لبنان يرد على كلام ترمب حول اللاجئين: لا للتوطين

منظمة حقوقية تقول إن نازحي عرسال يتعرضون لضغوط للمغادرة إلى سوريا

طفلة سورية لاجئة داخل فصل دراسي بمدرسة خصصت للسوريين شمال لبنان (إ.ب)
طفلة سورية لاجئة داخل فصل دراسي بمدرسة خصصت للسوريين شمال لبنان (إ.ب)
TT

لبنان يرد على كلام ترمب حول اللاجئين: لا للتوطين

طفلة سورية لاجئة داخل فصل دراسي بمدرسة خصصت للسوريين شمال لبنان (إ.ب)
طفلة سورية لاجئة داخل فصل دراسي بمدرسة خصصت للسوريين شمال لبنان (إ.ب)

أثار كلام الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأمم المتحدة حول وضع اللاجئين، موجة اعتراض رسمية واسعة على ما فهم أنه «دعوة للتوطين»، ولاقى ردودا من قبل المسؤولين اللبنانيين مؤكدين رفضهم له.
ويعتبر التوطين موضوعا حساسا بالنسبة إلى لبنان واللبنانيين، وكانت جهات عدّة قد طرحت في وقت سابق أنه فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين أو السوريين، وهو السبب الأساسي في رفض الدولة اللبنانية إنشاء مخيمات للهاربين من سوريا الذين يقدر عددهم بنحو مليون ونصف المليون ما أدى إلى إقامة مخيمات عشوائية.
وأمس، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، في معرض الرد على ما طرحه ترمب لجهة قوله: «ندعم إعادة توطين اللاجئين في أقرب مكان من بلادهم»: «باسم النواب وبالتأكيد على مقدمة الدستور اللبناني، نرفض كل أشكال التوطين»، مشيرا إلى «أن المجلس اتخذ توصيات عدة في شأن التوطين، وتلا الفقرة (ط) من مقدمة الدستور التي تؤكد (أن لبنان وطن نهائي)»، مضيفا: «مقدمة الدستور هي أهم من الدستور نفسه»، معتبرا أنه «لا يمكن مواجهة ما ورد على لسان ترمب بالمزاح».
من جهته، قال رئيس الحكومة سعد الحريري: «لا أحد يطرح موضوع التوطين في لبنان»، مضيفا: «الكل يعرف موقفنا الرافض لهذا الأمر»، مشيرا إلى أن الكلام في الأمم المتحدة هو موقف سياسي لا يلزمنا. بدوره رد وزير الخارجية جبران باسيل عبر «تويتر» قائلا: «قال ترمب إنه بتكلفة توطين نازح في الولايات المتحدة يمكننا مساعدة عشرة في منطقتهم. أنا أقول يمكننا مساعدة مائة».
وفي كل مرة يطرح فيه موضوع توطين اللاجئين الذي يوصف بـ«الفزاعة» في لبنان، يقابل بالرفض من مختلف الأطراف السياسية، خاصة تلك التي تضعها في خانة «التغيير الديموغرافي»، وكان آخرها قبل نحو سنة حين واجه لبنان الاقتراح نفسه في تقرير لأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الذي اقترح توطين اللاجئين وتجنيسهم في لبنان والدول المضيفة، ولاقى بدوره ردود فعل مستنكرة، لتعود بعدها الأمم المتحدة، وتؤكد أنه ليس لديها أي اتجاه لحمل لبنان على تجنيس اللاجئين السوريين أو توطينهم. كذلك، كان قد أثير موضوع عودتهم قبل أشهر قليلة وانقسم حوله اللبنانيون، بين مطالب بالتنسيق مع النظام السوري لتحقيق هذا الأمر ورافض له.
ووصف المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض، يحيى العريضي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» كلام ترمب حول اللاجئين أو استضافتهم في أماكن قريبة من بلدانهم، بـ«التوليفة الجديدة» التي تتفق مع كلام رئيس النظام السوري بشار الأسد حين قال بأن «المجتمع السوري بات اليوم متجانسا»، بدل العمل على إيجاد حل سياسي وإعادتهم إلى بلدانهم. وفي حين قلّل العريضي من أهمية كلام ترمب انطلاقا من «تشوش السياسة الأميركية حيال القضية السورية»، كما وصفها، حمّل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولية ما يحصل في سوريا من تطهير عرقي واقتلاع العائلات من بلدها على أيدي النظام، قائلا: «هذا إرهاب دولي يتحملون هم كما النظام مسؤوليته، وهم الذي يدعون إلى احترام الإنسان وحقوقه، ثم يدعون إلى التوطين»، مؤكدا «المواطن السوري ترك بلده هربا من القتل وهو لم ولن يرضى البقاء في بلد آخر وسيبقى يطالب بالعودة إلى بيته».
ويعاني اللاجئون السوريون من أوضاع إنسانية واجتماعية صعبة في لبنان، وهو الوضع نفسه بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بنصف مليون لاجئ، وأن بدرجة أقل، بعد مرور سنوات طويلة على إقامتهم في لبنان، وبات معظمهم يقيم في مخيمات في عدد من المناطق اللبنانية، إنما يفتقدون للكثير من الحقوق المدنية. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت قبل أسابيع عن إيقاف المساعدات النقدية والغذائية لنحو 20 ألف عائلة لعدم توفر التمويل اللازم. وفي الإطار نفسه، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، إن الكثير من اللاجئين السوريين في عرسال، عند الحدود الشرقية اللبنانية، والتي تستقبل أكثر من 50 ألف نازح، والتي أخرجت من جرودها قبل أسابيع «جبهة النصرة» وتنظيم داعش، يواجهون ضغوطا للعودة إلى سوريا.
وقال التقرير الذي نشرته المنظمة: «عاد بعضهم بالفعل إلى سوريا بسبب الظروف القاسية في عرسال»، مؤكدة أن «عددا كبيرا من اللاجئين ليس لديهم وثائق إقامة قانونية، بالإضافة إلى وجود قيود على حرية تنقلهم، وخوفهم من الاعتقالات العشوائية على ما يبدو خلال أي مداهمة للجيش». ويقدر عدد الذين عادوا إلى سوريا منذ شهر يونيو (حزيران) بنحو سبعة آلاف شخص. وشددت المنظمة إلى ضرورة إعطاء السلطات اللبنانية الأولوية لاستعادة الخدمات وحماية المدنيين هناك، بعد المداهمات العسكرية والاتفاقات التي تم التفاوض عليها ودفعت مقاتلي التنظيمين إلى الخروج من المنطقة، داعية لبنان إلى احترام الإجراءات الأمنية حقوق المدنيين في عرسال.
وقال مدير قسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش «نديم حوري»: «زادت أوضاع عرسال سوءا إلى درجة أن لاجئين كثر عادوا إلى منطقة حرب. لدى السلطات اللبنانية مهمة صعبة متمثلة في الحفاظ على الأمن في عرسال، لكن بعد إخراج داعش والنصرة، من الضروري تحسين الخدمات وحماية المدنيين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».