إرباك اقتصادي - سياسي بعد «إبطال» قانون الضرائب

وزير المال يدعو إلى جلسة حكومية طارئة

TT

إرباك اقتصادي - سياسي بعد «إبطال» قانون الضرائب

أبطل المجلس الدستوري اللبناني بالإجماع قانون الضرائب الذي كان قد أقره مجلس النواب في شهر يونيو (حزيران) الماضي، في خطوة تسببت في إرباك سياسي واقتصادي، لارتباطها بتمويل زيادة رواتب القطاع العام.
ورغم تحذيرات عدد من المسؤولين من نتائج هذه الخطوة الاقتصادية، أكد خبراء في الاقتصاد أن تدارك هذا الأمر ممكن إذا كانت هناك نيات إصلاحية ووضع حد للهدر والفساد.
وجاء قرار «الدستوري» بناء على طعن بالقانون المتعلق باستحداث بعض المواد الضريبية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، تقدم به عشرة نواب، خمسة منهم من «حزب الكتائب» الذي يرأسه النائب سامي الجميل، إضافة إلى النواب بطرس حرب ودوري شمعون وفؤاد السعد وسليم كرم وخالد الضاهر.
وتحدث عضو المجلس الدستوري القاضي صلاح مخيبر، بعد قرار المجلس إبطال قانون الضرائب، قائلا: «بعد هذا القرار، يعود قانون الضرائب المتعلق بالسلسلة إلى مجلس النواب والمجلس سيد نفسه ويصحح ما يجب تصحيحه أو يقر قانونا جديدا»، مضيفا: «ليس هناك من مشكلة عند إبطال قانون يُصاغ قانون آخر، ولم نأخذ إلا بما هو يخالف نص القانون. ونحن لسنا مع أحد ضد آخر، وسيقبض الموظفون في شهر أكتوبر (تشرين الأول) على أساس سلسلة الرواتب».
وفي حين أشارت معلومات إلى أن القرار استدعى مشاورات طارئة بين رئيسي الحكومة ومجلس النواب سعد الحريري ونبيه بري ووزير المال علي حسن خليل، رأى الأخير في حديث تلفزيوني «أن قرار المجلس الدستوري يستحقّ عقد جلسة طارئة للحكومة لبحث التداعيات وإيجاد البدائل».
وفي رد منه عما إذا كان الموظفون سيقبضون رواتبهم حسب «السلسلة»، قال: «الأمر دقيق جدا ومعقد إداريا، وبدأت بالتشاور مع رئيس الحكومة سعد الحريري».
من جهتها، قالت مصادر مصرفية لقناة «إل بي سي» إن هناك تخوفا من أن يؤدي رد قانون الضرائب على التصنيف الائتماني للبنان بعدما كان صندوق النقد الدولي رحب بخطوة مجلس النواب بإقرار السلسلة.
وقال وزير الخارجية جبران باسيل: «نحترم قرار المجلس الدستوري خصوصا لناحية وجوب إقرار الموازنة أولا وشمولها موارد السلسلة كما إقرار قطع الحساب حسب الأصول وهو موقفنا الأساسي». في حين دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إلى أن ينطلق كل بحث في موضوع الضرائب من الآن فصاعدا من قرار هذا المجلس.
ووصف وزير العدل السابق إبراهيم نجار قرار المجلس الدستوري بـ«الرسالة للسلطة الحاكمة» والخطوة التي أثبتت على استقلالية القضاء، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الكرة اليوم باتت في ملعب المجلس النيابي والحكومة اللذين عليهما التقيد بالمبادئ والأصول الدستورية بعدما تم الالتفاف عليها عبر إقرار القانون من دون إجراء «قطع الحساب» وإقرار الموازنة العامة، ومؤكدا أنه «لا علاقة عضوية من الناحية القانونية بين الاثنين».
ورأى النجار أنه «على مجلس النواب الآن البحث عن ضرائب جديدة أو الاكتفاء بالضرائب الحالية والسعي جديا لجبايتها وفق القانون، وذلك إذا كانت هناك نية جدية في سياسة الكف عن هدر نفقات الدولة وإرادة حقيقة في مكافحة الفساد»، مؤكدا أن هذه الأمور من شأنها أن تكون كافية لتأمين موارد الدولة اللبنانية.
ووافق الخبير الاقتصادي وليد سليمان النجار، مؤكدا أن الإصلاحات المالية والإدارية من شأنها أن تؤمن واردات زيادة رواتب موظفي القطاع العام، والتهويل بانهيار الوضع الاقتصادي مبالغ فيه. وأوضح سليمان لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا شك أن الوضع المالي في لبنان ليس سليما، وقد يتفاقم عجز الدين العام بوتيرة مرتفعة، وهنا يكمن الخطر إذا لم تكن هناك إصلاحات في ظل تزايد النفقات في غياب الواردات»، مشيرا إلى أنه «إضافة إلى هذه الإصلاحات فمن المتوقع أن تتقلّص موازنة عام 2017 بقيمة ألف مليار ليرة لبنانية، وهو المبلغ الذي من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تأمين هذه الواردات».
وفي حين انتقد البعض قرار الأبطال معتبرين أنه كان يفترض أن يكون جزئيا وتحديدا الموافقة على الضرائب التي فرضت على المصارف والشركات الكبيرة الخاصة، أوضح نجار، أن «قرار المجلس الدستوري لا يمنع إعادة وضع بعض الضرائب في القانون الذي يفترض أن يعمل عليه من دون أن تخرق مبدأ المساواة أمام القانون وضمن موازنة عامة تخضع للأصول الدستورية».



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».