أميركا توسع حدود المنطقة الأمنية الخضراء في كابل

ستحتضن جميع السفارات الغربية والوزارات بالإضافة إلى مقر {الأطلسي} والمباني العسكرية الأميركية

جندي يعاين آثار تفجير انتحاري داخل حي وزير أكبر خان حيث توجد سفارات في كابل (نيويورك تايمز)
جندي يعاين آثار تفجير انتحاري داخل حي وزير أكبر خان حيث توجد سفارات في كابل (نيويورك تايمز)
TT

أميركا توسع حدود المنطقة الأمنية الخضراء في كابل

جندي يعاين آثار تفجير انتحاري داخل حي وزير أكبر خان حيث توجد سفارات في كابل (نيويورك تايمز)
جندي يعاين آثار تفجير انتحاري داخل حي وزير أكبر خان حيث توجد سفارات في كابل (نيويورك تايمز)

قريباً لن يكون العاملون بالسفارة الأميركية في كابل في حاجة لأن يستقلوا مروحية «تشينهوك» لعبور الطريق إلى القاعدة العسكرية، التي لا تبعد سوى 100 قدم عن منطقة «غرين زون»، أو المنطقة الخضراء، الأمنية الحالية. والسبب هو أن حدود المنطقة الخضراء سيعاد تخطيطها لتشمل تلك القاعدة المعروفة باسم «مجمع مدينة كابل» الذي كان في السابق مقراً لقوات العمليات الخاصة الأميركية بالعاصمة الأفغانية. ويفصل المنطقة عن المدينة شبكة من رجال الشرطة والجيش ونقاط تفتيش أمنية خاصة.
وتأتي عملية التوسعة في إطار مشروعات عامة كبيرة من المقرر أن تنجز في غضون العامين القادمين، من شأنها تغيير ملامح قلب العاصمة كابل التي يبلغ تعداد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة. وستحتضن المنطقة الجديدة تقريباً جميع السفارات الغربية والوزارات المهمة، بالإضافة إلى مقر حلف شمال الأطلسي (ناتو) والمقار العسكرية الأميركية، جميعها داخل المنطقة المحمية. فبعد 16 عاماً من الوجود الأميركي في كابل، بات لا مفر من الاعتراف بأنه حتى قلب العاصمة بات تصعب حمايته من تفجيرات جماعة طالبان.
لكن لإعادة تخطيط العاصمة هدف آخر أيضاً، وهو حماية الاستثمارات الأميركية طويلة المدى. فبالإضافة إلى زيادة عدد القوات إلى 15000 جندي بدلاً من 11000 حالياً، فإن الاستراتيجية الجديدة لإدارة الرئيس ترمب تهدف إلى الإبقاء على القوات الأميركية هناك إلى ما بعد العشرينات من القرن الحالي، حتى وفق أكثر التقديرات الأميركية تحفظاً.
وأفاد بارنيت روبين، الخبير المخضرم في الشأن الأفغاني والذي عمل مستشاراً بإدارة أوباما، بأن لا أحد يريد أن يصرح بالتاريخ الذي ستنسحب فيه القوات الأميركية بصورة نهائية من هناك، وذلك لأن التركيز ينصب حالياً على انسحاب مشروط، أي بعدما تتمكن الحكومة الأفغانية من إدارة الحرب بمفردها؛ لكن الرئيس أبقى على سرية تفاصيل تلك الاشتراطات وطريقة تنفيذها. وقال روبين: «طالما أنه لم يكشف عن طبيعة تلك الاشتراطات، فهذا يعني أننا سنبقى هناك كما نشاء ولأي سبب نراه». وأضاف أنهم «غير مطالبين بالكذب لكي يفعلوا ذلك؛ لأن الأوضاع لن تكون على ما يرام لكي يقولوا إنهم ليسوا في حاجة إلينا».
وعملياً، يعنى ذلك أن القوات الأميركية ستستمر هناك لعدة سنوات، رغم عدم قبول الشعب الأميركي لذلك. فقد كتب بالفعل كثير من الاستراتيجيات الأميركية في الولايات المتحدة وأفغانستان بالقلم الرصاص، بحيث تستمر القوات الأميركية هناك في حقبة العشرينات القادمة، وبالتأكيد ستستمر حتى بعد حملة إعادة انتخاب ترمب.
فخلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي اجتمعت في العام الماضي، وافق الحلفاء، ومنهم الولايات المتحدة، على تمويل عملية تطوير قوات الأمن الأفغانية حتى نهاية ما يعرف بـ«العقد الانتقالي»، أي بدءاً من عام 2014، عندما بدأت القوات الأميركية في تولي مسؤولية أمنهم الخاص، وحتى عام 2024.
وقال بيل روجيو، محرر صحيفة «لونغ وور جورنال»: «أتوقع أنه يتعين على الولايات المتحدة التخطيط للوجود داخل أفغانستان لعشر سنوات أو أكثر، للوصول لحلول أيا كانت. وبالتأكيد سيمتد ذلك لما بعد فترة رئاسة ترمب الأولى».
وتهدف توسعات «المنطقة الخضراء» إلى تمكين القوات الأميركية وحلفاء «ناتو» من البقاء في العاصمة من دون مواجهة المخاطر التي جعلت من كابل أخطر مكان في أفغانستان العام الماضي، نظرا لازدياد أعداد القتلى هناك أكثر من أي مكان آخر في البلاد، غالبيتهم نتيجة لتفجيرات. وتعتبر المنطقة الأمنية في كابل أقل تحصينا من نظيرتها في بغداد التي تشبه الحصون المنيعة، بأسوارها العالية وانعزالها الكامل عن الناس، واستخدام خواص الاستدلال البيولوجي في الدخول.
في كابل، لا يزال آلاف الأفغان يتجهون إلى مقار عملهم وحتى مدارسهم داخل المنطقة، ولا يتعرض غالبيتهم سوى لتفتيش بسيط، نظراً للذكريات الأليمة وإحساس الكراهية الذي نما بداخلهم خلال سنوات الوجود السوفياتي، والمنطقة العسكرية التي أوجدوها بالعاصمة خلال فترة الاحتلال. وتسببت المنطقة الخضراء في بغداد - التي تعرضت لانتقادات كبيرة - في إيجاد طبقة حاكمة وجالية غربية لا يمكن الاقتراب منها، في وضع بات مثار احتجاج، نظراً لأنه لم يمنع التفجيرات هناك؛ بل نقلها إلى مناطق أخرى ليخلق حالة من السخط على القادة وعلى الأجانب داخل البلاد على حد سواء.
وجاءت عملية التوسعة في المنطقة الخضراء بكابل، التي ستعيق المرور بدرجة كبيرة، بناء على توجيهات من القادة العسكريين الأفغان والأميركان، عقب انفجار ضخم نتيجة لقنبلة زرعت داخل شاحنة مياه صرف صحي، عند بوابة المنطقة الخضراء الحالية، في 31 مايو (أيار) الماضي، ما أدى إلى تدمير أغلب مباني السفارة الألمانية، وقتل أكثر من 150 شخصاً. وكانت السفارة الألمانية قد قامت بإجلاء دبلوماسييها قبل أسبوع من وقوع الانفجار، ربما إثر تلقيها معلومات استخباراتية. وقام الجيش مؤخراً بتعيين ضابط أميركي برتبة عميد للإشراف على التوسعات الجارية في المنطقة الخضراء.
وفي المرحلة الأولى من المشروع، والتي ستستغرق ما بين ستة شهور إلى عام، ستقام منطقة خضراء على مساحة 1.86 ميل مربع، مقارنة بـ0.71 ميل مربع، بغلق الشوارع أمام الجميع باستثناء الشوارع الرئيسية.
ولأن التخطيط الجديد سيقطع شرياني مرور رئيسيين داخل المدينة في منطقة خانقة بالفعل للسائقين الأفغان، فإن الخطط تدعو إلى بناء طريق دائري في الجانب الغربي من «تل وزير أكبر خان» لاستيعاب المرور حول المنطقة الخضراء. وفي المرحلة الأخيرة، ستنشأ منطقة خضراء أكبر من سابقتها لتطوق أغلب مناطق وسط العاصمة، حيث سيجري وضع قيود صارمة على الحركة، خاصة الشاحنات. وقد جرى بالفعل وضع متاريس عالية على الطرق داخل كابل لمنع مرور الشاحنات، وفي النهاية سيجري توجيه جميع الشاحنات الراغبة في دخول كابل إلى طريق واحد، حيث ستخضع للتفتيش باستخدام أشعة «إكس».
- خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.