روسيا تطلق صواريخ من البحر على «النصرة» شمال سوريا

لافروف يعرب عن «تفاؤل حذر» بعد اتفاق آستانة ويطالب بتحقيق {نزيه} في الكيماوي

مركز طبي مدمر في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مركز طبي مدمر في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا تطلق صواريخ من البحر على «النصرة» شمال سوريا

مركز طبي مدمر في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مركز طبي مدمر في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت موسكو، أمس، إطلاق صواريخ من البحر المتوسط على مواقع «جبهة النصرة» في إدلب، وأكدت أن الصواريخ دمرت تجمعات لمقاتلي وآليات «النصرة» في محافظة إدلب، فضلا عن مراكز دعم وقيادة ومستودعات ذخيرة.
وأشارت إلى أن الأهداف التي تم تدميرها تعود إلى «الإرهابيين الذين شاركوا في هجوم على وحدات الشرطة العسكرية الروسية في شمال حماه يوم الأربعاء 20 سبتمبر (أيلول)».
وكانت روسيا اتهمت الاستخبارات الأميركية بـ«تدبير» تلك الهجمات. وقالت: إن القاذفات الروسية قامت بعمليات قصف في المنطقة، خلال مشاركتها في عملية فك الحصار عن وحدة الشرطة العسكرية الروسية.
من جهتها، قالت هيذر نويرت، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية: إن القصف الجوي الروسي على إدلب وحماة يومي 19 و20 الشهر الحالي تسبب بمقتل ثلاثة عاملين في المجال الطبي وأضرار لمنشآت طبية ومركز الدفاع المدني ومعدات إنقاذ، وأضافت إن «هذه الهجمات تذكرنا بسيناريو أصبح معروفاً، عندما تصبح منشآت طبية والعاملون فيها وكذلك المدنيون، ضحايا ضربات جوية من جانب النظام السوري وحلفائه الروس».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قدمت أمس «جردا شاملا» للنتائج منذ إطلاق القوات الجوية الروسية عمليتها في سوريا في 30 سبتمبر عام 2015، ونشرت رسما توضيحياً على صفحات صحيفتها المركزية «كراسنايا زفيزدا»، تشير فيه إلى أن 87.4 في المائة من الأراضي السورية تم تحريرها من تنظيم داعش منذ بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا.
ونفذت المقاتلات الروسية خلال تلك الفترة 30650 طلعة جوية، وجهت خلالها 92006 ضربات لمواقع «الإرهابيين» أدت إلى تدمير 96828 هدفاً، بينها 8.33 ألف مقر قيادة، و53.7 ألف تجمع للمقاتلين، و6.77 ألف مستودع سلاح وذخيرة، فضلا عن 212 بئرا نفطية، و184 محطة تكرير نفط، و132 محطة ضخ نفط وقافلة نقل نفط.
سياسياً، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إن تطورات الوضع في سوريا تدفع إلى «تفاؤل حذر». وأشار في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى «اتفاق مناطق خفض التصعيد» الذي وقعته الدول الضامنة في آستانة يومي 14 - 15 سبتمبر.
وأعرب عن قناعته بأن هذا الاتفاق «يخلق ظروفا مناسبة للمضي قدما نحو تنفيذ القرار الدولي 2254، على أساس الحوار المباشر بين الحكومة والمعارضة، وتحيد جهودهما لمصلحة القضاء العاجل على البؤر الإرهابية، وإحلال السلام». وأكد الحاجة إلى جهود إضافية لاستقرار المنطقة «على الرغم من تراجع (داعش) في العراق وسوريا»، متهماً التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحماية «جبهة النصرة».
وشدد على أن «المهام الأكثر إلحاحا في سوريا حاليا هي زيادة حجم المساعدات الإنسانية، ونزع الألغام»، وتوقف عند الهجمات الكيماوية. وقال: إن استخدام تلك الأسلحة في المنطقة قضية مستقلة، داعياً إلى ضرورة التحقيق النزيه والمهني في كل الهجمات «من دون محاولات للتلاعب بنشاط المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية ولجنة التحقيق المشتركة».
وكرر غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، كلام لافروف بشأن أهمية المساعدات الإنسانية. وأكد خلال مشاركته في لقاء رفيع المستوى حول سوريا على هامش الدور 72 للجمععة العامة في نيويورك، على أن مناطق خفض التصعيد إجراء مؤقت، وليس مقدمة لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ. ودعا إلى مشاركة الأكراد في مفاوضات التسوية السياسية للأزمة، وأشار إلى أهمية العمل عبر المجموعة الدولية لدعم سوريا، واللجان المنبثقة عنها.
كما ثمن جهود المملكة العربية السعودية. وأكد أن روسيا تدعم تلك الجهود الرامية إلى تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية.
كما عبر نائب وزير الخارجية الروسي عن رفضه تسييس الملف الإنساني، زاعماً أن مئات آلاف السوريين يعودون إلى منازلهم؛ ولذلك يرى حاجة إلى مساعدات إنسانية كبيرة عبر الأمم المتحدة وقنوات أخرى. وطالب غاتيلوف الأمم المتحدة والدول الأعضاء بالتوقف عن دعم الآلية الدولية المعتمدة في الأمم المتحدة لجمع الأدلة عن الهجمات الكيماوية في سوريا، ووصف تلك الآلية بأنها «غير شرعية، وتم تأسيسها بانتهاك لميثاق الأمم المتحدة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.