخدمه أيضاً للاستفادة من ميزة التوليف الصوتي التي يقدمها لإصدار ردود آلية. وأخيراً، يستخدم تطبيق آخر اسمه «ديدي» الذي يعمل في خدمات المواصلات : «آي. فلايتيك» أيضاً لإرسال الأوامر لسائقي سيارات الأجرة.
أتاح التقدم في ميزات التعرف إلى الصوت والترجمة الفورية للمواطن الصيني أن يتكلم مع المستأجر الكندي، في الوقت الذي لا يزال فيه فهم اللغة والترجمة للآلات من أصعب المهام على الإطلاق.
يستعيد «كسو» مرة عندما حدث سوء تفاهم حصل معه عندما حاول أن يسأل المستأجر الكندي بشكل خاطئ في أي وقت يغادر عمله حتى يأتي لتوقيع تجديد عقد الإيجار، ما أدى إلى إرسال التطبيق لرسالة خاطئة وغير مفهومة. وفي حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفيو» قال كسو الذي لا يزال يعتمد على «آي. فلايتيك» للتواصل مع المستأجر، إنه في بعض الأحيان، واعتماداً على سياق الحديث، لا يمكنه أن يوصل المعنى الذي يقصده. توضح قصة المواطن الصيني سبب أهمية جمع هذا الكم الكبير من البيانات عن تفاعلات العالم الحقيقي بالنسبة لشركة كـ«آي. فلايتيك». وكان التطبيق، الذي يحمّل مجاناً، قد بدأ بجمع البيانات منذ انطلاقه عام 2010.

ذكاء صناعي
توفر منصة مطور «آي. فلايتيك» التي تعرف بـ«آي. فلايتيك أوبن بلاتفورم» تقنيات ذكاء صناعي صوتية لنحو 400000 مطور في صناعات مختلفة كالمنزل الذكي والإنترنت المتحرك. تقدر قيمة الشركة بنحو 80 مليون يوان (12 مليار دولار)، وتطمح إلى إنشاء فرع لها في الولايات المتحدة، فضلاً عن سعيها للتوسع إلى لغات أخرى غير الصينية. في الوقت نفسه، أسهمت الشركة في تغيير طريقة تفاعل عدد من الشركات في صناعات مختلفة كالمواصلات، والعناية الصحية، والتعليم مع زبائنها.
في أغسطس (آب)، أطلقت «آي. فلايتيك» مساعدا صوتيا للسائقين «كسيا أوفي يو Xiaofeiyu» (معناه السمكة الصغيرة الطائرة). ولضمان قيادة آمنة، طورت الشركة الجهاز دون شاشة أو أزرار. وفور وصله بالإنترنت وهاتف السائق الذكي، يتيح الجهاز للسائق إجراء الاتصالات، وتشغيل الموسيقى، وتحديد وجهاته، والبحث عن مطاعم من خلال الأوامر الصوتية. وعلى عكس أجهزة المساعدة الصوتية الأخرى الخاصة بالمنازل، تم تصميم «كسيا أوفي يو» بشكل يسمح له التعرف إلى الأصوات في محيط صاخب.
تقول مين تشو، نائب رئيس شركة «آي. إي. سبيتش»، شركة صينية أخرى تعمل في تقنيات التفاعل الصوتي بين البشر والكومبيوتر، إن أجهزة المساعدة الصوتية للسائقين هي بطريقة ما، واعدة أكثر من مكبرات الصوت الذكية والمساعدين الافتراضيين الموجودة في الهواتف الذكية. حين تكون يدا السائق وعيناه مشغولتين، يصبح الاعتماد على الأوامر الصوتية خياراً أكثر منطقية. كما أن اعتياد السائقين على الحصول على ما يريدونه من خلال صوتهم، يمكن أن يحول هذا المساعد إلى مصدرٍ للمحتوى، يقدم له اقتراحات للتسلية بدل أن يكون مجرد آلة تتلقى الطلبات. بهذه الطريقة، سيتطور نوع جديد من الأعمال.

