لندن تتبنى التنوع والاختلاف بإيجابية ورقة

الموسم الذي تبنت فيه الموضة قضايا بيئية واستقوى فيه أعداء الفرو

مناهضون لاستعمال الفرو خارج المبنى الذي تقام فيه غالبية عروض الأزياء - كارولاين راش الرئيس التنفيذي لمنظمة الموضة البريطانية وجاستين سايمونز نائبة صادق خان عمدة لندن يوم افتتاح الأسبوع - من اقتراحات النيوزلندية إيمليا ويكستيد
مناهضون لاستعمال الفرو خارج المبنى الذي تقام فيه غالبية عروض الأزياء - كارولاين راش الرئيس التنفيذي لمنظمة الموضة البريطانية وجاستين سايمونز نائبة صادق خان عمدة لندن يوم افتتاح الأسبوع - من اقتراحات النيوزلندية إيمليا ويكستيد
TT

لندن تتبنى التنوع والاختلاف بإيجابية ورقة

مناهضون لاستعمال الفرو خارج المبنى الذي تقام فيه غالبية عروض الأزياء - كارولاين راش الرئيس التنفيذي لمنظمة الموضة البريطانية وجاستين سايمونز نائبة صادق خان عمدة لندن يوم افتتاح الأسبوع - من اقتراحات النيوزلندية إيمليا ويكستيد
مناهضون لاستعمال الفرو خارج المبنى الذي تقام فيه غالبية عروض الأزياء - كارولاين راش الرئيس التنفيذي لمنظمة الموضة البريطانية وجاستين سايمونز نائبة صادق خان عمدة لندن يوم افتتاح الأسبوع - من اقتراحات النيوزلندية إيمليا ويكستيد

