بالونات المصمم العالمي كونز تحلّق في سماء أسواق بيروت

العاصمة اللبنانية تعدّ الرابعة في العالم التي تستضيفها

بالونات كونز -برناردو  تمثل الحيوانات الثلاثة البطة والقرد والأرنب - بالون «الباليرينا» أحدث أعمال كونز الفنية معروضة في مدينة مانهاتن - قطع نادرة من تصاميم الأميركي جيف كونز
بالونات كونز -برناردو تمثل الحيوانات الثلاثة البطة والقرد والأرنب - بالون «الباليرينا» أحدث أعمال كونز الفنية معروضة في مدينة مانهاتن - قطع نادرة من تصاميم الأميركي جيف كونز
TT

بالونات المصمم العالمي كونز تحلّق في سماء أسواق بيروت

بالونات كونز -برناردو  تمثل الحيوانات الثلاثة البطة والقرد والأرنب - بالون «الباليرينا» أحدث أعمال كونز الفنية معروضة في مدينة مانهاتن - قطع نادرة من تصاميم الأميركي جيف كونز
بالونات كونز -برناردو تمثل الحيوانات الثلاثة البطة والقرد والأرنب - بالون «الباليرينا» أحدث أعمال كونز الفنية معروضة في مدينة مانهاتن - قطع نادرة من تصاميم الأميركي جيف كونز

حطّت بالونات الفنان العالمي جيف كونز المعروفة باسم «بالون أنيمالز» (بالونات الحيوانات)، في العاصمة اللبنانية بعد أن تمّ اختيارها كواحدة من بين أربع مدن في العالم لاستضافتها.
فجيف كونز الذي يتصدّر اليوم لائحة الفنانين المعاصرين بأعماله الخارجة عن المألوف وهي كناية عن منحوتات مصنوعة من مادة الفولاذ (الستانليس ستيل) المغطاة بطبقة مرآة ملونة تعدّ الأعلى سعرا بحيث بيعت إحداها في مزاد علني جرى في دار كريستيز البريطانية بمبلغ 58.4 مليون دولار. وعادة ما تمثل تصاميمه أشكال حيوانات أليفة فيصنعها بأحجام ضخمة تتجاوز الأمتار الثلاثة بارتفاعها والطن بوزنها. وشكّلت بيروت واحدة من أربع عواصم عالمية (باريس ولندن ودالاس) استقبلت بالونات كونز المنمنمة من خلال عرضها في (مؤسسة منسي) صاحبة أهم المحلات في لبنان لبيع العلامات التجارية الفخمة في عالم فنّ المائدة. وتأتي هذه التصاميم نتيجة الشراكة التي أعلن عنها المصمم العالمي مع دار برناردو الفرنسي والمعروف في صناعة أفخم أنواع البورسلين «ليموج» في العالم.
فقد قدّمتها الدار المذكورة كقطع محدودة الطبعة (عددها 999 قطعة) بعد أن نجح ميشال برناردو في تنفيذ تصاميم كونز من مادة البورسلين، فقدّمها بقياسات صغيرة يمكن حملها باليد وعرضها كقطعة نادرة في المنزل أو المكتب.
وتعود تسميتها بـ«البالونات» كون المصمم الأميركي استوحاها من البالونات المنفوخة، التي عادة ما تزين حفلات أعياد ميلاد الأطفال فنراها معلّقة في الهواء أو معروضة على الطاولات، وتمثّل شكل حيوان معين وقد نحتت أقسامه بسهولة من البالون نفسه.
«هي بمثابة قطع فنية نادرة يمكن إيجادها اليوم في مدن باريس ولندن ودالاس الأميركية كما في بيروت، ونحن فخورون كوننا استطعنا وضع العاصمة اللبنانية على خريطة الفن العالمي». توضح ميشال فيليبيديس صاحبة محلات «منسي» في وسط بيروت في حديث لـ«الشرق الأوسط».
تباع القطعة الواحدة من هذه التصاميم بملغ 11000 يورو وتستقطب الأشخاص هواة جمع القطع النادرة، وقد لاقت إقبالا كبيرا من قبل اللبنانيين الذين يهتمّون بالفن المعاصر والحديث.
وتتألف هذه القطع من أشكال ثلاثة: «بالون سوان» أصفر (على شكل بطّة) و«بالون مانكي» أزرق (على شكل قرد) و«بالون رابيت» أحمر (على شكل أرنب) والتي كان قد سبقها منذ فترة تصميم «بالون دوغ» الذي يمثّل شكل كلب. وفي علبة أنيقة تحتوي على قفازات قطنية وشهادة موثّقة من المصممين تطالعك هذه التصاميم التي تمثّل نزعة معروفة في العالم اليوم.
هذه القطع التي اتخذت قياسات صغيرة تتراوح ما بين (21 و29 سنتيمترا) هي كناية عن تصاميم مصغرة لأعمال جيف كونز المعروضة في عدد من ساحات مدن عالمية بأحجامها الضخمة كما في نيويورك (مركز روكيفيلر التجاري).
وكان سبق للمصمم العالمي أن عرض أعماله هذه في عدد من المتاحف العالمية وبينها «فرساي» في باريس و«متحف ويتني للفن الأميركي» في نيويورك و«متحف الفن المعاصر» في شيكاغو والذي استقطب نحو 90000 زائر في عام 2008.
أما أحدث ما يتم عرضه اليوم لجيف كونز الذي تزوج في الماضي من عضو البرلمان الإيطالي شيشيولينا «بالون الباليرينا» المعروض في مدينة مانهاتن الأميركية (يبلغ ارتفاعه 14 مترا) وقدّمه تكريما للأطفال المفقودين في أميركا. وكذلك منحوتة «باقة التوليب» وهي كناية عن باقة زهور ملونة (أخضر وأحمر وفوشيا وأصفر) تقدّم بها كونز كهدية إلى مدينة باريس للتعبير عن مساندته لها ضد أعمال الإرهاب التي سادتها في عام 2016.
إذن مرة جديدة تلعب بيروت دورا بارزا في عالم الفن والثقافة، لا سيما أنها تعدّ أول عاصمة عربية تستضيف أعمال (كونز وبرناردو) اللذين يشكلان ثنائيا مشهورا في عالمي الفن الحديث والمعاصر من خلال تصاميمهما المعروفة في البورسلين والفولاذ.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».