روبوتات صحية
في مجال العناية الصحية، وعلى الرغم من أن الذكاء الصناعي يمكن أن يسهم في تخفيض التكلفة وتحسين النتائج بالنسبة للمريض، تعارض الكثير من المستشفيات اتخاذ هذه الخطوة خوفاً من عرقلة نظام صارم يؤمن قلة من الأطباء لعدد كبير من المرضى.
في مستشفى «أنهوي بروفانشيل»، التي تختبر عددا من نظم الذكاء الصناعي، بدأت التقنيات التي تعتمد على الصوت بتغيير أنماط عدة من الخدمة في المؤسسة. يستخدم عشر مساعدين صوتيين مصممين على شكل فتيات روبوت تقنية «آي. فلايتيك» للترحيب بالزوار في ردهة المستشفى، وللتخفيف من أعباء موظفات الاستقبال. يمكن للمرضى أن يخبروا المساعدين الصوتيين عن العوارض التي يشعرون بها، ليساعدوهم في العثور على القسم المناسب.
بناء على البيانات التي جمعها من المستشفى منذ يونيو (حزيران)، تمكن المساعد الصوتي من إرشاد المرضى إلى الأقسام الصحيحة في 84 في المائة من الحالات.
الأطباء في هذه المستشفى أيضاً يستخدمون «آي. فلايتيك» لإدراج مؤشرات المرضى الحيوية، والأدوية التي يتناولونها، وغيرها من المعلومات على تطبيق هاتفي، يحول كل البيانات إلى سجلات مكتوبة. يستخدم التطبيق تكنولوجيا البصمة الصوتية كنظام توقيع لا يمكن تزويره، ويجمع بيانات ستطور حلوله الحسابية مع الوقت.
ويقول كسياجون وان، بروفسور في علاج اللغة الطبيعية في جامعة بكين، إنه وعلى الرغم من أن تقنيات الذكاء الصناعي التي تعتمد على الصوت تزداد فعالية في سيناريوهات متعددة، يبقى التحدي الأساسي أن الآلات لا تفهم الإجابات التي تعطيها. إذ يستجيب الذكاء الصناعي للطلبات الصوتية من خلال البحث عن إجابات مناسبة في الكمية الكبيرة من المعلومات التي يختزنها، ولكنه لا يفهم حقاً ما ينطق به.
بمعنى آخر، تعتمد تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية التي تشغل المساعدين الصوتيين اليوم على مجموعة من القواعد الصارمة التي تؤدي أخيراً إلى حصول بعض أنواع سوء الفهم كذلك الذي مرّ به المواطن الصيني كسو.
إن تغيير الطريقة التي تعتمدها الآلات في معالجة اللغة سيساعد الشركات على تطوير أجهزة تعمل بالذكاء الصناعي الذي سيصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ويقول تشو: «كائناً من كان الشخص الذي سيتمكن من إحداث خرق في عالم معالجة اللغة الطبيعية، لا بد أنه سيصل إلى القمة في السوق».


مقالات ذات صلة

بودكاست من «غوغل» يُقدمه اثنان من روبوتات الدردشة فقط!

تكنولوجيا يعد «Daily Listen» من «غوغل» نموذجاً مثيراً لكيفية تطور الوسائط الشخصية في السنوات القادمة (أدوبي)

بودكاست من «غوغل» يُقدمه اثنان من روبوتات الدردشة فقط!

روبوتا الدردشة يناقشان مواضيع تتماشى تماماً مع اهتماماتك الخاصة بناءً على تاريخ بحثك ونشاطك.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)

خاص مدير عام «آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي قادر على جني 4 تريليونات دولار سنوياً

يعدّ سعد توما مدير عام «آي بي إم» في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن الذكاء الاصطناعي «ليس مجرد أداة أخرى، بل ورشة عمل بأكملها».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يستمر معرض «CES 2025» حتى التاسع من شهر يناير بمشاركة عشرات الآلاف من عشاق التكنولوجيا والشركات التقنية في مدينة لاس فيغاس (CES)

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

إليكم بعض أبرز الابتكارات التي تكشف عنها كبريات شركات التكنولوجيا خلال أيام المعرض الأربعة في مدينة لاس فيغاس.