«في لندن كل واحد منا يختلف عن الآخر، وهذا يعني أن الكل يمكنه أن يتأقلم فيها، ويشعر بالانتماء إليها» هذا ما قاله الفليسوف بادينغتون بير، واستشهدت به جاستين سايمون، نائبة عمدة لندن، صادق خان، في الخطاب الذي افتتحت به أسبوع لندن لربيع وصيف 2018.
وهي محقة في هذا القول، لأن لندن «تتكلم 300 لغة»، وتضم جنسيات وثقافات متنوعة، فضلاً عن احتضانها المواهب، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والسياسية. هذا التنوع هو الذي يحدد شخصيتها على المستوى العالمي، ويجعل كل القائمين على المجالات الإبداعية عموماً، والموضة خصوصاً، يبذلون كل ما في طاقتهم للحفاظ على هذه الشخصية. رفضهم لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مثلاً، لا يزال قائماً لم يتغير. فالكل يعرف حاجة لندن إلى مواهب ويد عاملة من كل أنحاء العالم، سواء تعلق الأمر بالمصممين أو بالحرفيين.
بيد أن اللافت في الأسبوع هذه المرة، أن حديث الموضة لم يكن عن «بريكست» وتبعاته على صناعتهم، بقدر ما كان عن حماية البيئة، وما تستلزمه من توعية.
فرغم أن النقاشات الجارية حالياً بين الفريق البريطاني وفريق الاتحاد الأوروبي لا تُبشر بالخير، ترفض «منظمة الموضة» التشاؤم واستباق الأمر بدق نواقيس الخطر. فما دامت النقاشات جارية لا يزال هناك أملٌ في التوصل لحل وسط يُرضي كل الأطراف. ما يرضي «منظمة الموضة» هو أن تبقى لندن مركزاً تجارياً عالمياً، وفي الوقت ذاته مهداً لتفريخ المواهب.
اللافت هذا الموسم، أن الأولوية كانت للبيئة من خلال حركة تتبناها «منظمة الموضة»، وتتزعمها المصممة المخضرمة فيفيان ويستوود. فهذه الأخيرة لا تتحفنا بإبداعاتها فحسب، بل أيضاً بمواقفها السياسية والإنسانية منذ عقود من الزمن. هذه الحركة تمخضت عن مبادرة «سويتش» (SWITCH)، التي انخرط فيها العديد من العاملين في المجالات الإبداعية، من مصممين وأصحاب محلات إلى ناشرين. من المصممين مثلاً نذكر كريستوفر رايبورن، وستيلا ماكارتني، وتيتوم جونز، وإي.توتز، ومن المحلات «هارفي نيكولز» و«سيلفريدجز»، فضلاً عن مجموعة «كيرينغ» الضخمة، التي تمتلك عدة بيوت أزياء مثل «ألكسندر ماكوين» و«ستيلا ماكارتني» و«سيلين» وغيرها.
من أولويات هذه المبادرة، أن تجعل الموضة قطاعاً إيجابياً بزيادة التوعية بأهمية الموضة المستدامة، ورعاية اليد العاملة والحرفيين، وتوفير الصحة للعارضات، مع مراعاة جانب التنوع والاختلاف وطرق التعامل مع الحيوانات، والشركات التي يجب التعامل معها، لأنها تحترم معايير الصيد والسلخ والدباغة، وما شابه من أمور.
قبل انطلاق الأسبوع بيوم واحد، أرسلت منظمة الموضة البريطانية رسالة تنصح فيها ضيوفها بعدم ارتداء الفرو، طبيعياً كان أم اصطناعياً، بالنظر إلى أن هذا الأخير أصبح متطوراً بشكل يعطي الانطباع أنه أصلي. سبب النصيحة ليس موقفاً شخصياً أو رفضاً لاستعمال الفرو، فهي ترفض التدخل في اختيارات المصممين، أو فرض أي شروط عليهم، عندما يتعلق الأمر بالإبداع، لكنه بكل بساطة خوفاً من ردات فعل المناهضين لاستعمالاته. فقد تلقت تهديدات من منظمة الرفق بالحيوان اسمها «سيرج» جاء فيها «أنها ستقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الظهور به لإحراجه».
قد يتساءل البعض: ما الجديد في الأمر، فهم دائماً يتظاهرون أمام مبنى الأسبوع؟ ثم أليس أحرى بالمنظمة أن تُحذر مما هو أخطر بكثير مثل الهجمات الإرهابية، خصوصاً أن واحدة منها وقعت في مترو «بارسنز غرين» يوم انطلاق الأسبوع؟ الجواب بكل بساطة، أن المناهضين اكتسبوا قوة أكبر من ذي قبل، كما أصبحوا أكثر شراسة. وبالفعل فإن تجمعهم في مكان عرض دار «بيربري» بالمئات كان مثيراً للخوف. فرغم تواجد العشرات من رجال الشرطة، واصطفاف عدد من رجال الأمن والعاملين في «بيربري» مكونين حاجزاً يحمي الضيوف من غضبهم، أرسلت أصواتهم العالية ونظراتهم التي يتطاير منها الشرر قشعريرةً في الأوصال.
من وجهة نظر «بيتا» أو «سيرج» وغيرهما من المنظمات المناهضة لاستعمال الفرو، بإمكان المصممين الإبداع من دونه. ففي عام 2016 أجريت دراسة أفادت بأن 86 في المائة من المصممين المشاركين في أسبوع لندن، لم يستعملوا الفرو، وبأن 95 في المائة من البريطانيين يرفضون شراءه وارتداءه، إضافة إلى أن محلات كبيرة مثل «سيلفريدجز» و«ليبرتي» لا تبيعه.
حتى جيورجيو أرماني أعلن في العام الماضي عزوفه عن استعماله. لكن كل هذا لا يكفي لإيقاف عمليات صيد الحيوانات وتعذيبها بطرق ذبح وسلخ غير رحيمة، من أجل الحصول على جلودها وفروها، في الوقت الذي أصبحت فيه صناعة الموضة متطورة، ويمكن اعتمادها على طرق وتقنيات تقدم الجودة نفسها من دون تعذيب أي من الكائنات الحية. بيد أن المشكلة تبقى في الأسواق النامية، لأنه رغم أن بعض المصممين لا يرون حاجة إليه، فإنهم يعرفون أنه طريق سهل للوصول إلى زبونات عالميات لا يزلن يرينه عنواناً للترف والجاه.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.