بين دوناتيلا فيرساتشي وجيورجيو أرماني قصة مفصلة بالألوان

من عرض «فيرسيس» - من عرض «امبوريو أرماني}
من عرض «فيرسيس» - من عرض «امبوريو أرماني}
TT

بين دوناتيلا فيرساتشي وجيورجيو أرماني قصة مفصلة بالألوان

من عرض «فيرسيس» - من عرض «امبوريو أرماني}
من عرض «فيرسيس» - من عرض «امبوريو أرماني}

أطرف ما قاله محرر أزياء صحيفة إيطالية يحضر أسبوع لندن للمرة الخامسة، أن نيويورك بحاجة إلى عملية إسعاف قوية بالمقارنة بالعاصمة البريطانية. عندما رأى علامات الاستغراب ترتسم على وجوه مستمعيه، صمم على رأيه شارحا أن أسبوع نيويورك يحتضر منذ فترة وعلى القائمين عليه أن يتعاملوا مع الأمر بشكل جدي، خصوصا وأن لندن تسحب البساط من تحته بالتدريج، سواءً من حيث الابتكار والقدرة على إرضاء كل الأسواق، أو من حيث استقطاب المشاهير ومصممين عالميين من حجم جيورجيو أرماني و«فيرساتشي» وتومي هيلفيغر وغيرهم.
بعد ردة الفعل الأولية وما خلفته من صدمة، بدأ الكل يوافقه الرأي. صحيح أن أسبوع لندن لا يسلم من بعض المطبات، فهو يتأرجح بين القوة والضعف من موسم إلى آخر، لكنه دائما يخرج غانما. قوته تكمن في تعلمه من أخطائه وسرعة تصحيحه لها. في كل الأحوال من خلال حقنه بتمويلات مادية ودعم مصمميه الشباب وتوعيتهم بضرورة الجمع بين الفني والتجاري. والمقصود هنا تحفيزهم على تحقيق المعادلة الصعبة من دون التنازل عن عنصر الابتكار. وهذا ما نجحوا فيه بدليل إقبال كثير من بيوت الأزياء العالمية على توظيف خريجي معاهدها الشهيرة والاتكال عليهم لحقنها بدماء شابة. قد تكون دوناتيلا أكثر من تقدر هذه الدماء وتستعين بها في الوقت الحالي لكنها ليست الوحيدة ولن تكون الأخيرة.
الأحد الماضي وهو نفس اليوم الذي قدم فيه الثنائي مايكل فوس وبيتر بيلوتو وماري كاترانزو وألسي تامبرلي وجيورجيو أرماني عروضهم، قدمت هي عرضها الخاص بخطها الأصغر «فيرسيس».
اختارت معهد «سانترال سانت مارتن للموضة» مكانا للعرض لسببين. الأول لترسخ في أذهاننا اهتمامها بالمواهب الصاعدة، الذي يتجسد غالبا في تعاونات مع خريجي هذا المعهد. وثانيا لأنه تزامن مع منحة باسم أخيها جياني الذي لقي مصرعه في ميامي منذ 20 عاما، تخصصها للطلبة المتفوقين فيه، .
عرضها أكد لنا حرباء تتلون مع الزمن. لأنها تنتمي إلى مدرسة تختلف عن المدرسة التي يقودها ابن بلدها جيورجيو أرماني، منينا أنفسنا بطبقين دسمين وبنُكهتين مختلفين تماما. فهو يميل إلى الخطوط البسيطة والألوان الترابية والتفصيل المحدد على الجسم بينما تميل هي إلى الأنوثة والإثارة والألوان الصارخة. غير أنها لـ«فيرسيس ربيع وصيف 2018» تبنت أسلوبا أقل دسامة من ناحية الجرأة والإثارة باستثناء القطع القصيرة جدا. مثل أرماني، قدمت الكثير من القطع المفصلة. الفرق أنها تعبق بروح رياضية.
فأرماني، الذي خصص عرضه لخطه «أمبوريو أرماني»، اختار ميناءً قديما للتبغ شرق لندن تماشيا مع موضة المصممين الشباب في اختيار أماكن مهجورة وغريبة لمنح عروضهم صبغة شبابية. وهذا ما ظهر أيضا في اقتراحاته لربيع وصيف 2018. صحيح أنها حملت كل بصماته، فهو لا يزال يُشرف على كل صغيرة وكبيرة بنفسه، إلا أنها تخففت من غلوائها. الأكتاف مثلا زادت نعومة. تفسيره لهذا أنه لم تعد هناك حاجة إليها «فالمرأة يمكن أن تكون قيادية وتبدو قويى في فستان من الموسلين» حسب قوله. درجات الألوان أيضا ابتعدت عن الألوان الترابية المفضلة لديه وتفتحت بألوان الطبيعة مثل الأزرق السماوي والأحمر. تجدر الإشارة إلى أن آخر مرة عرض فيها أرماني بلندن كانت منذ 11 عاما. تسليط الضوء على محله الواقع بـ«بوند ستريت» والذي خضع لعملية تجميل كبيرة كان السبب الرئيسي لعودته.
بدورها حرصت دوناتيلا فيرساتشي على ألوان الطبيعة المتفتحة أحيانا والصارخة أحيانا أخرى مثل الأخضر الفستقي الساطع والأحمر. لكنها لم تتجاهل الأسود والأبيض وألوان أكثر كلاسيكية. الفرق أنها لعبت عليها من حيث الخطوط لتُكسبها حيوية. شملت التشكيلة شورتات وتنورات قصيرة جدا وجاكيتات من غير أكمام مرصعة وقمصان من كل شكل ولون بعضها بياقات كُتب عليها اسم فيرسيس بالبنط العريض.
باستثناء فستان بالأخضر الفستقي الساطع محدد على الجسم وتنورة متباينة الطول، وقطع أخرى زينت بسلاسل أو مصنوعة من الصوف، تسلطن الأسود في العرض. على الأقل في البدلات المفصلة، التي كانت الخيوط التي حيكت بها الجاكيتات تظهر واضحة كجزء من التزيين. أما البنطلونات فجاءت ضيقة لتتسع من أسفل مستحضرة موضة السبعينات من القرن الماضي. بالنسبة لدوناتيلا كان لا بد من تقديم الجديد لأن «معظم صغار السن لا يريدون أن يكونوا جزءا من كل بقدر ما يطمحون إلى التميز والاختلاف» وهذا ما قدمته لهم من خلال قطع تمنحهم فرصة استعراض استقلاليتهم بطريقتهم الخاصة.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
TT