نسيم رمضان (لندن)
خاص توفر السيارة أحدث التقنيات بما في ذلك نظام صوتي قوي وميزات مساعدة السائق المتقدمة والتكامل السلس مع الهواتف الذكية (كاديلاك)

خاص تعرف على التقنيات التي تطرحها «كاديلاك» في «إسكاليد 2025»

«الشرق الأوسط» تـتحدث إلى سارة سميث مديرة هندسة البرامج في «كاديلاك».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعد تطبيقات اللياقة البدنية أداة قوية لتتبع التقدم مع ضمان بقاء بياناتك آمنة (أدوبي)

كيف تحمي خصوصيتك أثناء استخدام تطبيقات اللياقة البدنية في 2025؟

إليك بعض النصائح لاستخدام تطبيقات اللياقة البدنية بأمان في العصر الرقمي.

نسيم رمضان (لندن)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)
TT

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير (كانون الثاني)، آملة في تكرار النجاح الذي حقّقته العام الفائت شركة أميركية نجحت في وضع أول مركبة أميركية على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً.

وتنفّذ «فايرفلاي آيروسبايس» المهمة التي تحمل اسم «غوست رايدرز إن ذي سكاي» لصالح وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).

ويُفترض أن تنطلق في 15 يناير عند الساعة 01:11 (06:11 بتوقيت غرينتش) من مركز كيندي الفضائي على الساحل الشرقي الأميركي، على ما أفادت وكالة «ناسا» وشركة «فايرفلاي آيروسبايس»، الثلاثاء.

وترمي المهمة إلى وضع «10 أدوات علمية تابعة لـ(ناسا)» على سطح القمر، لـ«تعزيز المعارف المرتبطة بالقمر والاستعداد للمهام البشرية المستقبلية»، حسب «ناسا» و«فايرفلاي آيروسبايس».

قبل سنوات، قرّرت وكالة الفضاء الأميركية تكليف شركات خاصة بينها «فايرفلاي آيروسبايس»، إرسال معدات وأدوات تكنولوجية إلى القمر، ضمن برنامج «سي إل بي إس» يهدف إلى خفض تكاليف المهمات الفضائية.

وسُترسَل المركبة التي ابتكرتها «فايرفلاي آيروسبايس» وتحمل اسم «بلو غوست»، إلى الفضاء عن طريق صاروخ «فالكون 9» لشركة «سبايس إكس» المملوكة للملياردير إيلون ماسك. وبعد إطلاقها، ستستغرق المركبة التي يبلغ طولها مترين وعرضها 3.5 متر، نحو 45 يوماً للوصول إلى القمر. وخلال هذه الرحلة، سيتم إجراء عمليات تحقق مختلفة للمركبة، حسب الشركة.

وستحاول المركبة بعد ذلك الهبوط على سطح القمر، حيث يُفترض أن تبقى 14 يوماً تقريباً لإجراء تجارب. وستلتقط المركبة «صوراً لغروب الشمس على القمر»، حسب «فايرفلاي آيروسبايس».

وفازت الشركة بعقد قيمته 93 مليون دولار عام 2021 لتنفيذ هذه المهمة، وتُعد هذه ثالث مهمة تُجرى في إطار برنامج «سي إل بي إس» التابع لـ«ناسا». فشلت الأولى في الوصول إلى القمر، في حين نجحت الثانية في فبراير (شباط) 2024.

وبسبب عطل في نظام الملاحة الخاص بها، اقتربت من سطح القمر بسرعة كبيرة جداً في أثناء هبوطها، وكسرت إحدى ركائزها الست.