أجواء مشحونة ومخاوف من «حصار» إقليمي عشية الاقتراع

عراقيان يمران أمس بجانب ملصق إعلاني في وسط كركوك لتشجيع أهالي المدينة على التصويت بنعم (أ.ف.ب)
عراقيان يمران أمس بجانب ملصق إعلاني في وسط كركوك لتشجيع أهالي المدينة على التصويت بنعم (أ.ف.ب)
TT

أجواء مشحونة ومخاوف من «حصار» إقليمي عشية الاقتراع

عراقيان يمران أمس بجانب ملصق إعلاني في وسط كركوك لتشجيع أهالي المدينة على التصويت بنعم (أ.ف.ب)
عراقيان يمران أمس بجانب ملصق إعلاني في وسط كركوك لتشجيع أهالي المدينة على التصويت بنعم (أ.ف.ب)

سادت أمس أجواء من الترقب في إقليم كردستان العراق عشية موعد إجراء الاستفتاء على الاستقلال، وسط الخشية من اضطرابات في أعقاب تحذيرات متتالية من دول الجوار التي تعارض ذلك بشدة.
وفي حين تزين الأعلام الكردستانية المنازل والمباني والسيارات في مدينة أربيل، عاصمة الإقليم، يعبر غالبية الذين سيدلون بأصواتهم عن مخاوف من تبعات هذه المبادرة على الإقليم. يقول المواطن أحمد سليمان (31 عاماً): «بالحقيقة ننتظر بفارغ الصبر ما سيكون عليه الوضع بعد 25 سبتمبر(أيلول) لأننا نعرف النتائج مسبقاً بأن غالبية شعبنا الكردي ستصوت بنعم للاستفتاء، لأنه سيحدد مصيرنا ويحقق حملنا في بناء دولتنا». لكنه أشار في المقابل إلى المخاوف من «نيات الأعداء. لديهم نيات شريرة ضدنا».
وسيدلي ملايين الأكراد بأصواتهم اليوم في 3 محافظات تتمتع بحكم ذاتي منذ عام 2003، إضافة إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين بغداد والإقليم. وفي هذا الصدد، قال كاروان محمد (27 عاماً) إن «ما نخشاه هو مخططات دول الجوار، وإلا جميع شعبنا مع الاستقلال، لأننا لم نرَ أي خير مع العراق طوال هذه السنين». وأضاف الشاب الذي يعمل في بيع الملابس: «اليوم نرى دول الجوار تتفق ضدنا رغم أن لديهم كثيراً من الخلافات».
وبدا التوتر والخوف واضحين في مدينة السليمانية، ثاني مدن الإقليم التي تعد المعقل الرئيسي لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس السابق جلال طالباني، المنافس الرئيسي لرئيس الإقليم مسعود بارزاني. وقال حما رشيد حسن (51 عاماً) الذي وصل إلى أحد مراكز التصويت للتأكد من وجود اسمه في القائمة الانتخابية: «أحلم منذ كنت صغيراً في يوم يكون علمنا لأمة (كردية) واحدة».
وبدا آخرون يشاركونه الحلم ذاته أقل حماسة كونهم يرون أن الوقت غير مناسب، إضافة إلى خوفهم من عوقب إجراء الاستفتاء. وقال كاميران أنور (30 عاماً) ويعمل أستاذاً: «سأصوت بلا لأنني أخشى فرض حصار على الإقليم أو حرباً أهلية مع الحشد الشعبي وأستيقظ (يوماً) لأرى دوريات لجنود أتراك» في كردستان.
في غضون ذلك، تتواصل استعدادات لإجراء الاستفتاء في مناطق متنازع عليها في محافظات كركوك ونينوى. ففي محافظة نينوى، وكبرى مدنها الموصل، قال مسؤول تنظيمات حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» في الحمدانية، إحدى المناطق المتنازع عليها، إن «كل شيء جاهز لإجراء الاستفتاء في المناطق التي تسيطر عليها البيشمركة وفرضت إجراءات أمنية» حول مراكز التصويت.
وفي كركوك، المدينة التي تهافت سكانها على شراء المواد الغذائية، لكنها بدت هادئة صباح أمس، وتغطي شوارعها الأعلام الكردية ورايات حسينية لإحياء ذكرى عاشوراء، أعلن «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي كان يسعى إلى إرجاء الاستفتاء موافقته على ذلك في كركوك، حسبما أكد لوكالة الصحافة الفرنسية عدنان المفتي، عضو المكتب السياسي للحزب.
وليست كركوك جزءاً من المحافظات الثلاث التي تشكل منطقة الحكم الذاتي في كردستان. وهي منطقة متنازع عليها بين حكومة بغداد والأكراد الذين يؤكدون أنها تعود لهم تاريخياً قبل أن يطردهم منها صدام حسين ويوطن عشائر عربية فيها. وتصاعدت التهديدات وأصبحت أكثر وضوحاً داخل العراق ضد كردستان.
وقال مستشار الأمن الوطني رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض، إن «الحكومة الاتحادية ستؤدي مسؤوليتها كافة التي كفلها الدستور لحماية الأراضي العراقية وعدم تقسيمها». وأضاف أن «الاستفتاء هو عمل استفزازي وكسر للأطر التاريخية بين العرب والكرد وسيكلف الجهات الراعية له ثمناً باهظاً»، موضحاً أنه «متى ما تم الاستفتاء سيتم الرد عليه بأسلوب دستوري وقانوني».
كما أعلنت «عصائب أهل الحق»، إحدى أبرز الفصائل المسلحة ضمن «الحشد الشعبي» موقفاً حاداً تجاه الاستفتاء. وقال محمود الربيعي المتحدث باسم الجماعة: «ندعو ونؤكد أن تقوم السلطات الاتحادية التشريعية والتنفيذية بواجبها الوطني واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بالتصدي لهذا المشروع الذي يهدد السلم الأهلي والأمن الوطني وينذر بتصعيد وتوتر مجتمعي قد يفضي إلى ما لا يحمد عقباه».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.