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن الأوضاع لن تكون جيدة في عام 2025. فالركود الاقتصادي مستمر، وسيزيد من سوئه الاضطرابات السياسية وتضارب القوى العالمية.

حتى سوق الترف التي ظلت بمنأى عن هذه الأزمات في السنوات الأخيرة، لن تنجو من تبعات الأزمة الاقتصادية والمناوشات السياسية، وبالتالي فإن الزبون الثري الذي كانت تعوّل عليه هو الآخر بدأ يُغير من سلوكياته الشرائية. مجموعات ضخمة مثل «إل في إم آش» و«كيرينغ» و«ريشمون» مثلاً، وبالرغم من كل ما يملكونه من قوة وأسماء براقة، أعلنوا تراجعاً في مبيعاتهم.

أنا وينتور لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

لكن ربما تكون بيوت بريطانية عريقة مثل «مالبوري» و«بيربري» هي الأكثر معاناة مع قلق كبير على مصير هذه الأخيرة بالذات في ظل شائعات كثيرة بسبب الخسارات الفادحة التي تتكبدها منذ فترة. محاولاتها المستميتة للبقاء والخروج من الأزمة، بتغيير مصممها الفني ورئيسها التنفيذي، لم تُقنع المستهلك بإعادة النظر في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير لم يتقبله. استراتيجيتها كانت أن ترتقي باسمها لمصاف باقي بيوت الأزياء العالمية. وكانت النتيجة عكسية. أثبتت أنها لم تقرأ نبض الشارع جيداً ولا عقلية زبونها أو إمكاناته. وهكذا عِوض أن تحقق المراد، أبعدت شريحة مهمة من زبائن الطبقات الوسطى التي كانت هي أكثر ما يُقبل على تصاميمها وأكسسواراتها، إضافة إلى شريحة كبيرة من المتطلعين لدخول نادي الموضة.

المغنية البريطانية جايد ثيروال لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

هذا الزبون، من الطبقة الوسطى، هو من أكثر المتضررين بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فإن إمكاناته لم تعد تسمح له بمجاراة أسعار بيوت الأزياء التي لم تتوقف عن الارتفاع لسبب أو لآخر. بينما يمكن لدار «شانيل» أن ترفع أسعار حقائبها الأيقونية لأنها تضمن أن مبيعاتها من العطور ومستحضرات التجميل والماكياج وباقي الأكسسوارات يمكن أن تعوض أي خسارة؛ فإن قوة «بيربري» تكمن في منتجاتها الجلدية التي كانت حتى عهد قريب بأسعار مقبولة.

المعطف الممطر والأكسسوارات هي نقطة جذب الدار (بيربري)

«مالبوري» التي طبّقت الاستراتيجية ذاتها منذ سنوات، اعترفت بأن رفع أسعارها كان سبباً في تراجع مبيعاتها، وبالتالي أعلنت مؤخراً أنها ستعيد النظر في «تسعير» معظم حقائبها بحيث لا تتعدى الـ1.100 جنيه إسترليني. وصرح أندريا بالدو رئيسها التنفيذي الجديد لـ«بلومبرغ»: «لقد توقعنا الكثير من زبوننا، لكي نتقدم ونستمر علينا أن نقدم له منتجات بجودة عالية وأسعار تعكس أحوال السوق».

الممثل الآيرلندي باري كيغن في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

«بيربري» هي الأخرى بدأت بمراجعة حساباتها؛ إذ عيّنت مؤخراً جاشوا شولمان، رئيساً تنفيذياً لها. توسّمت فيه خيراً بعد نجاحه في شركة «كوتش» الأميركية التي يمكن أن تكون الأقرب إلى ثقافة «بيربري». تعليق شولمان كان أيضاً أن الدار تسرّعت في رفع أسعارها بشكل لا يتماشى مع أحوال السوق، لا سيما فيما يتعلق بمنتجاتها الجلدية. عملية الإنقاذ بدأت منذ فترة، وتتمثل حالياً في حملات إعلانية مبتكرة بمناسبة الأعياد، كل ما فيها يثير الرغبة فيها.