عام هجري جديد... والتقويم الورقي مهدد بالانقراض في السعودية

تراجع الطلب بنحو 70 % بسبب «التقاويم الإلكترونية»

عام هجري جديد... والتقويم الورقي مهدد بالانقراض في السعودية
TT

عام هجري جديد... والتقويم الورقي مهدد بالانقراض في السعودية

عام هجري جديد... والتقويم الورقي مهدد بالانقراض في السعودية

يستقبل السعوديون اليوم العام الهجري الجديد، الذي كانوا في السابق يستعدون له باقتناء «التقاويم الورقية» التي تباع في المكتبات وتوزعها البنوك والشركات الكبرى هدية لعملائها، إلا أن هذه التقاويم الورقية باتت مهددة بالانقراض، لصالح الإلكترونية التي حلت مكانها، وتنتشر على الهواتف الجوالة، دون الحاجة إلى تقليب أوراق التقويم المكتبي، وهو ما اعتبره البعض مؤشراً على انتهاء عصر التقويم الورقي.
وأكد عاملون في سوق الدعاية والإعلان أن هذه الوسيلة الكلاسيكية أصبحت مهددة بالانقراض، مع شح توفر «التقاويم الورقية» في السوق السعودية مقارنة بالسابق، إذ بدا لافتاً غياب أرفف بيع التقاويم الورقية في الكثير من المكتبات، رغم كون هذا الأسبوع هو أهم فرصة ترويجية لها، وهو ما يربطه المختصون بتراجع الطلب على طباعتها، رغم وجود نحو ألف مطبعة عاملة في السعودية، مختلفة الأحجام ومتعددة الإنتاج.
وذكر سعد الغامدي مدير شركة السعد للدعاية والإعلان، أن التقاويم الإلكترونية أزاحت التقويم الورقي، وتابع: «الغالبية يعتمدون على الهاتف الجوال لمعرفة التاريخ والوقت، وحتى اقتناء الساعات أصبح ضعيفاً مقارنة بالسابق، فالفرد بات يعرف من هاتفه الجوال تاريخ اليوم والساعة الحالية، ما أثّر على سوق صناعة وطباعة التقاويم بشكل كبير».
وأضاف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الطلب على التقاويم الورقية انخفض بنحو 70 في المائة مقارنة بالسنوات السابقة، إذ تراجع الطلب عليها من قبل الشركات والبنوك ومختلف القطاعات التي كانت تحرص على طباعتها في السابق، كما أن ميزانية الشركات المخصصة للإنفاق على الدعاية والإعلان انخفضت إجمالاً بشكل ملحوظ هذا العام.
وأشار إلى أن تكلفة تصنيع التقويم الورقي ارتفعت بدورها، خصوصاً التقاويم الخشبية الفاخرة، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع قيمة الورق والخشب.
إلى ذلك، يرى فراس المداح مدير وكالة العنوان الرئيسي للإعلام وإدارة المناسبات، أن التقاويم الورقية لا تزال حاضرة، وتحرص عليها الشركات والبنوك والقطاعات الكبرى، وإن انخفض الطلب عليها، لكنها لم تختفِ، ورغم اعتماد معظم السعوديين اليوم على التقويم الإلكتروني الموجود في الهواتف الجوالة، فإن التقاويم الورقية تبقى لها ميزتها، فهي توضح أوقات الصلاة ومواعيد الشروق والغروب ومعلومات أخرى.
وعن تراجع الإنفاق على الوسائل الدعائية الورقية من قبل الشركات والمؤسسات الكبرى، أكد المداح أن المنتج الدعائي المطبوع انخفض الطلب عليه بشكل عام، مع انتشار المواد الإعلانية في الهواتف الجوالة والتطبيقات الإلكترونية، لأن الطرق التقنية وفرت قيمة أفضل ووصولاً أسرع إلى العملاء، لكن التقاويم وضعها مختلف، ولا تزال حاضرة في السوق رغم تراجع حجم الطلب عليها.
ويشكل الإعلان في السوق السعودية 30 في المائة من حجم الإعلان في دول الخليج مجتمعة، بحسب تقرير صادر عن «أورينت بلانيت للأبحاث». وتوقع التقرير أن يشهد الإنفاق في سوق الإعلان الإلكتروني في منطقة الخليج العربي نمواً بمعدل 20 في المائة خلال العام الحالي 2017، مدفوعاً باتساع نطاق انتشار شبكة الإنترنت في العالم العربي والذي كان له الأثر الأبرز في زيادة معدلات الإنفاق على الإعلانات الرقمية خلال العام الحالي.
وأفاد التقرير الذي حمل عنوان «سوق الإعلان الإلكتروني في الخليج العربي»، بأن معدلات الإنفاق على الإعلانات الإلكترونية إقليمياً تحقق نمواً مطّرداً، وبوتيرة أسرع من المعدل العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة، وسط توقعات بأن ترتفع بنسبة 25 في المائة خلال العام الحالي. ورجح أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب للإنفاق العالمي على الإعلانات الإلكترونية 11.9 في المائة بحلول عام 2020.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».